أعتقد أن جريمة باريس الإرهابية البشعة الأخيرة تحتاج من مصر ما هو أكثر من الشجب والإدانة وإبداء التعاطف مع الشعب والحكومة الفرنسية فالعدو واحد والخطر واحد ولا وقت لدينا أو لديهم لدفن الرؤوس فى الرمال. إن هذه الجريمة توفر للدبلوماسية المصرية بقيادة الوزير النابه سامح شكرى فرصة متجددة لإحياء جهد مصرى سابق كان يستهدف منذ مطلع التسعينيات ضرورة وسرعة الشروع فى بناء تعاون دولى مثمر لإحكام محاصرة وباء الإرهاب وتضييق الخناق على الرؤوس المدبرة التى تسرح وتمرح فى العواصم الأوروبية للتخطيط والتحريض والتمويل وإعطاء الضوء الأخضر لشن عمليات كان الغرب يظن - وقتها - أنها ستظل مقصورة على دول الشرق الأوسط ووسط آسيا فقط!. إن على مصر أن تكاشف الدول الأوروبية بضرورة مراجعة مواقفها لأنه لم يعد مقبولا من بعض هذه الدول استمرار التستر وراء شعارات حماية حقوق الإنسان أو احترام حرية التعبير كمدخل لتشجيع هذه المنظمات الإرهابية على الحضور الفاعل فى الساحة الأوروبية من خلال السماح لهم بتنظيم المظاهرات ومهاجمة السفارات والقنصليات وتعكير صفو الزيارات الرسمية لهذه العواصم. وإلى جانب الجهد الدبلوماسى نحتاج إلى تحرك ثقافى ودينى لتوعية المجتمعات الأوروبية بأن ما يسمى بالتطرف الأصولى لا علاقة له بالإسلام الذى يحض على الانفتاح على الحضارات الأخرى وهذا ما فعله المسلمون الأوائل فى القرون الثلاثة الأولى من التاريخ الإسلامى تأكيدا للمفهوم الصحيح للإسلام كدين متطور يسمح بحق الاجتهاد وحق التفكير وحق الاختيار. ويخطيء من يظن أن معركتنا مع الإرهاب يمكن حسمها داخل حدودنا فقط وإنما هى حرب ساحتها ممتدة وتحتاج إلى سلاح الوعى والثقافة لنشر التسامح والدعوة إلى التآخى بين كل الأجناس وكافة الأديان.. وذلك أمر يتطلب استراتيجية شاملة يقوم عليها الأزهر الشريف وشيخه الجليل الدكتور أحمد الطيب بالتعاون مع وزارة الثقافة ووزيرها المستنير الدكتور جابر عصفور... وليتنا لا نهدر هذه الفرصة وأن ندرك أن هذا هو وقت التحرك المصرى الضرورى والصحيح!. خير الكلام: الرأى قبل شجاعة الشجعان.. هو أول وهى المحل الثانى!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله