كتابات شتى فى صحف عديدة خطتها أقلام غاضبة لمفكرين وصحفيين وقراء تنتقد ما انحدرت إليه السينما المصرية من اسفاف غير مسبوق، وتجاوز قميء لقيمة ورسالة الفن التى كانت دائما عبر تاريخ السينما المصرية ضوءا ساطعا ينير العقول ويهذب المشاعر ويرتقى بالأخلاق. ان المدهش والمفجع فى رد الفعل على القرار الشجاع والصائب للمهندس إبراهيم محلب بوقف ذلك الفيلم البذيء لحين إعادة عرضه على الرقابة، ان أولئك الذين عارضوا القرار وهاجموا محلب بزعم انه اعتدى على حرية الفن والإبداع تجاهلوا عن عمد أن هذا الفيلم واشباهه التى اساءت للسينما المصرية ولوثتها لا تمت بصلة لفن أو ابداع، بل انهم اعترفوا بالمستوى المتدنى لهذا الفيلم فنيا وتربويا واجتماعيا!! فهم إذن يرون أن الأعمال السينمائية ينبغى ألا تلتزم بأى قيود أخلاقية، وهو ما عبر عنه أحد الكتاب الروائيين عندما أبدى دهشته من ان موقف بعض الفنانات والفنانين المؤيدين لقرار الوقف جاء لأسباب أخلاقية يستغرب المرء صدورها من مبدعين!! إذن فقد سقطت الأقنعة وتبين للجميع ان هؤلاء لا يدافعون عن حرية فن أو إبداع وانما عن تحرر بذيء وتجرد من الثوابت الأخلاقية والاجتماعية لبلد يسرى الدين فى عروقه مجرى الدماء منذ فجر التاريخ الإنساني!! ان هؤلاء المغتربين عقليا ووجدانيا عن تراث أمتهم الحضارى والثقافى يرددون دوما عبارة شاذة فحواها أن الفن لا يحكم عليه بمعايير الحلال والحرام.. فمدى حرية الفن فى عرفهم وقناعتهم يتسع إلى حد إباحة العرى الكامل بل إلى حد اقامة العلاقة الحميمية (كما فى بعض الأفلام الأجنبية) مادام هذا المشهد الساقط يخدم (فى تبريرهم الكذوب) السياق الدرامى للفيلم ويضفى عليه مذاق الواقعية!! ان الإبداع فى كل التعريفات العالمية هو كل عمل فنى يحقق المتعة والفائدة والتطهير والتغيير بلغة رفيعة ترتقى بالوجدان والمشاعر، وتترفع عن اثارة الشهوات وتحدث التأثير العميق بطريقة غير مباشرة. وحرية الإبداع ترتبط بمبدعين يؤمنون بالقيم الفاضلة التى تساعد على تطور الإنسان، وتشيع فى المجتمع مبادئ الحق والعدل والشرف والصدق وهى تعنى مقاومة الانهيار الذى يجتاح النفوس، والدفاع عن كل قيم الحياة الإنسانية. ان المقارنة التى تجلت فى اعتراض بعض الفنانين والمثقفين على قرار رئيس مجلس الوزراء انهم وهم يرفعون راية الحرية اعتدوا على حرية شعب فى رفضه لهذه النوعية الساقطة والمشينة من الأفلام، وهم بحملاتهم الإعلامية التى تهاجم رئيس مجلس الوزراء والفنانين والمثقفين الذين وافقوا على القرار يمارسون فعليا إرهابا فكريا ضد كل من يتصدى لهذا الاسفاف، ويزدرون مشاعر وإرادة الغالبية الساحقة من المصريين، ويسعون تحت ذريعة الدفاع عن حرية الفن والإبداع لفرض إرادتهم وانحيازهم الفكرى على الملايين التى ترفض هذا الابتذال المسمى كذبا وتدليسا فنا وابداعا! وطبقا لاستطلاع الرأى الذى اجراه مركز بصيرة فإن 67% من المصريين ايدوا قرار إبراهيم محلب و9% اعترضوا عليه ولم يبد 24% رأيهم. اننا ننادى بكل معانى الوطنية النبيلة ان تتصدى الحكومة لهؤلاء المغتربين عن وطنهم، وتجارأفلام المقاولات الرخيصة، فخطرهم على المجتمع أكبر وأخطر من الإرهاب المسلح، حيث أنهم يدمرون الإنسان المصرى خاصة الشباب أخلاقيا ونفسيا وصحيا والتهاون مع هؤلاء أو الخوف من إرهابهم الفكرى والمعنوى سيشجع آخرين على ان يحذوا حذو هذا الفيلم وأمثاله بمزيد من الانفلات الأخلاقى فى ترويج مباشر وصريح للفاحشة. مها كامل دياب العجوزة