الشيخ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي, المولود في بلدة( تونة) من أعمال دمياط سنة613ه, وهذه البلدة كانت من أوائل المدن التي خضعت للحكم الإسلامي وسكنتها قبائل عربية جاءت مع عمرو بن العاص عند فتح مصر وجاء البعض الآخر بعد ذلك وكانت لهم إقطاعيات في كل الولايات, فانتقلت جماعة من قريش منهم قوم من نصر بن معادية من هوزان وسكنوا حول دمياط وتنسيس وتونة ونزل بنو نصر وسط الدلتا, ومنذ سنة642 ه بدأت هجرة العرب من الجزيرة العربية إليها وبدأت بناية المساجد بها ولا يزال في دمياط إلي اليوم جامع يرجع تاريخ إنشائه إلي عهد عمرو بن العاص هو( جامع أبي العاص) وتونة جزيرة في بحيرة المنزلة غرب دمياط وكان سكان هذه البلاد يعملون في نسج الصوف والحرير وصيد الأسماك وتقول د. سعاد ماهر نقلا عن محمد رمزي في قاموسه الجغرافي أن تونه تعرف الآن( كوم سيدي عبد الله بن سلام). نشأ الشرف الدمياطي في بيئة إسلامية وتلقي ثقافته الأولي في دمياط حيث درس الفقه وأصوله وقرأ القرآن بالروايات, كما يقول بن جبير إن الشيخ شرف الدين رحل إلي الإسكندرية عام636 ه وعمره23 عاما والتحق بالمدرسة السلفية وكانت من أعظم المدارس في ذلك الوقت واهتم السلطان بالطلاب الغرباء فأنشأ لهم الحمامات وماريستانا لعلاج المرضي وخصص أطباء مقيمين يشرفون عليهم ومعهما خدام لقضاء مصالحهم, وعاد الشرف الدمياطي إلي القاهرة حيث تتلمذ علي علمائهم وتعرف علي عدد منهم كالمعز بن عبد السلام, وذهب إلي الحج عام643 ه وهو في الثلاثين ومكث بالحرمين عامين, ثم رحل إلي الشام وطاف بالعراق والجزيرة وحفظ كثيرا من أعمال علماء عصره حتي أصبح كما ذكر ابن العمار, من كبار حفاظ زمانه راسخا في الفقه نحويا لغويا محيطا بالقراءات.. واستقر مطافه بالقاهرة حيث ولي مشيخة المدرسة الظاهرية وكان أول من درس الحديث فيها, وهذه المدرسة استمرت عمارتها عامين ولما انتهي البناء اجتمع العلماء بها كل طائفة في ديوان مع علمائهم.. وكانت منهم مدرسة الشيخ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي صاحب القراءة بالقراءات السبع وظل يلقي دروسه بالمدرسة الظاهرية حتي عصر السلطان منصور قلاوون الذي اختاره للتدريس في المدرسة المنصورية, وقد عاش محترما قمن عاصرهم من الملوك والسلاطين والأمراء في مصر والحجاز والعراق والشام, وكان إممن بارعا ترك كثيرا من المؤلفات في علم الحديث والفقه واللغة والتاريخ( وهذه الكتب محفوظة بدار الكتب) وله معجم من أربعة مجلدات جمع فيه تراجم مشايخه وسيرة مختصرة للرسول الكريم وآخر مؤلفاته كتاب العقد( المسمي) أرخ فيه لكل من كان اسمه( عبد المؤمن) وتوفي في القاهرة في15 ذي القعدة سنة705ه عن90 عاما وودعته القاهرة وداعا حافلا كما صلي عليه أهل دمشق صلاة الغائب ودفن بمقابر الصوفية بباب النصر.