كان محمد على باشا الكبير يحلم بتغيير وجه الحياة فى مصر ونقلها لمصاف الدول المتقدمة وكان يملك رؤية لتحقيق ذلك تتضمن إرسال البعثات العلمية لفرنسا وإنشاء صناعات متطورة وإدخال محاصيل جديدة وتطوير الرى والتعليم وإقامة جيش حديث ولكن مشكلته الرئيسية كانت الجهاز الإدارى للدولة الذى كان ينتمى فكريا للعصور الوسطي. أمام هذه المشكلة اضطر محمد على لتولى مسئولية الإشراف المباشر على تطوير قطاعات الدولة دون استثناء لعدة سنوات حتى تم تأهيل الكوادر القادرة على تنفيذ رؤاه المتطورة. ولم يكن محمد على يملك خيارا آخرا، لأن الاستعانة بالكوادر التى كانت متاحة فى بداية عهده كان يعنى الفشل التام لبرنامجه الإصلاحى لأن قدراتهم لم تكن تتناسب مع طبيعة المهام المطلوب تنفيذها. أعتقد أن الرئيس السيسى يواجه مشكلة مماثلة فى الوقت الحالى فأفكاره للنهوض بمصر وفى وقت قياسى تفوق قدرات الجهاز الإدارى للدولة المترهل والذى يعانى انعدام الكفاءة وتفشى المحاباة والمحسوبية، والذى لا يعرف مهارات الخلق والابتكار. وتصريحات الرئيس حول تأخر الإعلان عن حركة المحافظين لأنه يبحث بنفسه عن الكفاءات تؤكد أنه يسير على نهج مؤسس مصر الحديثة لأنه (كما كان الحال مع محمد علي) لا يملك خيارا آخرا سوى التدخل الشخصى لضمان تنفيذ رؤاه الإصلاحية على أكمل وجه. وفى هذا الإطار أيضا يأتى اعتماد الدولة على القدرات المتوافرة فى القوات المسلحة وهى أكثر الهيئات تماسكا وانضباطا وكفاءة فى تنفيذ كثير من المشروعات القومية لأننا نمر بفترة حرجة ومطلوب تحقيق إنجازات كبرى فى وقت سريع. يتبقى بعد ذلك ايجاد جيل جديد من الإداريين القادرين على تحمل المسئولية، لتتسع بذلك دائرة المنفذين لسياسات الدولة وصولا للقواعد الشعبية، وهو أكبر تحد يواجه الرئيس حاليا. [email protected] لمزيد من مقالات سامح عبد الله