«دساتير مصر المتعاقبة، وصولا لدستور 2014 وضعت التزاما دستوريا على الدولة بعلاج مواطنيها بالمجان، خاصة غير القادرين منهم وذلك الالتزام لا تستطيع التخلى عنه بحجة عدم توافر الاعتمادات المالية أو تحت أى ذريعة أخرى، فالدولة ملتزمة من خلال أجهزتها وهيئاتها ومن بينها المجالس الطبية المتخصصة والهيئة العامة للتأمين الصحى بتوفير العلاج والرعاية الطبية لجميع المواطنين بما فى ذلك إجراء العمليات الجراحية، وهذا الالتزام لا يسقط عن الدولة إلا باستقرار الحالة المرضية أو الشفاء، لان هذا ليس هبة من الدولة تمنحها لمن تشاء وتمنعها عمن تشاء، ولكنه من أقدس واجباتها تحقيقا لخير الوطن ونشرا للأمن والسلام الاجتماعى بين جميع طبقات الشعب. وللأسف الشديد مابين نصوص الدستور والواقع الذى نعيشه ضروب شاسعة يظهرها تضارب بيانات وإحصائيات تصدرها جهات حكومية ، فتارة يؤكد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن تكاليف العلاج على نفقة الدولة خلال العام الماضى انخفضت بنسبة 48.7% لتصل إلى نحو مليارى جنيه مقابل 3.9 مليار جنيه خلال العام الأسبق، بينما تؤكد بيانات أخرى لمجلس الوزراء أن إجمالى قيمة العلاج على نفقة الدولة بالداخل ارتفعت خلال شهر نوفمبر بنسبة 28.2 بالمائة مقارنة بشهر أكتوبر الماضى ،ويتبلور التضارب أيضا فى أبرز صوره بالمعاناة التى يعايشها المرضى من البسطاء والمعدمين فى رحلة البحث عن العلاج والحصول على القرار العلاجى أو استكماله وعذابهم من ابتزاز المستشفيات لهم فى كل الأحوال وبحجج مختلفة سواء بتأخر إصدار القرار العلاجى أو أن القرار لا يغطى تكلفة الحالة المرضية بالمستشفى ولذا توجهت «تحقيقات الأهرام» لطرح تلك المشاكل ومعاناة المرضى على رئيس المجالس الطبية فى محاولة للوقوف على الحلول لها وتوقيت انتهائها وحصول المريض المصرى المعدم على حقه الأصيل فى العلاج على نفقة الدولة دون ذل أو ابتزاز أو مماطلة « وفى طريق توجهنا للقائه كنا نحمل بداخلنا المشاهد الراسخة لدينا ولفترة قريبة جدا من زحام وطوابير المرضى وأنينهم من الألم ومن سوء معاملة العاملين ومن تأخر إصدار القرارات ، وتجول بخاطرنا كم المآسى والشكاوى التى نتلقاها ونقابلها يوميا من المرضى عن عدم تغطية القرارات لنفقة علاجهم ، إلا أنه فور وقوع أقدامنا داخل صالة استخراج القرارات فوجئنا باختلاف المشهد عن الأسابيع الماضية وتساءلنا أين ذهب المرضى؟ وهل يئسوا ووفروا على أنفسهم العناء؟ «. عندما التقينا الدكتور حسن ناجى رئيس المجالس الطبية المتخصصة أكد انه لا يوجد مرض من الأمراض تخرج عن سقف أو إمكانيات المجلس ، فنحن نقرر العلاج طبقا لبروتوكولات العلاج المحددة لكل منها ،والذى يحدد وفقه نوعيات الدواء الذى تلزمه والتكلفة المتوسطة له ، وعلى أساس ذلك يتم التعامل مع المرضى بعد إجراء الكشف عليهم وتشخيص حالتهم وبناء على ذلك يتم إرسال القرار العلاجى بالقيمة التى تم تقديرها من قبل أساتذة الطب فى نفس التخصص ، ويشير ناجى أن المجالس الطبية لها أكثر من نشاط وأشهرها علاج المواطنين على نفقة الدولة ، وبالتحديد للمواطن الذى لا يتمتع بأى تغطية تأمينيه على مستوى الجمهورية والذى من حقه أن يتقدم لأى مستشفى حكومى أو جامعى ويعرض أمامها وهناك يتم عقد لجنة ثلاثية مكونة من ثلاثة أطباء بالمستشفى لتحدد نوعية مرضه والعلاج الذى يحتاجه سواء كان بالدواء أو بإجراء عملية جراحية له وتثبته فى تقرير والذى كان يسلم فى الفترة الماضية للمريض باليد وذلك كان يمثل عبئا زائدا ويتطلب سفره من بلده من أى محافظة لتقديم الورق للمجلس بالقاهرة ويتابع وينتظر دوره لإصدار القرار وهذا كان بمثابة تعذيب للمريض ، ويؤكد الدكتور حسن ناجى أن مشهد الطوابير أمام نوافذ العاملين بالمجلس قبل ثلاثة أسابيع ومع بدايتى تسلمى مهام العمل بالمجلس كانت رهيبة وسط زحام شديد وطوابير ممتدة، وهو الأمر الذى اتخذنا معه إجراءات فورية بحيث تغير الوضع الان وانتهت الطوابير والزحام . ويضيف دكتور حسن ناجى أنه رأى من الأيسر على المريض إرسال كافة التقارير الطبية من المستشفيات عبر شبكة الانترنت وتلقى التقارير بنفس الطريقة، بالإضافة إلى ذلك يعمل المجلس حاليا على تحضير المراكز ، داخل المستشفيات وتوصيلها بشبكة الانترنت بحيث لا نطالب المستشفيات إلا بتوفير جهاز كمبيوتر وآلة مسح ضوئى « إسكانر» والمجلس سيتولى تدريب العاملين لديهم وتأهيلهم لكيفية إرسال التقارير ومعلومات المريض على الشبكة ويؤكد الدكتور حسن ناجى أنه فى إحدى الفترات السابقة كان يتم تأخير الطلبات التى ترد إلى المجلس ولكننا تمكننا خلال الثلاثة أسابيع الماضية من إصدار ما يزيد عن 30 ألف قرار المتأخرة والتى كانت موجودة فى قائمة الانتظار. ويشير ناجى إلى أن العمل بالمجلس منذ أسبوع يسير بنظام اليوم بيومه بحيث يتم العمل على إصدار كافة القرارات التى ترد إلينا فى نفس اليوم بحيث إن إصدار التقارير للمرضى لا يستغرق الآن أكثر من ساعة وإذا لاحظ أو اشتكى أى مريض من تأخر إصدار قرار فهذا ليس المسئول عنه المجلس بل من المستشفيات والتى يتأخر العاملون بها عن تدوين تلك التقارير على الشبكة ، فللأسف لازالت بعض المستشفيات تقاوم إرسال التقارير عبر الشبكة ، لان الأسهل بالنسبة لهم ان يرسلوا مندوبا منهم كل أسبوع بمجموعة طلبات ورقية إلى المجلس ويطالبوننا بإصدارها تقارير ونضطر للتعامل معهم حاليا حتى لا نعطل قرارات علاج المرضى. ويضيف ناجى ان المجلس حيال تلك التصرفات طالبهم بالاختيار مابين أمرين إما إرسال التقارير مباشرة عبر الشبكة إن توافرت لديهم أو أن يتوجه مندوب المستشفى لأقرب مجلس طبى فرعى تابع للمجلس الطبية بتلك المحافظة ويعطيهم المعلومات ويتم إرسالها لنا على الشبكة ويتم الرد عليها من قبلنا فى نفس اليوم خاصة نحن نعمل من السابعة صباحا للسابعة مساء ، وبالفعل هناك أكثر من مائتى مستشفى من الأربعمائة مستشفى التى نتعامل معها ترسل لنا التقارير والمعلومات عن المرضى عن طريق شبكة الانترنت وجار حاليا التحضير لدخول مائة مستشفى أخرى لهذه الخدمة. أما عن عدم تغطية القرارات لتكلفة المرض الذى يعانى منه المواطن وتطالبه المستشفى بدفع الفرق أو السعى لاستكمال قيمة العلاج على نفقة الدولة. فيؤكد الدكتور حسن ناجى أن كل مرض وضع كود خاص بتكلفة علاجه والتى حددها الأطباء المتخصصون بعد دراسة دقيقة والوقوف على متوسط العلاج لكل حالة، فعملية القلب المفتوح كمثال وضع لها المتخصصون فى ذلك المجال تكلفتها الشاملة للعلاج والإقامة للمريض وكذلك باقى الأمراض والعمليات الجراحية ، ولابد أن يكون واضحا أن القرار بالعلاج على نفقة الدولة ينص به على أن العلاج يتم بدون مساهمة من المريض، ولذا من يتعرض لمثل تلك المشاكل ويذكر له المستشفى أن قيمة القرار العلاجى لا تغطى تكلفة علاج مرضه عليه أن يقوم بإبلاغنا فورا بذلك وفور التأكد من تلك الواقعة سيتم وقف التعامل مع هذا المستشفى، فالعلاج على نفقة الدولة لو أن المستشفيات متيقنة من أنه يسبب خسارة لها ما كانت لتقبل التعامل معه من الأساس، فنحن نتعامل مع المستشفيات الجامعية والحكومية التابعة لوزارة الصحة وكلاهما لها ميزانية من الدولة وهم يحصلون على العلاج على نفقة الدولة على التكلفة الفعلية لعلاج المريض الذى تكفله الدولة وليس المفروض علينا محاسبته على أنه مريض خاص ، فمريض نفقة الدولة مريض مصرى يجب أن نضعه فوق رؤوسنا، ونحن بصدد عمل خط ساخن يتلقى مباشرة شكاوى المواطنين من العقبات التى تواجههم بالمستشفيات وتعيق حصولهم على العلاج للعمل على حلها فورا. وعن مدى إمكانية سفر المرض غير القادرين للعلاج فى الخارج إذا ما استدعت حالتهم ذلك. أكد الدكتور حسن ناجى لأن المريض الذى لا يتوافر له علاجه بالداخل فمن حقه السفر للخارج للحصول على العلاج المطلوب وذلك يتم من خلال تشكيل لجنة السفر للخارج من كبار الاستشاريين والتى تفحص أوراق المريض وتقف على مدى توافر علاجه داخل جمهورية مصر العربية من عدمه ، وفى حال توافره تؤكد ذلك وتذكر الأماكن التى يوجد بها ، أما فى حال عدم توافر ه داخل مصر ترفع مذكرة لوزير الصحة متضمنة اقتراحا بسفر المريض للخارج لتلقى العلاج اللازم له. وأشار ناجى إلى أن عدد الحالات التى سافرت للعلاج للخارج خلال العام الحالى بلغت 23 حالة يعانون من أمراض مختلفة وليس لها علاج فى مصر. وعن دور العلاج على نفقة الدولة فى زراعة الكبد والكلى لغير القادرين أكد الدكتور حسن ناجى أن العلاج على نفقة الدولة يتكفل بعلاج هذه الحالات طبقا للكود المحدد لها بحيث يساهم بمبلغ 75 ألف جنيه من تكلفة عملية زراعة الكبد، وهذا الكود كما ذكرنا يضعه الاستشاريون والأساتذة المتخصصون وليسوا من العاملين بالمجالس، وما نود التأكيد عليه أنه سيتم قريبا إعادة تقييم تلك الأكواد خاصة أنها من موازنة الدولة ووزارة الصحة والتي تكفى لتغطية نفقات العلاج على نفقة الدولة بل ونضيف عليها علاجات حديثة ومرتفعة الثمن ومنها علاج فيروس سى الجديد والذى أصدرنا للعلاج به ما يزيد عن 2200 قرار علاج ثنائى و2400 قرار علاج ثلاثى كما أصدرنا أكثر من 10 آلاف قرار أبحاث لعلاج السوفالدى وخلال الفترة المقبلة ننتظر تغطية عدد كبير من المرضى غير القادرين ، واوضح ناجى أنه يرد للمجالس الطبية يوميا تقارير للعلاج بفيروس سى ما يزيد عن أربعمائة حالة « وينتظر زيادتها مع الوقت» ويصدر لها القرارات فى نفس اليوم بالعلاج والتحاليل لمدة ثلاثة أشهر ، كما أشار ناجى إنه خلال الفترة من 30 يونيو 2013 حتى 30 يوليو 2014 أصدرنا قرارات علاج لحالات الكبد بالإنترفيرون لما يزيد عن 250 ألف حالة أما أمراض الكلى 92الف حالة والأورام ما يزيد عن 250 ألف حالة أما أمراض القلب فأصدرنا تقارير لما يزيد عن 130 ألف حالة بحيث بلغت النفقات على تلك الحالات ما يزيد عن ثلاثة مليارات جنيه. وعن مدى تعاون العلاج على نفقة الدولة مع مستشفيات غير الحكومية والجامعية. أكد الدكتور حسن ناجى أنه فى حال وجود أمراض لا يوجد لها علاج أو تخصص فى المستشفيات الحكومية والجامعية نحيلها إلى المستشفيات التى يوجد معها بروتوكول تعاون يلزم باستقبال المريض وعدم رفضه ولا يحصل من المريض على نفقات إضافية لان بروتوكولات التعاون الموقعة مع كل المستشفيات تشترط ألا يقبل المستشفى مساهمة من المريض وفى حالة مخالفة تلك المستشفيات للشروط فعلى المريض إبلاغنا بذلك ولكن للأسف فى كثير من الأحوال المريض يتباطأ فى الإبلاغ ويترك حقه يضيع.