أثار قرار منع عرض فيلم «ملوك وآلهة» الذى يصور قصة اليهود فى مصر ويجسد شخصية النبى موسي، معركة بين المؤسسة الدينية ممثلة فى الأزهر ووزارة الثقافة، وبما أن الفيلم يحوى العديد من المغالطات التاريخية والدينية، ويعد دعاية صهيونية لتزييف الحقائق، فإننى أود أن أسرد بعض الحقائق التى وردت فى دراسة أجريتها بعنوان «الجذور التاريخية للصراعات المعاصرة مع عرض لأحداث التوراة». أولا: قدم الى مصر مع يعقوب سبعين نفسا عندما كان سيدنا يوسف الوزير الأول، ومع الوقت ازداد عددهم، وكان أسلوب حياتهم مختلفا تماما عن أسلوب حياة المصريين فهم قوم رحل، بينما كان المصريون أصحاب حضارة راسخة، وكانوا رعاة بينما المصريون بناة، والمرأة العبرانية متخلفة بينما شغلت النساء المصريات مكانة بارزة، لذلك انفصل العبرانيون مكانيا وعاشوا فى جاسان الى الشمال من المدن المصرية، حتى وصل عددهم عند الخروج من مصر الى نحو مليونين خلال اربعمائة عام، وعندما كانوا فى رحلة الخروج يتذمرون على سيدنا موسى كانوا يقولون له «ليتنا متنا فى مصر، فهناك كنا نجلس حول قدور اللحم نأكل خبزا حتى الشبع»، بما يعنى حياة كريمة. ثانيا: لا يمكن لأى دولة مستقلة ذات سيادة مثل مصر أن تسمح لأى تجمع كبير يحاول أن يكون دولة داخل الدولة، ولذلك كان لابد من إخراجهم من مصر. ثالثا: كان موسى يمسك عصا لا سيفا، وبهذه العصا شق البحر ليهرب بقومه شمال خليج السويس، أما موضوع المد والجزر فكما قال الأفغانى «إن الله يجل عن مخالفة العلم واذا وجدت المخالفة وجدت تأويلا لها». رابعا: لم يدخل موسى النبى (أرض الموعد) واكتفى بالنظر إليها عبر نهر الأردن، وهى حكمة إلهية تنفى شرعية تمسك بنى إسرائيل بهذه الأرض. خامسا: تلقى موسى النبى الوصايا العشر عام 1445 ق م أى قبل اخناتون (1351 1334 ق م)، وقد تأثر اخناتون بتعاليم موسى النبى لذلك يعتبر اخناتون أول من دعا للتوحيد بعد ظهور الديانة اليهودية. سادسا: دخل بنو إسرائيل مصر أيام الفرعون امينمحات الثالث الذى عاصر يوسف الصديق (1849 1801 ق م) وخرجوا منها فى عصر أمنحتب الثانى (1448 1420 ق م)، بينما جاء بناة الأهرام فى الأسرة الرابعة (2900 2750 ق م).. إذن كيف يأتى الادعاء بأن بنى إسرائيل كان لهم يد فى بناء الأهرام؟ سابعا: أما عن اقتباس مؤلف الفيلم لقصة موقعة مجدو فهو جهل تام بالتاريخ، فليس لموسى أو رمسيس الثاني، أى علاقة بهذا الموضوع، الذى ينسب لعبقرية تحتمس الثالث، والذى أطلق عليه نابليون الشرق القديم إذ اختار المرور عبر ممر ضيق بين سلسلتى جبال الكرمل، المؤدى الى وادى مجرى قنا جنوبى (مجدو). ثامنا: يفرض مشهد الخروج نظاما عنصريا، فالبيض يتقدمون المشهد وخلفهم السود، وقد يكون ذلك طبيعيا فبنو إسرائيل ينتمون للجنس السامى وصاحبهم فى عملية الخروج بعض العبيد من الجنس الحامى ببشرتهم السمراء. إذن فهذا الفيلم يحتوى على مغالطات تاريخية تسىء لمصر وحضارتها الفرعونية، ما يؤكد وجود بصمات صهيونية لتهويد الحضارة المصرية. د. عادل وديع فلسطين عضو اتحاد كتاب مصر