برغم مرور ما يقرب من ثلاثة أعوام على ثورة 25 يناير وعام ونصف على 30 يونيو وهي ثورات قادها الشباب يتجدد الجدل حول مستقبل الحركات الشبابية ودمج الشباب فى المسار السياسي الحالى. فى ظل ظرف سياسي صعب،وانقسام بين الشباب حول آليات ممارسة السياسة بين التمسك بالاحتجاج فى الشارع وبين تأسيس أحزاب والسعى لخوض الانتخابات البرلمانية. وفقا للتاريخ والتجارب الثورية السابقة تبدأ حركة الشباب ثورية ثم تتحول مع تشكيل كيانات سياسية إلي حركات إصلاحية تعمل علي إصلاح نظام سياسي قائم، علي غرار مع حدث مع الثورات الطلابية في الدول الأوربية عام 1968 والتي تحولت فيما بعد لأحزاب إصلاحية. إلا أن الفريق الأول يرى أن الشارع ملاذهم الوحيد للتعبير عن أنفسهم كحركات ضغط رقابية و أن تحولهم لأحزاب سيقضي عليهم وعلى ما أنجزوه، مؤكدين استمرار الثورة حتى تتحقق مطالبها، بينما يرى الفريق الثانى أن استخدام الأدوات الإصلاحية وممارسة السياسة يمكن أن يكون مسارا ملائما لطبيعة المرحلة الحالية بشرط توظيفه لصالح تحقيق مطالب الثورة. شريف الروبي، المتحدث باسم حركة 6 إبريل الجبهة الديمقراطية أكد رفض الحركة التحول لحزب سياسي، مشيرا إلى أن الحركات الثورية راغبة فى توفيق أوضاعها بشكل لا يخل بطبيعتها كجماعات ضغط ورقابة، لذا طالبت أكثر من مرة منذ اندلاع الثورة بإصدار قانون للمنظمات السياسية، مؤكدا أنهم متمسكون بالبقاء بالشارع ومراقبة أى نظام والوقوف ضده إذا ما انحرف عن أهداف الثورة ومطالبها. فيما تختلف معهم إيمان المهدى، مسئول الإعلام بحزب الحركة الشعبية العربية "تمرد" (تحت التأسيس)، معتبرة أن الاحتجاج والنزول للشارع كان فى المرحلة الأولى من الثورة التى تضمنت هدم نظام قديم فاسد وأننا الآن فى مرحلة بناء الدولة وعلى الشباب أن ينخرطوا فى مرحلة البناء وسد الفراغ السياسي بشكل قانونى عبر الأحزاب السياسية، موضحة أن "تمرد" قررت أن يكون حزبها ذا طابع سياسي تنموى وليس سياسيا فقط من أجل الجمع بين المشاركة فى صناعة القرار السياسي على أساس قانونى ودستورى وبين مراعاة البعد التنموى لسد الفجوة بين مؤسسات الدولة والشارع والحفاظ على التلاحم معه . على الجانب الآخر هناك شباب اختاروا العمل السياسي إلا أنهم فى الوقت نفسه اصطدموا بالمناخ السياسي العام الذى يرونه مكبلا للشباب ولا يدعم دمجهم سياسيا، محملين الدولة والسلطة الحالية مسئولية ذلك. حيث يرى محمود عفيفي، المتحدث باسم تيار الشراكة الوطنية المنضم لتحالف الوفد أن توجهات الدولة تجاه الشباب سلبية ولم ترتق إلى ما يتطلع إليه الشباب الذى يريد أن يكون جزءا حقيقي من إدارة الدولة فى مقابل ما وصفه بالتساهل لعودة النظام القديم وتفضيله على الشباب، مضيفا " هناك إقصاء للشباب وإبعادهم عن العملية السياسية بفعل فاعل والمشهد بشكل عام أثر سلبا على تواجد الشباب وهذا ستعانى منه الدولة خلال الأيام القادمة وكنا نتمنى تهيئة المناخ العام والسياسي لدعم الشباب". ويرفض عفيفي أن يقوم الشباب بتأسيس أحزاب جديدة، معتبرا أن ذلك يثقل الحياة السياسية التى تعانى بالفعل من كثرة عدد الأحزاب، مفضلا أن يندمج الشباب بأحزاب قائمة بالفعل تتفق مع توجهاتهم، مؤكدا أن ذلك هو الأمثل لتقوية الأحزاب تمهيدا لأن تكون فاعلة ولا تتجاوز العشرة أحزاب ، مضيفا " قررنا أن نندمج فى حزب سياسي قائم بالفعل ولكن لم نستقر بعد على اسمه وسنحدد ذلك عقب انتخابات البرلمان". ويعتبرالباحث السياسي عمرو صلاح، عضو التيار الشعبي ولجنة الخمسين أن الدولة تفتقد الرغبة والآليات لدمج الشباب بالعملية السياسية، مؤكدا أن ذلك يتطلب تهيئة المناخ السياسي ودعم التعددية الحزبية من أجل استغلال طاقات الشباب فى المحليات والبرلمان وكافة الأجهزة التنفيذية، مشيرا إلى أن انتشار فقدان الثقة فى العملية السياسية الحالية بين الشباب خاصة غير المسيس يدفع الكثيرين للإحباط والانخراط فى مجموعات ترى أن الاحتجاج بالشارع أفضل وسيلة للتعامل مع الأمور، وهذا سيصعب من حدوث أى تطور نوعى إيجابي فى دمج الشباب سياسيا. يضيف صلاح " الخيارات أصبحت صعبة أمام الشباب فإذا اختار الاحتجاج السلمى لإسماع صوته يتم القبض عليه بموجب قانون التظاهر، وإذا فكر فى ممارسة السياسة سيكون من الصعب تجاهل رفاق الثورة المحتجزين بالسجون، فضلا عن صعوبات آخرى تتعلق بالتمويل والمناخ العام وهل الدولة لديها رغبة حقيقية فى دعم التعددية الحزبية التى يمكن أن ينخرط الشباب سياسيا من خلالها أم لا". يتابع عضو لجنة الخمسين " الخيار الوحيد أمام الدولة أن تعلن انحياز واضحا للشباب عبر إجراءات عملية تتمثل فى إزالة أسباب الغضب مثل تعديل قانون التظاهر، و وقف ممارسات القمع والتضييق على الحريات، ودعم التعددية الحزبية، وإشراك الأحزاب فى اتخاذ القرارات وصياغة القوانين مثل قانون الانتخابات وغيره، و وقف حملات الهجوم والتشويه المستمرة ". يرى صلاح أن تأسيس الشباب لأحزاب فى ظل المناخ الحالى لن يحل الأزمة لأن الحل هو تهيئة المناخ لعملية سياسية بالأساس، معربا عن تخوفه من الأثار السلبية لإحباط الشباب.