"شارلي إبدو" .. صحيفة كاريكاتيرية ساخرة ، شهرتها محدودة ، لايتعدى توزيعها 50 ألف نسخها ، تقتصرعلى محيطها الإقليمي ، أصبحت – فجأة - حديث العالم أجمع ، ووزعت في يوم وليلة 3 ملايين نسخة ، بعد تطاولها على نبي الإسلام ، الذي شهد بعبقريته ، وقدسيته ، مئات المستشرقين على مر الزمان . أعادت الصحيفة الفرنسية المغمورة ، فجأة ، وبلامقدمات ، الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لرمز العالم الإسلامي ، التي أشعلت بها نظيرتها "يولاندس بوسطن" الدنماركية ، نار الفتنة على الأرض بين المسلمين ، والمسيحيين ، منذ 9 سنوات ، وبالتحديد في العام 2005، ولم تكتف الصحيفة الفرنسية بذلك ، بل أهالت التراب – بمنتهى البجاحة التي لاتحسد عليها – على الهالة القدسية الروحية لرسولنا الكريم ، ووضعت على صفحتها الأولى رسمًا كاريكاتيريًّا تخيليًّا للرسول ، وهو يبكي ويرتدي الزي الأبيض ، ويحمل يافطة كتب عليها "أنا شارلي"، وهو مايؤكد بمالايدع مجالًا للشك ، أنها تتعمد استفزاز مشاعر المسلمين ، لأنها تعرف – بداهة - أنها تسكب النار على البنزين ، وتعلم مقدمًا عواقب فعلتها المخزية الشنعاء !! فباتت ليلها في مرمى الإرهاب الديني ، الذي ضربها في مقتل ، وأسال دماءها .. ورغم رفضي العمل الإرهابي الذي ضرب "شارلي" ، فإنني أراه نتيجة منطقية للتطاول على الأديان ، ورموزها ، خاصة في ظل هذا الزمن الثوري المتمرد ، الملبد بالغيوم ، وغض الحكومة الفرنسية البصر عن تلك الترهات السخيفة التي لا معني لها أو عنوان !! وبالتالي اتاحت منفذًا للتطرف الديني ليفسد العلاقات بين البشر ، والأوطان ، وبعدها ينهالون بالسب والقذف على العرب المسلمين ، ويوصومونهم ب"الإرهابيين" ، وكأن المطلوب منهم أن يجلسوا على مقاعد المتفرجين ، ليشاهدوا باقي حلقات المسلسل الغربي للإساءة للإسلام ، ورموزه ، ومقدساته !!! إن تلك الرسوم ماهي إلا إرهاب فكري غربي يحاول فرض ثقافة فاسدة عندهم ، اسمها "حرية الإبداع" ، فأي حرية تلك التي يزعمونها في الغرب؟! هل السخرية من الأنبياء والرسل حرية إبداع ؟!!! هل إطلاق العقل على عواهنه في سماوات مفتوحة ، بعيدًا عن حدود الفكر السليم يسمى إبداعًا؟!!! فالإبداع الحقيقي ، ليس المُطْلق ، بل هو إثراء الفكر الإنساني المتراكم بألوان من الجمال العقلي الروحي ، تنعكس على النفس بالمتعة ، والسعادة ، وحب الحياة .. إنهم يحاولون أن يفرضوا علينا حرية مصنوعة بسذاجة ، فأي عقل سليم سيقبل بإهانة نبيه ، أو دينه ؟!! ولو كان هذا الغثاء يسمونه إبداعًا عندهم .. إذن فلتسمح فرنسا للعرب أن يفعلوا بالمثل نحو رمزهم الديني !! هل كانت ستقبل ؟!! بالطبع لا .. فلو حدث لأقاموا الدنيا وأقعدوها ، وطالبوا بمحاكمة فاعليها بتهمة "ازدراء الأديان" .. لذا فلاتلومنَّ إلا أنفسكم ، عندما يواجه إرهابكم الفكري إرهاب عربي بشري ، وأنا بهذا لا أبرر ردة الفعل الإرهابية – سواء كانت فكرًا فرديًّا أو وراءه تنظيمات - لكن النتيجة المنطقية – كما تعلَّمنا - تكون من جنس العمل .. إذن هو إرهاب بإرهاب! إنني أشتم رائحة سياسية قذرة تفوح من تلك التمثيلية ، لتحرق "أغصان الزيتون" ، ولا أستبعد أن تكون من صنع الصهيونية الإسرائيلية ، تساعدها الإمبريالية الأمريكية ، اللتين تسعيان للسيطرة على السياسة العالمية ، واللعب بالدول والشعوب كعرائس الماريونت ، ولا أرى حلًا لتلك البلطجة الغربية على الإسلام ، التي تظهر كل حين ، سوى بإصدار ميثاق شرف عالمي – تتفق عليه كل دول الأرض - بعدم المساس بالرموز والتعاليم الدينية المقدسة ، لتكون الأديان السماوية بمأمن من هذا العبث . [email protected] لمزيد من مقالات ياسر بهيج