فى صبيحة أحد أيام شهر نوفمبر الماضى فاجأ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين المجتمع بقرار رئاسى كان لافتا أحدث جلبة فى روسيا ودول عديدة عدة أسابيع لكن أحدا من هؤلاء من العالم لم يستطع أن يزايد عليه بعد أن منع بلاده من الانزلاق فى الابتذال والعرى والسوقية وفضائح الجنس سواء بشكل مباشر ورمزى فى أعمال الأدب والسينما وسائر مناحى الثقافة والابداع داخل المجتمع الروسى بهدف الحفاظ على قيم واخلاقيات مجتمعه من السقوط الاخلاقى المدوى للدولة. وكان مناسبة هذا القرار بعد تزايد موجة من الممارسات غير الاخلاقية فى سائر اعمال السينما والمسرح وفروع الثقافة ويومها أصدر تشريعات مغلقة على كل من يخترق قوانين الذوق العام وأخلاقيات المجتمع ويروج للفاحشة والفسق والفجور فى الاعمال الأدبية والفنية. الآن فقط اكتب واطالب الرئيس السيسى أو الدولة لاصدار قوانين وتشريعات عاجلة مماثلة حماية للذوق العام ومنع انهيار قيم واخلاقيات المجتمع التى باتت سمعته وسمعة مواطنيه على المحك حيث لم نعد نحتاج الى من يعلق الجرس للنيل من المصريين بعد أن بلغ بنا الاسفاف والانحطاط الاخلاقى ذروته عبر اعمال فنية وسينمائية ودراما وأعمال روائية أقرب إلى الكارثة وثقافة «البورنو» أنا هنا لست ضد حرية التعبير والابداع وضد التحريض على التنوع والتعدد الثقافى بكل اشكاله فانا صحفى وكاتب قضى 25 عاما فى هذه المهنة وعانى كثيرا من عدم نشر موضوعاته ومقالاته مرات كثيرة . لكن فى ضوء ما يشهده المجتمع من تراجع وخلل وسقوط اخلاقى تروج له سينما المقاولات.. وتجار اللحمة والعملة وجاهلو التعليم والمعرفة والثقافة فتلك كارثة.. اذا كيف تسمح الدولة والرقابة على مدى السنوات الماضية وحتى الأمس باستمرار تلك النوعية من الافلام الهابطة التى تنشر الفاحشة والفجور وتروج للفتن والرذيلة واعمال البلطجة والسطو والقتل وحمامات الدم المسفوك فى حوارى وعشوائيات مصر، أى تضرب قيم هذا المجتمع فى مقتل وضرب واشاعة الفوضى الجوالة وهو ما نعانى منه اليوم على مدى الساعة فى كل مكان فى هذا الوطن. كنت اعتقد انه بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو سيتغير الوضع وسيحدث التحول الثقافى والفن المأمول فى المجتمع وستتغير قواعد اللعبة الأدبية والسينمائية عبر ظهور كتابات جادة وروايات سينمائية تنتصر لمبادئ الثورة والتغيير وتنشر الاصلاح المطلوب فى المجتمع وصنع معرفة وثقافة ووعى قومى فى وجدان الشباب المصرى تكرس وتخلق أجيالا اكثر وطنية وتحريضا على البناء والعمل واحداث التغيير الكامن فى مناحى الحياة من أجل بناء هذا الوطن على أسس جديدة وتعويض مافات من خراب ودمار وفساد وتجريف للدولة والمجتمع. ولكن من أسف وجدت الحال من سيئ إلى أسوأ أفلام جنس واثارة وتعرى وبلطجة وتشبيح وفوضى واعمال قتل وتخريب للاخلاق والذمم ناهيك عن ألفاظ سوقية وانحطاط واسفاف اخلاقى فاق المتوقع والمأمول وأظن أن بروفة مسلسلات شهر رمضان الماضى كانت صادمة للجميع ثم بروز وتصاعد موجة ثالثة ورابعة من نوعية تسلل تلك الأفلام بشكل اكثر فضائحيا وكارثيا تكشف وتفضح قبل غيرها نوعية المنتجين والممثلين والمخرجين التى تبحث عن الربح والاثارة والتهييج وتحقيق مكاسب مادية على حساب نوعية الاخلاق والذوق العام أنا أعرف وأعلم أنه لا توجد فى الثقافة والابداع أبقار مقدسة لكن هناك الحد الأدنى من الانضباط الاخلاقى والحماية الاخلاقية لقيم مواطنى هذا المجتمع فى براثن الشر والجريمة المنظمة والفساد الاخلاقى وتمرير كوارث فضائحية عن حياة ومعيشة المصريين على الملأ أمام العالم للنيل من كرامة مواطنى هذه الدولة فى الداخل والخارج وكذلك ضرب لقيم ومركزية الدولة فى مقتل لتتحول الدولة فى الذهنية والعقل الجمعى للأخرين أن المجتمع المصرى برغم ثوراته مازال يسبح فى الفساد الأخلاقى والرذيلة وأن البلاد كلها تبدو علب ليل وهذا بالطبع غير صحيح ولا يستحقه المجتمع والدولة ولا المواطن. ومن هنا أطالب بالتدخل والعلاج بالصدمة لقيم وحاضر ومستقبل هذا الوطن وأبنائه سواء من قبل وزارة الثقافة المستقيلة حاليا من دورها وأتباع سياسة النأى بالنفس وكذلك الرقابة ورئاسة الحكومة وأخيرا الرئيس لاصدار قرارات تمنع كل هذا الفجور والاسفاف لوطننا ومجتمعاتنا حيث إن صمتنا هذا فضيحة وسيلعننا التاريخ وستظل هذه النوعية من الافلام والمسلسلات كاشفة وفاضحة لثقافة المصريين وجرح لن يذول من تاريخهم، حيث يفطر لها القلب. واذا لم يصوب الابداع والانتاج الثقافى والفنى والسينمائى بوعى وحكمة سيعرض البلاد وثقافة المصريين للخطر ولن يكون حاضر هذا المجتمع أفضل من ماضيه، وبالتالى الأفضل له الستر. سيدى الرئيس يمكنك أن تتدخل وتفعل الكثير لانقول منع الابداع الفنى والروائى والثقافى لكن تصويبه عبر قرارات وتشريعات ملزمة مثلما فعل بوتين. سيادة الرئيس لا يمكنك أن تغير اتجاه الريح إذن غير اتجاه الشراع. لمزيد من مقالات أشرف العشري