جاء تقرير الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس مخيبا للآمال، حيث تجاهل التقرير الصرخات التي وجهها له الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي قام بفتح ملف مصنع الغزل والنسيج بأسيوط استجابة لما سبق أن نشرته جريدة "الأهرام" حيث تعود واقعة الفساد، والتي كشفتها الدعوى القضائية التي أقامها عدد من العاملين بمصنع الغزل بأسيوط ضد كل من د.أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، ود. محمود محيى الدين، وزير الاستثمار الأسبق، ومحسن عبدالوهاب الجيلاني، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، وكذلك كل من محافظ أسيوط بصفته، ورئيس مجلس إدارة بنك مصر بصفته، ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي بصفته، وذلك لتشاركهم في تسهيل عملية البيع والتنازل عن نحو 105 آلاف م2 من أراضي مصنع الغزل بأسيوط بدون مقابل مادي، مكتفين بإسقاط الديون عن الشركة لدى البنوك، والتي تقدر ب 158 مليون جنيه، وهو ما يثير الشك والريبة، وبما يعد إهدارا للمال العام المخصص للمنفعة العامة.وجاء تقرير المركزي للمحاسبات ليفجر مفاجآت منها: أن اتفاقية تسليم الأرض تقوم على أن يتم تسليم الأرض للبنك الأهلي وبنك مصر في ضوء الاتفاق الإطاري لتسوية مديونيات شركات قطاع الأعمال العام المتعثرة مع البنوك المملوكة للدولة، المؤرخ في 14/9/2009 والمبرم بين بنك مصر و8 شركات قابضة وصندوق تمويل برنامج إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، وتقوم هذه الاتفاقية على مبادلة ديون الشركات القابضة وشركاتها التابعة لها المتعثرة، مقابل قطع من الأراضي والمقدرة قيمتها طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1999لسنة 2009 الصادر بتاريخ 21/7/2009 من خلال إحدى جهات التقييم الواردة بالقرار، على أن تقوم الشركة القابضة بنقل ملكية قطع الأراضي إليها، وذلك مقابل إصدار شهادات إبراء الذمة للشركات عن مديونياتها، ويتم سداد المستحق للبنوك حتى 30/6/2004. كذلك إن تقييم الأراضي المنقولة إلى البنوك المعنية بمعرفة إحدى الجهات الحكومية الثلاث المعتمدة مقبول من جميع الأطراف، ومسلم به من كل منهم، وتتعهد الشركات القابضة بأن الأراضي التي سوف يتم نقل ملكيتها خالية من أي رهن أو التزامات من أي نوع، وخالية من أي حقوق عينية أصلية كانت أم تبعية، وكذا خلوها من أي تبعات، وقد وافق مجلس إدارة الشركة من حيث المبدأ على التنازل عن مساحة 30 ألف متر مربع لمحافظة أسيوط نظير إصدار قرار تقسيم للقطعتين، الأولى بمساحة 58 ألف متر مربع، والثانية بمساحة 41 ألف متر مربع، وذلك لاعتراض المحافظ وقتها على مشروع التقسيم أو البيع لهما، مستندا في ذلك إلى أن أرض المصنع المشار إليها مخصصة للمنفعة العامة، وجاء في المذكرة أنها بررت عملية التنازل لمساحة 30 ألف متر أنه في حال صدور قرار تقسيم لهذه الأرض من قبل المحافظة يرفع من قيمتها ويعظم ثمن المتر، هذا بالإضافة لأنه يعفي الشركة القابضة من التنازل عن مساحات داخل التقسيم للمحافظة لإنشاء مدارس أو مستشفيات وخدمات أخرى تتحملها المحافظة ضمن المساحة المتنازل عنها، ولسهولة بيع الأرض قطعا مجزأة بدلا من بيعها جملة واحدة. وبالفعل بعد عرض المذكرة وافقت الجمعية العامة غير العادية بالشركة القابضة المنعقدة في 24يناير 2009 على التنازل عن تلك المساحة دون قيمة، بشرط قيام المحافظة بإصدار قرار تقسيم لكل المساحة، وأثبت تقرير الجهاز أن التنازل عن المساحة للمحافظة كان خدمة للبنكين، ولم يحقق أي منفعة للشركة، بالمخالفة لما جاء بمذكرة رئيس مجلس إدارة القابضة، وأكبر دليل السعر المتدني الذي بيعت به الأرض. وانتهي تقرير الجهاز لوجود وقائع تشير إلى تعد على المال العام، يستدعي تدخل الشركة القابضة لإحاطة المسئولين عن تنفيذ هذه الاتفاقية بمدى الغبن الذي وقع على شركة الوجه القبلي للغزل والنسيج من جراء تنفيذ هذه الاتفاقية. وقد استجابت الشركة القابضة لبعض توصيات الجهاز المركزي، وقامت برفع مذكرة لوزير الاستثمار في 22/9/2014 للنظر في إلغاء التنازل عن مساحة ال 30 ألف متر مربع والتى تقدر قيمتها الآن بنصف مليار جنيه لمحافظة أسيوط، وعودتها للشركة القابضة للغزل والنسيج للتصرف فيها، نظرا لأن المحافظة لم تقم بقرار التقسيم، وعلمت "الأهرام" أنه تمت الدعوة لعقد جمعية عمومية "عادية وغير عادية" للنظر في الميزانية، ومناقشة صفقة بيع الأرض خلال أيام. وتتساءل "الأهرام" لمصلحة من يتم هدم هذا الصرح الصناعي الكبير؟.