أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في أسواق محافظة قنا    رانيا المشاط تصل السعودية للمشاركة في النسخة التاسعة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار»    انطلاق شاحنات مساعدات إنسانية من مصر الى قطاع غزة    الإعصار ميليسا يتحول إلى الفئة الخامسة قبالة سواحل جامايكا    وزير الخارجية يبحث مع كبير مستشاري ترامب تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    اللجنة المستقلة للانتخابات في كوت ديفوار تعلن فوز الحسن واتارا بنسبة 89.77%    دوري نايل| تاريخ مواجهات الأهلي أمام بتروجيت قبل مواجهة الغد    كرة اليد، موعد مباراة مصر والمغرب في كأس العالم للناشئين    رد فعل أحمد شوبير على أزمة مشاركة نبيل دونجا فى السوبر المصرى    إصابة 6 أشخاص في انقلاب ميكروباص أعلى محور الضبعة الصحراوي    ماذا قال المتهم بنشر «بوست» عن واقعة وهمية لخطف طالبة؟    ضبط 4 أطنان سوداني ملون بمادة مصنعة من سم الفئران في الشرقية    مصرع موظف ببنك فى حادث تصادم بين سيارتين بالمنوفية    محافظ أسيوط يوجه بسرعة تلبية مطالب أهالي قرية «صليبة العدر»    الفئات المسموح بدخولها المتحف المصري الكبير مجانا عقب الافتتاح الرسمي    ذات يوم 28 أكتوبر 1944.. دفن شاه إيران «الأب» رضا بهلوى بمسجد الرفاعى.. والشاه «الابن» يتهم الملك فاروق بسرقة سيف والده المرصع بالأحجار الكريمة والمدفون معه    عيادة ثابتة و5 سيارات خدمات متنقلة أبرزها، خطة التأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    المتحدث باسم حماس: إسرائيل تكذب بشأن مساعدتنا.. وبعض جثامين أسراها قد تكون في مناطق تسيطر عليها    وزير المالية: المتحف المصري الكبير يجسد رؤية الدولة في تحويل التراث إلى قوة دافعة للتنمية الاقتصادية المستدامة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة قنا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    إدارة الطوارئ التركية: زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب مدينة باليكسير غربي البلاد    رابط حجز تذاكر المتحف المصري الكبير.. احصل على تذكرتك    موعد بداية شهر رمضان 2026 وأول أيام الصيام فلكيًا    أعلى شهادات ادخار في البنوك 2025.. قائمة بأفضل العوائد الشهرية    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    مستشار وزير الثقافة: مصر تسجّل 10 عناصر تراثية في اليونسكو بينها السيرة الهلالية والأراجوز    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 (متى تبدأ إجازة نصف العام لجميع المراحل التعليمية؟)    جاهزون.. متحدث مجلس الوزراء: أنهينا جميع الاستعدادت لافتتاح المتحف الكبير    ترامب يتوقع زيارة الصين العام المقبل ويرجح استقبال «شي» في أمريكا    تحرك طارئ من وزير الشباب والرياضة بعد تصريحات حلمي طولان (تفاصيل)    جامعة المنيا تستعرض إنجازات تطوير الطاقة الفندقية لدعم السياحة وجذب الطلاب الوافدين    استقبال رسمي مهيب، لحظة وصول شيخ الأزهر إلى قصر الرئاسة الإيطالي في روما (فيديو)    زاهي حواس: المصريون القدماء عرفوا القائمة وتعدد الزوجات (فيديو)    موسكو تفند اتهام واشنطن لها بنيتها البدء بسباق تسلح نووي    #عبدالله_محمد_مرسي يتفاعل بذكرى مولده .. وحسابات تستحضر غموض وفاته ..فتش عن السيسي    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    «لاماسيا مغربية» تُبهر العالم.. وإشراقة تضيء إفريقيا والعرب    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    تصل إلى الحرائق.. 6 أخطاء شائعة في استخدام الميكرويف تؤدي إلى كوارث    دراسة| تأخير الساعة يرفع معدلات الاكتئاب بنسبة 11%    «الداخلية» توضح حقيقة زعم أحد المرشحين بالأقصر تعنت مركز شرطة القرنة في الإفراج عن نجله    مفاجأة.. الزمالك يفكر في إقالة فيريرا قبل السوبر وتعيين هذا المدرب    عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني يطمئن على الدباغ وكايد    درس في المرونة وتقبل التغيرات.. حظ برج الدلو اليوم 28 أكتوبر    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    من حقك تعرف.. ما هى إجراءات حصول المُطلقة على «نفقة أولادها»؟    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    ذاكرة الكتب| تدمير «إيلات».. يوم أغرق المصريون الكبرياء الإسرائيلى فى مياه بورسعيد    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    «Gates»: انضمام «عز العرب» إلى عملائنا بمقر رئيسى في «Space Commercial Complex»    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعًا «رضوى» مناضلة الحرية والإبداع
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 12 - 2014

أعتبر مع كثيرين غيري أن ما وصفت به رضوي عاشور فرانز فانون وإدوارد سعيد وإقبال أحمد من أنهم نماذج للمثقف الناقد المرتبط بقضايا الحرية عمومًا والتحرر القومي تحديدًا ينطبق عليها ويصف دورها كمثقفة مبدعة مناضلة. فقد ظلت رضوي عاشور صوتًا مدويًا وسط كتاب وكاتبات الستينيات ذات شجاعة واتساق فكري استثنائيين.
وقد أعلنت منذ البداية أنها امرأة عربية ومواطنة من العالم الثالث، وتراثها في الحالتين معرض للخنق وواجبها الكتابة دفاعًا عن الذات وعن آخرين مثلها لا يحصي عددهم وتتطابق معهم. وعبر تضحيات شخصية وعائلية وسلسلة من الروايات والسير الذاتية والمذكرات والدراسات الأدبية سجلت رضوي موقفها النضالي من الاضطراب والعسف بلا نهاية لزمنها حينما كافحت مع معاصريها من أجل الحريات في مواجهة الاستعمار الخارجي والقمع الداخلي. وكانت الفاعلية السياسية مغروسة مع تخصصها الأكاديمي، فحينما دعا السادات إلي التطبيع مع إسرائيل اشتركت رضوي في تأسيس اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية. وبعد أن تدخل الأمن أثناء حكم مبارك في الحياة الجامعية شاركت في تأسيس جماعة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات. وفي الثمانينيات واصل شكلها الخاص في السرد الروائي وأداء الشهادة تبلوره منذ كتابها الأول الرحلة - مذكرات طالبة مصرية في أمريكا الذي صدر عام 1983. كما ظهرت روايتها الأولي حجر دافئ بعد عامين ثم توالت أعمال متزايدة الطموح: سراج عام 1993، مزيج من مغامرة سندبادية ومجاز تمثيلي عن استبداد استعماري وقمع داخلي فوق جزيرة خيالية في الخليج العربي. ثم ظهرت رائعتها ثلاثية غرناطة عن بداية تعايش المسيحيين والمسلمين واليهود وانتهاء بدمار ذلك التعايش. ولم تستعمل رضوي القص التاريخي لتعقب آثار الماضي، بل تبنت هذا الشكل باعتباره عدسة يمكن بواسطتها النظر بعمق أكبر إلي قهر معاصر. ومن المعروف أنه في الستينيات والسبعينيات المصرية بلغ البحث الروائي عن طريقة جديدة للنظر إلي الواقع درجة عالية من الإلحاح. فالتصورات التي كان يروجها المذياع والتليفزيون والصحف تصطدم بما كان يلمسه الروائي مع الناس في الحياة اليومية، وكانت هناك درجة كبيرة من الانفصال بين الشعارات والواقع. وبدا الواقع الاجتماعي أرض معركة كان معظم الناس مبعدين عنها إلا كمتفرجين مصفقين توالت أمامهم أحداث خوضها. وكانت الأجزاء التي تم كسبها قد استولي عليها البيروقراطيون والمقاولون والبصاصون، فالمشاريع والمؤسسات والمعارك وسلسلة الثورات الفوقية لم تكن شبكات من الفاعلية الجماهيرية. وصار معظم الناس الذين يدار الحكم باسمهم غرباء عن المشاركة في صناعة مصيرهم. فالقمع كان منتشرًا والسجن مقرًا مألوفًا تؤمه شخصيات الروايات والقصص القصيرة. وكان من الطبيعي أن يطرح الروائيون والنقاد للتساؤل الأنظمة السياسية والفكرية السائدة، وأن يحيط الشك ببعض المسلمات عن معني الحياة ومعايير الحكم علي الأفعال وأن يحل محلها تحسس تجريبي فردي للموقف القمعي الشامل. ولم تصل رضوي مع غيرها من روائيي الستينيات إلي رؤية ترفض وجود الواقع أو إلي فهم ذاتي مغلق، أو اعتبار التاريخ كابوسًأ. بل كان الاهتمام منصبًا علي خصوصية الأدب ونوعيته مع علاقاته بالسياسة والفكر الاجتماعي. يلاحظ النقاد أن الروائي يقوم بدور المؤرخ غير الرسمي للماضي والحاضر، فهو يعيد تخيل الوقائع والحقائق الجزئية في سياق أو نظام سردي لكن القوي المختلفة تروي تاريخًا مختلفًا عن الوقائع والحقائق نفسها، ويتحول الواقع إلي أنظمة متناقضة في الأذهان والروايات وكتب التاريخ والصحف ونشرات الأخبار. فبين كل نظام ونظام، بين التسجيلية والأساطير المقننة يتحول الروائي شاء أو أبي إلي مؤرخ غير رسمي حينما يروي قصة حياة أشخاص داخل سجل اجتماعي معارضً للرواية الرسمية المقننة للتاريخ. إن رواية حجر دافئ لرضوي عاشور تعيد تعريف الواقع الراهن واستخلاصه من شرك الأسطورة التي تنفثها السلطات المختلفة، وتستخدم رموز حياة شديدة البساطة والوضوح من تمثال رمسيس وبيوت القرية كأنها المعابد والنصب التذكاري لشهداء الجامعة ودفء الفلاحة الحجرية الناهضة توقظ أبا الهول. ولهذه الرموز دور بنائي في نمو الاحداث وترابط معانيها، وتومئ إلي أن التاريخ المصري مثل أعلي يحتضن الأصول الأولي والغايات النهائية ويتدفق منطقه الأبدي في الحاضر بوصفه مبدأ عميقًا خفيًا للتماسك والاتساق. وتقدم غرناطة رضوي عاشور شيئًا جديًدا يختلف عما هو مألوف: تصوير الفعل الإيجابي من جانب الشخصية النسائية الرئيسية وهو فعل تلقائي شديد الارتباط بالتكوين الفكري والعاطفي للشخصية. فالمرأة ليست رمزًا لأنوثة خالدة أو لدور جاهز كالوطن أو لقضية عامة، بل هي وافد إبداعي وشخصية متعددة المواهب.
لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.