المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    أوروبا.. تعاون مشروط وتحمل مسئولية الحماية    فلسطين.. استشهاد طفل برصاص الاحتلال في السيلة الحارثية غرب جنين    خارجية كوبا تتهم لجنة نوبل بازدواجية المعايير    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    نائب وزير الصحة: الشائعات عن فيروس ماربورغ في مصر ليس لها أساس من الصحة    إصابة رئيس محكمة بعد انقلاب سيارته بطريق الإسكندرية الصحراوي    د.محمود مسلم عن استقبال السيسي لنتنياهو في القاهرة: مستحيل.. ومصر لن تقبل أي شيء على حساب الفلسطينيين    رئيس هيئة المتحف الكبير بعد تسرب مياه الأمطار للبهو العظيم: تمثال رمسيس فقط الموجود في المنطقة المفتوحة    الطفل المؤلف ندوة بمعرض جدة للكتاب    قلق وترقب حول الحالة الصحية لجليلة محمود بعد دخولها العناية المركزة    توروب: الشناوي وشوبير؟ لست هنا لأصنف الحراس.. وهذا موقفي من عبد الكريم وديانج    نائب وزير الصحة: نسبة الإصابات بكورونا لا تتجاوز ال 2% والإنفلونزا الأعلى 60%    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    وفاة حداد إثر سقوط رأس سيارة نقل عليه بالدقهلية    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    العثور على جثمان تاجر مواشي داخل سيارته بالشرقية    تحويلات مرورية بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي بسبب كسر ماسورة مياه    إصابة سيدة بجرح في الرقبة خلال مشاجرة مع زوجها بعزبة نور الدين بالجمالية    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    الشرق الأوسط.. تخفيض حجم الالتزامات العسكرية    موسكو.. فرصة لضبط العلاقات    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    اتحاد الصناعات: الاقتصاد غير الرسمي يهدد التنمية ويثير المنافسة غير العادلة    أحمد السقا بعد فيديو دعم محمد صلاح: هبطل تمثيل وإرموني في الزبالة    خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    وزير الصحة: لا توجد محافظة أو قرية في مصر إلا وبها تطوير.. ونعمل على تحسين رواتب الأطباء    محافظ المنيا يتابع مشروعات رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    بعد رفض دعوى أهالي طوسون كما الوراق والعريش.. القضاء الإداري أداة اعتراض تحت صولجان السلطة التنفيذية    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعًا «رضوى» مناضلة الحرية والإبداع
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 12 - 2014

أعتبر مع كثيرين غيري أن ما وصفت به رضوي عاشور فرانز فانون وإدوارد سعيد وإقبال أحمد من أنهم نماذج للمثقف الناقد المرتبط بقضايا الحرية عمومًا والتحرر القومي تحديدًا ينطبق عليها ويصف دورها كمثقفة مبدعة مناضلة. فقد ظلت رضوي عاشور صوتًا مدويًا وسط كتاب وكاتبات الستينيات ذات شجاعة واتساق فكري استثنائيين.
وقد أعلنت منذ البداية أنها امرأة عربية ومواطنة من العالم الثالث، وتراثها في الحالتين معرض للخنق وواجبها الكتابة دفاعًا عن الذات وعن آخرين مثلها لا يحصي عددهم وتتطابق معهم. وعبر تضحيات شخصية وعائلية وسلسلة من الروايات والسير الذاتية والمذكرات والدراسات الأدبية سجلت رضوي موقفها النضالي من الاضطراب والعسف بلا نهاية لزمنها حينما كافحت مع معاصريها من أجل الحريات في مواجهة الاستعمار الخارجي والقمع الداخلي. وكانت الفاعلية السياسية مغروسة مع تخصصها الأكاديمي، فحينما دعا السادات إلي التطبيع مع إسرائيل اشتركت رضوي في تأسيس اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية. وبعد أن تدخل الأمن أثناء حكم مبارك في الحياة الجامعية شاركت في تأسيس جماعة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات. وفي الثمانينيات واصل شكلها الخاص في السرد الروائي وأداء الشهادة تبلوره منذ كتابها الأول الرحلة - مذكرات طالبة مصرية في أمريكا الذي صدر عام 1983. كما ظهرت روايتها الأولي حجر دافئ بعد عامين ثم توالت أعمال متزايدة الطموح: سراج عام 1993، مزيج من مغامرة سندبادية ومجاز تمثيلي عن استبداد استعماري وقمع داخلي فوق جزيرة خيالية في الخليج العربي. ثم ظهرت رائعتها ثلاثية غرناطة عن بداية تعايش المسيحيين والمسلمين واليهود وانتهاء بدمار ذلك التعايش. ولم تستعمل رضوي القص التاريخي لتعقب آثار الماضي، بل تبنت هذا الشكل باعتباره عدسة يمكن بواسطتها النظر بعمق أكبر إلي قهر معاصر. ومن المعروف أنه في الستينيات والسبعينيات المصرية بلغ البحث الروائي عن طريقة جديدة للنظر إلي الواقع درجة عالية من الإلحاح. فالتصورات التي كان يروجها المذياع والتليفزيون والصحف تصطدم بما كان يلمسه الروائي مع الناس في الحياة اليومية، وكانت هناك درجة كبيرة من الانفصال بين الشعارات والواقع. وبدا الواقع الاجتماعي أرض معركة كان معظم الناس مبعدين عنها إلا كمتفرجين مصفقين توالت أمامهم أحداث خوضها. وكانت الأجزاء التي تم كسبها قد استولي عليها البيروقراطيون والمقاولون والبصاصون، فالمشاريع والمؤسسات والمعارك وسلسلة الثورات الفوقية لم تكن شبكات من الفاعلية الجماهيرية. وصار معظم الناس الذين يدار الحكم باسمهم غرباء عن المشاركة في صناعة مصيرهم. فالقمع كان منتشرًا والسجن مقرًا مألوفًا تؤمه شخصيات الروايات والقصص القصيرة. وكان من الطبيعي أن يطرح الروائيون والنقاد للتساؤل الأنظمة السياسية والفكرية السائدة، وأن يحيط الشك ببعض المسلمات عن معني الحياة ومعايير الحكم علي الأفعال وأن يحل محلها تحسس تجريبي فردي للموقف القمعي الشامل. ولم تصل رضوي مع غيرها من روائيي الستينيات إلي رؤية ترفض وجود الواقع أو إلي فهم ذاتي مغلق، أو اعتبار التاريخ كابوسًأ. بل كان الاهتمام منصبًا علي خصوصية الأدب ونوعيته مع علاقاته بالسياسة والفكر الاجتماعي. يلاحظ النقاد أن الروائي يقوم بدور المؤرخ غير الرسمي للماضي والحاضر، فهو يعيد تخيل الوقائع والحقائق الجزئية في سياق أو نظام سردي لكن القوي المختلفة تروي تاريخًا مختلفًا عن الوقائع والحقائق نفسها، ويتحول الواقع إلي أنظمة متناقضة في الأذهان والروايات وكتب التاريخ والصحف ونشرات الأخبار. فبين كل نظام ونظام، بين التسجيلية والأساطير المقننة يتحول الروائي شاء أو أبي إلي مؤرخ غير رسمي حينما يروي قصة حياة أشخاص داخل سجل اجتماعي معارضً للرواية الرسمية المقننة للتاريخ. إن رواية حجر دافئ لرضوي عاشور تعيد تعريف الواقع الراهن واستخلاصه من شرك الأسطورة التي تنفثها السلطات المختلفة، وتستخدم رموز حياة شديدة البساطة والوضوح من تمثال رمسيس وبيوت القرية كأنها المعابد والنصب التذكاري لشهداء الجامعة ودفء الفلاحة الحجرية الناهضة توقظ أبا الهول. ولهذه الرموز دور بنائي في نمو الاحداث وترابط معانيها، وتومئ إلي أن التاريخ المصري مثل أعلي يحتضن الأصول الأولي والغايات النهائية ويتدفق منطقه الأبدي في الحاضر بوصفه مبدأ عميقًا خفيًا للتماسك والاتساق. وتقدم غرناطة رضوي عاشور شيئًا جديًدا يختلف عما هو مألوف: تصوير الفعل الإيجابي من جانب الشخصية النسائية الرئيسية وهو فعل تلقائي شديد الارتباط بالتكوين الفكري والعاطفي للشخصية. فالمرأة ليست رمزًا لأنوثة خالدة أو لدور جاهز كالوطن أو لقضية عامة، بل هي وافد إبداعي وشخصية متعددة المواهب.
لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.