الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    انخفاض أسعار الذهب عالميًا ومحليًا وسط هدوء التوترات الجيوسياسية    الرئيس اللبناني يدين التصعيد الإسرائيلي على منطقتي النبطية وإقليم التفاح    كأس العالم للأندية| تفوق جديد ل صن داونز على الأهلي    شروط التقديم لمدرسة الإنتاج الحربي للتكنولوجيا التطبيقية بحلوان بديل للثانوي العام    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب4 ملايين جنيه    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يبحث مع رئيس هيئة الطاقة الصينية سبل دعم وتعزيز التعاون والشراكة وزيادة الاستثمارات الصينية    المجر: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبى والناتو يضع الكتلتين فى حالة حرب مع روسيا    حادث مروع بالمنوفية.. تريلا تدهس ميكروباص وتقتل 19 شخصا    طقس الأيام المقبلة| موجة لاهبة ترفع الحرارة ل40 درجة بالقاهرة    العثور على جثة عامل داخل منزله فى قنا    باسل رحمى:جهاز تنمية المشروعات قدم 57.5 مليار جنيه تمويلات للمشروعات خلال 11 عام    "جريئة".. أحدث ظهور ل منة فضالي والجمهور يغازلها (صور)    اليوم.. عرض ملحمة السراب بقصر روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    أسماء أبو اليزيد بعد مسلسل فات الميعاد: لو رأيت رجلا يعتدي على زوجته سأتمنى أن أضربه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    مقررة أممية: الحديث عن وجود "حق بالصحة" بقطاع غزة بات مستحيلا    مصرية من أوائل الثانوية العامة بالكويت ل«المصري اليوم»: أهم حاجة الثقة في ترتيبات ربنا    ضبط 352 قضية مخدرات و85259 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    هجوم أوكرانى بطائرة مسيرة على موظفى محطة زابوروجيه النووية    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    النواب يوافق على اعتماد إضافي للموازنة ب 85 مليار جنيه (تفاصيل)    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه بداية تعاملات اليوم 27 يونيو 2025    مروة عبدالمنعم تكشف عن إصابتها ب «فوبيا».. والجمهور: «مش لوحدك»    صداع مؤجل    هل يجوز صوم يوم عاشوراء منفردًا إذا وافق يوم السبت؟. أمين الفتوى يكشف    محافظ أسيوط: استلام شحنة جديدة من الأدوية و15 كرسيًا كهربائيًا متحركًا لتوزيعها على المستحقين    إنجاز بحثى لأساتذة قصر العينى يكشف مجموعة نادرة من اضطرابات الكبد الوراثية    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    توقيع الكشف على 872 مواطناً في قافلة طبية بشمال سيناء    نقابة المهندسين: تطوير شامل لمصيف المعمورة يشمل الوحدات والمرافق والأنشطة    جامعة عين شمس تنشئ وحدة داخلية لمتابعة ودعم جائزة مصر للتميز الحكومي    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 27 يونيو فى الأسواق بمحافظة الأقصر    سعر الحديد اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    الدورى الجديد يتوقف 5 ديسمبر استعدادا لأمم أفريقيا بالمغرب    حملة قومية للتبرع بالدم بجميع محافظات الجمهورية تحت شعار تبرعك بالدم حياة    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    مصرع وإصابة 16 شخصا فى حادث مروع بالمنوفية    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعًا «رضوى» مناضلة الحرية والإبداع
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 12 - 2014

أعتبر مع كثيرين غيري أن ما وصفت به رضوي عاشور فرانز فانون وإدوارد سعيد وإقبال أحمد من أنهم نماذج للمثقف الناقد المرتبط بقضايا الحرية عمومًا والتحرر القومي تحديدًا ينطبق عليها ويصف دورها كمثقفة مبدعة مناضلة. فقد ظلت رضوي عاشور صوتًا مدويًا وسط كتاب وكاتبات الستينيات ذات شجاعة واتساق فكري استثنائيين.
وقد أعلنت منذ البداية أنها امرأة عربية ومواطنة من العالم الثالث، وتراثها في الحالتين معرض للخنق وواجبها الكتابة دفاعًا عن الذات وعن آخرين مثلها لا يحصي عددهم وتتطابق معهم. وعبر تضحيات شخصية وعائلية وسلسلة من الروايات والسير الذاتية والمذكرات والدراسات الأدبية سجلت رضوي موقفها النضالي من الاضطراب والعسف بلا نهاية لزمنها حينما كافحت مع معاصريها من أجل الحريات في مواجهة الاستعمار الخارجي والقمع الداخلي. وكانت الفاعلية السياسية مغروسة مع تخصصها الأكاديمي، فحينما دعا السادات إلي التطبيع مع إسرائيل اشتركت رضوي في تأسيس اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية. وبعد أن تدخل الأمن أثناء حكم مبارك في الحياة الجامعية شاركت في تأسيس جماعة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات. وفي الثمانينيات واصل شكلها الخاص في السرد الروائي وأداء الشهادة تبلوره منذ كتابها الأول الرحلة - مذكرات طالبة مصرية في أمريكا الذي صدر عام 1983. كما ظهرت روايتها الأولي حجر دافئ بعد عامين ثم توالت أعمال متزايدة الطموح: سراج عام 1993، مزيج من مغامرة سندبادية ومجاز تمثيلي عن استبداد استعماري وقمع داخلي فوق جزيرة خيالية في الخليج العربي. ثم ظهرت رائعتها ثلاثية غرناطة عن بداية تعايش المسيحيين والمسلمين واليهود وانتهاء بدمار ذلك التعايش. ولم تستعمل رضوي القص التاريخي لتعقب آثار الماضي، بل تبنت هذا الشكل باعتباره عدسة يمكن بواسطتها النظر بعمق أكبر إلي قهر معاصر. ومن المعروف أنه في الستينيات والسبعينيات المصرية بلغ البحث الروائي عن طريقة جديدة للنظر إلي الواقع درجة عالية من الإلحاح. فالتصورات التي كان يروجها المذياع والتليفزيون والصحف تصطدم بما كان يلمسه الروائي مع الناس في الحياة اليومية، وكانت هناك درجة كبيرة من الانفصال بين الشعارات والواقع. وبدا الواقع الاجتماعي أرض معركة كان معظم الناس مبعدين عنها إلا كمتفرجين مصفقين توالت أمامهم أحداث خوضها. وكانت الأجزاء التي تم كسبها قد استولي عليها البيروقراطيون والمقاولون والبصاصون، فالمشاريع والمؤسسات والمعارك وسلسلة الثورات الفوقية لم تكن شبكات من الفاعلية الجماهيرية. وصار معظم الناس الذين يدار الحكم باسمهم غرباء عن المشاركة في صناعة مصيرهم. فالقمع كان منتشرًا والسجن مقرًا مألوفًا تؤمه شخصيات الروايات والقصص القصيرة. وكان من الطبيعي أن يطرح الروائيون والنقاد للتساؤل الأنظمة السياسية والفكرية السائدة، وأن يحيط الشك ببعض المسلمات عن معني الحياة ومعايير الحكم علي الأفعال وأن يحل محلها تحسس تجريبي فردي للموقف القمعي الشامل. ولم تصل رضوي مع غيرها من روائيي الستينيات إلي رؤية ترفض وجود الواقع أو إلي فهم ذاتي مغلق، أو اعتبار التاريخ كابوسًأ. بل كان الاهتمام منصبًا علي خصوصية الأدب ونوعيته مع علاقاته بالسياسة والفكر الاجتماعي. يلاحظ النقاد أن الروائي يقوم بدور المؤرخ غير الرسمي للماضي والحاضر، فهو يعيد تخيل الوقائع والحقائق الجزئية في سياق أو نظام سردي لكن القوي المختلفة تروي تاريخًا مختلفًا عن الوقائع والحقائق نفسها، ويتحول الواقع إلي أنظمة متناقضة في الأذهان والروايات وكتب التاريخ والصحف ونشرات الأخبار. فبين كل نظام ونظام، بين التسجيلية والأساطير المقننة يتحول الروائي شاء أو أبي إلي مؤرخ غير رسمي حينما يروي قصة حياة أشخاص داخل سجل اجتماعي معارضً للرواية الرسمية المقننة للتاريخ. إن رواية حجر دافئ لرضوي عاشور تعيد تعريف الواقع الراهن واستخلاصه من شرك الأسطورة التي تنفثها السلطات المختلفة، وتستخدم رموز حياة شديدة البساطة والوضوح من تمثال رمسيس وبيوت القرية كأنها المعابد والنصب التذكاري لشهداء الجامعة ودفء الفلاحة الحجرية الناهضة توقظ أبا الهول. ولهذه الرموز دور بنائي في نمو الاحداث وترابط معانيها، وتومئ إلي أن التاريخ المصري مثل أعلي يحتضن الأصول الأولي والغايات النهائية ويتدفق منطقه الأبدي في الحاضر بوصفه مبدأ عميقًا خفيًا للتماسك والاتساق. وتقدم غرناطة رضوي عاشور شيئًا جديًدا يختلف عما هو مألوف: تصوير الفعل الإيجابي من جانب الشخصية النسائية الرئيسية وهو فعل تلقائي شديد الارتباط بالتكوين الفكري والعاطفي للشخصية. فالمرأة ليست رمزًا لأنوثة خالدة أو لدور جاهز كالوطن أو لقضية عامة، بل هي وافد إبداعي وشخصية متعددة المواهب.
لمزيد من مقالات ابراهيم فتحى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.