كان من نتيجة ثورة1919 إعلان بريطانيا إنهاء حمايتها التي فرضتها علي مصر والاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة مما أعطي الإشارة بوضع أول دستور للبلاد. وقد رأي سعد زغلول زعيم الأمة أن تتولي وضع الدستور جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب لكن الملك فؤاد حارب ذلك بكل جهده خوفا من أن يضع الذين يختارهم الشعب دستورا يقيد سلطاته. وانتهي الصراع إلي حل وسط تم بمقتضاه تشكيل لجنة عرفت باسم لجنة الثلاثين لأنها ضمت30 من الشخصيات السياسية والقانونية علي أن تعرض ما تقترحه علي الملك فؤاد ليتولي هو بنفسه إصداره. وعلي عكس ما تصور فؤاد فقد خيبت لجنة الثلاثين آماله وجاءت باعتراف المعلقين بما في ذلك حزبا الوفد والوطني القديم اللذان قاطعا تشكيل اللجنة بدستور علي أحدث مبادئ القانون العام معترفا بسلطات الشعب وسلطاته. فقد تضمن بابا ضم21 مادة كفلت المساواة بين المواطنين في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وحق تولي الوظائف العامة والمساواة أمام الواجبات والتكاليف العامة ولا تمييز بين المواطنين بسبب الأصل أو الدين أو اللغة والحرية الشخصية وحرمة المنازل. وكان الاخطر تقييد هذا الدستور سلطات الملك وجعله يمارسها بواسطة وزرائه. فقد نص الدستور علي توقيعات الملك في شئون الدولة يجب لنفاذها أن يوقع عليها رئيس الوزراء والوزراء المختصون( م60) وأوامره الشفوية لا تخليهم من المسئولية( م62). وقد رفض فؤاد مشروع الدستور وراوغ في إصداره فلما لم يجد من يساعده علي تعديله اضطر إلي إصداره في أبريل.1923 لكنه ظل متربصا به إلي أن نجح في تعطيله( يوليو1928) وبعد خمس سنوات ظل فيها معطلا أصدر إسماعيل صدقي دستورا جديدا يضيق من سلطات الأمة ويحصر حق الانتخابات في أضيق الحدود. لكن الأمة عارضته بشكل سافر وقاطعت الانتخابات التي جرت وتحت ضغط المظاهرات والرفض الشعبي اضطر فؤاد عام1935 إلي العودة إلي دستور23 الذي يقيد سلطاته واعتبره منحة من جلالته! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر