تبّاً لهؤلاء الخوارج الجدد الذين يريدون العودة بالأمة الإسلامية إلى أزمنة سحيقة خلت بهدف رفع رايات التطرف والتزمت والتعصب والعنف والإرهاب... تباّ لأولئك الذين يريدون أن يستدرجوا شعوب الأمة بعيدا عن تحديات العصر وهمومه المتلاحقة بإثارة وتعميق الجدل والخلاف حول أمور ثانوية تتعلق بختان المرأة وإطالة اللحية ودفع الجزية بدلا من توجيه الأنظار نحو التوظيف الصحيح للدين فى ترسيخ علاقات التعاون والتكامل بين شعوب الأمة! لقد ابتليت الأمة الإسلامية فى السنوات الأخيرة بمن يريدون ربط الدين الحنيف بكل آليات التنفير والتكفير بدلا من حث المجتمعات الإسلامية على ربط صحة الإيمان بجودة العمل وإتقانه وإحلال التسامح محل البغض والكراهية من خلال الإدراك الصحيح بأن احترام حقوق الفرد المسلم مرتبط ارتباطا وثيقا باحترام حقوق الآخرين من شركاء الوطن. إن أولئك الحمقى والجهلة يرتكزون إلى فلسفة الإقصاء بينما الدين الإسلامى يحض على التعايش بين كافة الأعراق والأجناس التى انصهرت منذ فجر التاريخ فى بوتقة الحضارة الإسلامية تحت رايات الحكمة والاعتدال مع تجنب الصدام مع الأمم والشعوب الأخرى إلا عند الاضطرار دفاعا عن النفس والسيادة والاستقلال والهوية! ومعنى ذلك أن الأمة تواجه خطرا غير مسبوق ولا تكفى معه إجراءات المواجهة الأمنية - رغم ضرورتها وأهميتها - ومن ثم يتطلب الأمر إعادة النظر فى كافة آليات المواجهة وفى مقدمتها آليات معركة الوعى والتنوير لكى تكون آليات قادرة على مقارعة ومنازلة هذا الفكر المسموم من خلال خطاب إعلامى مستنير يزكى قيم التسامح وحب الحياة واعتدال الفكر والسلوك. وإذا كان هذا الخطر يتطلب جسارة وشجاعة فى المواجهة الأمنية تصل إلى حد المقامرة باقتحام المناطق الموبوءة بهذه التنظيمات والفصائل الإرهابية وعدم الخشية من دخول جحور العقارب أو الاقتراب من ثقوب الثعابين فإن من الأحرى أن يقوم على إدارة المواجهة الفكرية أناس مستنيرون يتسلحون بقوة المنطق وشجاعة التصدى لهؤلاء الخوارج الجدد! خير الكلام: العض باللسان أشد ألما من العض بالأسنان ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله