الخانقاه: يقال لها الخانكاه وتجمع علي خوانق وخوانك، وهي كلمة فارسية الأصل معناها البيت . وكانت تبني غالبا علي شكل مساجد الصلاة، إلا أن بها غرفا عديدة لمبيت الفقراء والصوفية وبيتا كبيرا لصلاتهم مجتمعين وللقيام بأورادهم وأذكارهم . ولا يكون فيها في الغالب منبر لأن صلاة الجمعة لا تقام فيها إلا نادرا. ويشير المقريزي في خططه إلي إحدي هذه الخوانق (وهي الخانقاه الكبري الصالحية) التي كان يسكنها الصوفية، ويبين أنهم كانوا يجعلون في تلك الخوانق دروسا في الفقه والدين والعربية والتصوف والحديث ، كما كانوا يجعلون فيها خزائن للكتب والمصاحف القرآنية والربعات ، وربما وضعوا فيها بعض الكتب الفلكية وآلاتها. ويحدثنا كذلك عن خانقاه رتبت فيها دروس عدة منها أربعة دروس لطوائف الفقهاء الأربعة ودروس للحديث النبوي ودروس لقراءة القرآن بالروايات السبع ، وقد جعل لكل مدرس وخصص له جماعة من الطلبة وشرط عليهم حضور الدرس والقيام بمراسيم التصوف (ورتب لكل طالب في اليوم الطعام واللحم والخبز وفي الشهر الحلوي والزيت والصابون). في بعض الخوانق كان يعمل علي توفير حاجات الطلاب داخل الخانقاه من المأكل والملبس والأشربة والأدوية، بل كان يوجد فيها من يقوم بحلق رءوس الطلاب وتدليك أجسامهم حتي يمكنهم التفرغ للدرس والعبادة داخل الخانقاه حتي لا يكونوا في حاجة للاتصال بالعالم الخارجي. الرباط: هو في الأصل مصدر (رابط). جاء في المصباح المنير: الرباط اسم من رابط مرابطة إذا لازم ثغر العدو . وقد أطلق لفظ الرباط علي نوع من الثكنات العسكرية التي تبني علي الحدود الإسلامية وقرب الثغور يقيم فيها المجاهدون (المرابطون). وعلي مر الأزمنة تطور معني هذه الكلمة فأصبحت تطلق علي الأمكنة التي يرابط فيها من نذروا أرواحهم للجهاد في سبيل الله ونصرة دينه، أي علي البيوت التي يسكنها المتقشفون والصوفية. والرباط هو الخانقاه، إلا أن أهل العراق قلما استعملوا لفظة الخانقاه، أما أهل مصر والشام فقد استعملوا كلمة رباط . وقد جعلوا الرباط مأوي الصوفية الفقراء المجردين غير المتأهلين. وكما جعلوا في الخانقاه شيخا ومدرسين وقراء جعلوا في الرباط. ومن أشهر الربط التي كانت فيها حلقات لتعليم القراءة والكتابة والدين والتصوف رباط الآثار الذي عمره الصاحب تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد، فقد قرر فيه دروسا للفقهاء الشافعية وجعل له مدرسا وعنده عدة من الطلبة ولهم جار. وكانت الربط مأوي يلجأ إليه العلماء والرحالون وطلاب العلم الذين ينتقلون في أرجاء العالم الإسلامي . وقد بنيت ربط خاصة بالنساء يقمن فيها ويتعبدن ويتلقين فيها دروسا في الوعظ والدين، فكان هناك رباط يعرف برباط البغدادية بني عام 684ه للشيخة زينب البغدادية فسكنته ومعها عدد من النساء الخيرات ممن انقطعن للدرس والعبادة. الزاوية: هي كالرباط والخانقاه إلا أنها أصغر في الغالب ، وهي أكثر ما تكون في الصحاري والأمكنة الخالية من السكان . وربما أطلقت علي ناحية من نواحي المساجد الكبري تقام فيها بعض حلق العلم ، علي نحو ما كان في جامع عمرو بن العاص . وكانوا يقفون هذه الزوايا - ومثلها التكايا - علي الفقراء الصوفية ويجعلون لها شيخا واحدا أو أكثر من واحد ويحددون عدد من يباح لهم الإقامة الدائمة فيها ومن يحق له البقاء مؤقتا . وكانت الزوايا تبني أحيانا لشيخ مشهور يقوم بنشر العلوم وينقطع للعبادة . البيمارستان: ومخففها (مارستان) كلمة فارسية معناها المستشفي، وهي مؤلفة من كلمة (بي) ومعناها (بدون) و(مار) معناها (الحياة والحيوية) و(ستان) ومعناها (مكان) فمعني الكلمة كلها (مكان المرضي)، وقد أطلقت في الأصل علي كل مستشفي ثم خصصت بمستشفي المجاذيب. وأول من عمل البيمارستانات في الإسلام الوليد بن عبد الملك سنة 88 ه وجعل فيها الأطباء وأجري عليهم الجرايات وعمل دور الضيافة، وأمر بحبس المجذومين والعميان، وكانوا يودعون في هذه البيمارستانات الأدوية والعقاقير والأكحال، ويجعلون فيها الأطباء والكحالين والجراحين والخدم وكل ما تحتاج إليه المشافي من عدد وآلات، وربما جعلوا في بعضها خزائن الكتب وغرفا وأواوين ومعاهد لتدريس الطب والصيدلة وما إليها، وربما الحقوا مكان التدريس بجانب البيمارستان ليكون الطلاب في جو هادئ، وإذا ما أراد الأستاذ تدريسهم وإجراء التطبيق العملي نقلهم من المدرسة إلي البيمارستان أو من البيمارستان إلي المدرسة. (للحديث بقية)