أخبار صادمة مفزعة.. وأخبار على استحياء مفرحة.. وأخبار أخرى تصيبك بالنفور والتقزز والغثيان.. ولا تتصور أبدا حدوثها.. ولكنها تحدث كل يوم وكل ساعة وتعلن عن نفسها وتتمختر أمام خلق الله لتكيدنا كيدا مثل البضاعة المزوقة المغشوشة.. والتى لا تجد من يشتريها.. أو حتى من ينظر إليها.. أو يعيرها اهتماما باعتبار أننا فى زمان العبر بكسر العين وفتح الباء وأن سوق الحلاوة جبر.. وادلعوا الوحشين.. كما يقول الموال الشعبى لعمنا شفيق جلال.. وكل هذه الأخبار ينقلها لنا ليل نهار.. ونهار وليل عصابة المحطات التليفزيونية إياها التى أصبحت من كثرتها وبواختها من فعل يبوخ فهو بايخ مثل الهم على القلب.. والتعبير هنا محسوب ومكتوب باسم الست جمالات حرم المعلم بكسر الميم ونصب العين دندراوى العفش صاحب محل العفوشات.. لحمة الرأس والكرشة على ناصية حارة أبوشفة فى درب سعادة فى حى المغربلين فى قاهرة المعز لدين الله.. وهى تضيف هنا وبعد مط شفايفها عجبا وتعجبا »شبرين قدام«: ياباشا المحطات دى ما بتحبش مصر.. دول عاوزين يولعوا البلد.. صدقنى موش بس كده دول عاوزين جنازة ويشبعوا فيها لطم! أسألها: إزاى يا ست هانم؟ ترد عليّ باشمئزاز وهى تقول: أنا موش هانم يا سعادة البيه.. أنا ست شقيانة ليل نهار فى خدمة جوزى الراجل المجدع وولادى المفاعيص.. أكل وشرب للأولاد وللمعلم قبل الأولاد.. لأن طلباته أوامر من غير ما أشتكى أو حتى أنطلق بكلمة واحدة.. وإلا آخد على نفوخى عدل .. بكسر العين والدال وسكون اللام! قلت لها: طيب حيولعوا فى البلد إزاي؟ قالت: ماوراهومشى إلا أخبار النكد والزعل اللى تفور الدم.. الكهرباء مقطوعة.. مواسير المجارى ضربت.. مافيش ميه حلوة فى الحنفيات.. إلحقوا حوادث الطرق كل سنة بيموت فيها ييجى كام ألف مواطن.. إلحقوا العيال بيموتوا فى المدارس.. إلحقوا البنزين فى المحطات خلص.. لا.. لا.. ده ما خلصش ولا حاجة.. دول غلوه هو راخر.. فواتير الكهربا والغاز النار ولعت فيها بعد ما طلعت لفوق.. إلحقوا العفاريت طلعت للناس فى البيوت فى الصعيد.. وبتولع فى عفش البيوت.. إلحقوا البيوت القديمة بتقع على صحابها.. فى إسكندرية واحد.. وفى الترجمان فى قلب القاهرة.. كمان واحد! وطبعا فيه ضحايا هنا وهناك.. وكل واحد بيرمى المسئولية على التاني.. المقاول وصاحب البيت اللى بنى أدوارا زيادة.. والحى الذى راقب البيوت اللى حتقع فوق دماغ سكانها.. ولكن من بعيد لبعيد.. يصدر قرارات ترميم وإزالة طوابق وهدم وإخلاء المبنى كله.. ولكن على الورق بس.. والكل فى مواله.. وودن من طين وودن من عجين حتى تقع الكارثة.. لنلطم كلنا الخدود.. وأول شيء نخلى مسئوليتنا.. ثم نلقى المسئولية على الآخرين! ........................ ........................ تنسحب الست جمالات إلى داخل المحل عندما سمعت بكاء ابنها الصغير قائلة: ما معلهش يا باشا.. الواد صحى من النوم وعاوز يرضع! أطل زوجها المعلم رشوان برأسه من داخل المحل وهو يقول لي: أنا سامع كل حاجة.. ما تسمعشى كلام الحريم ياباشا.. كلام الحريم كتير، وكلاته الكلمة البلدى لكلمة كل كلام لا يودى ولا يجيب.. .. صنف الحريم مالهوش فى السياسة.. تعالى حضرتك نشرب فنجانين قهوة على قهوة المعلم شفاشق على الناصية وعنده كل الجرايد اللى بتصدر فى مصر.. أصله بيبيع جرايد جنب شغل القهوة.. وأصل أهله خرجوه بدرى من المدارس لضيق ذات اليد.. زى ما بيقولنا ودى معناها إيه يا سعادة البيه.. إن أهله كانوا على قد حالهم.. واللا أنا غلطان.. انزوينا جلوسا من حول ترابيزة خشبية عتيقة تهتز بمجرد المشى حولها.. فى ركن بعيد على مقهى المعلم شفاشق.. هكذا اسمه.. وأخذنا جريدة من كل ربطة صحف.. ورحنا نتصفحها معا.. يعنى نقرأ العناوين ونتفرج على الصور.. وبتعبير المعلم شفاشق: نتفرج على »التصاوير«.. وهى كلمة على لسان كل من »يادوب« يفك الخط.. على الصور المنشورة فى الصحف والمجلات! لنبدأ بالأخبار المفزعة المقززة.. خد عندك يا معلم رشوان: سرقة 67 جثة من مقابر الوايلي.. منها عمة مساعد مدير أمن الجيزة + اختفاء 30 جثة من مقابر أسرة واحدة + البطل الحقيقى لفيلم »الحقونا«.. سرقوا كليته وهو حي.. وسرقوا جثته وهو ميت! كان هذا مانشيت جريدة »البوابة« هذا الأسبوع! التعليق هنا للمعلم رشوان: حتى حرمة الأموات بيتاجروا فيها.. إحنا فين يا ولاد فى بلاد نمنم! وعندما سألته: وبلاد نمنم دى فين يا معلم؟ قال: والله أنا سمعتها كده.. هى بلاد يأكل الناس فيها بعضهم! الخبر المفزع رقم اثنين من صحيفة »الوطن«: أم فى الإسكندرية تعرض طفلها للبيع ب 7000 جنيه لأنها حسب أقوالها بعد القبض عليها موش قادرة تصرف عليه.. التعليق للمعلم رشوان أيضا: يا سنة سودة يا ولاد.. وصلنا لحد الأم.. الأم تبيع ضناها عشان الحوجة والفقر! الخبر المفزع رقم تلاتة فقد عرضنا على استحياء من فوق غلاف مجلة روز اليوسف العدد 4513: العنتلة لا دين لها.. كاهن يخون صديقه ويقيم علاقة مع زوجته.. والقضية وصلت إلى أسماع البابا تواضروس الثاني.. ومازالت معروضة أمام المحاكم! التعليق لي: قلت للمعلم رشوان قبل أن يتفوه بكلمة واحدة: بتحصل يا معلم.. وعندنا إحنا حصلت فى الستينيات أن أقام قاضى شرعى أمام المحاكم الشرعية علاقة آثمة مع صاحبة قضية شرعية وكانت حكاية هزت مصر كلها حتى وصلت أخبارها إلى أسماع الرئيس جمال عبدالناصر أيامها.. فأمر بإلغاء المحاكم الشرعية.. وتحويل القضايا الشرعية إلى القضاء العادي.. قبل أن تظهر محاكم الأسرة التى تنظر الآن فى هذه القضايا! ................... ................... قلت للمعلم رشوان وهو يسحب أنفاسا من شيشة عجمى عجب: تعال نقرأ الأخبار التى ترفع ضغط الدم وتجيبلك العصبى وتعكر مزاجك شهرين قدام؟ قال: زى إيه كده يا باشا؟ قلت: يعنى زى خبر مصرع 6 من أفراد أسرة واحدة فى سوهاج بسبب تسرب غاز بوتاجاز بمسكنهم! قال: بيحصل كل يوم.. وماحدش بيتدخل فى المصيبة السودة دي! قلت: زى برضه 20 ألف متظلم فى امتحانات ال 30 ألف معلم! قال: يعنى تقريبا الكل موش عاجبه الامتحانات واللا الترشيح لوظيفة معلم.. فى آخر الدنيا مثلا! قلت: وخبر نشرته جريدة »اليوم السابع« فى صدر صفحتها الأولى باللون الأحمر.. الخبر يقول: المصريون يهربون عبر الحدود + سعر تهريب المصرى 2000 دولار والفلسطينى والسورى 4000 دولار + 3 أطفال بسعر شاب! قال: طيب السوريين والفلسطينيين بيهربوا من غلبهم.. والمصريين بيهربوا ليه؟ قال: عشان لقمة العيش ياباشا؟ يخطف المعلم رشوان مجلة »روز اليوسف« من أمامى وهو يقول لى بغيظ: اشمعنى يعنى ما بتتكلمش على خبر سما المصرى اللى بتقول بعد كليبها الصارخ: أحمد الشبشب ضاع وهى تقول بكل وضوح وصراحة والصراحة برضه موش عيب: الخلاعة والمياصة مذهبي! ..................... ..................... قلت للمعلم رشوان: الخبر الذى أصابنى بالغثيان وقرف الدنيا كلها نشره »الأهرام« تحت عنوان »أطباء.. ولكن قتلة!«.. ويحكى حكاية الأطباء الذين أجروا جراحة لسيدة عربية فى مستشفى خاص فى مدينة نصر.. وعندما ماتت حملوها فى عربة الطبيب حيث ألقوها جثة هامدة للكلاب الضالة تنهش لحمها حتى الصباح! قال: يا سنة سودة يا أولاد.. حسبنا الله ونعم الوكيل! قلت: عندك كمان يا معلم وزارة الصحة أعلنت عن وجود نحو 1600 حالة إصابة بالحصبة على مستوى الجمهورية منها أول حالة وفاة لطفل عمره 4 سنوات فى بنى سويف + إنفلونزا الطيور تحصد 18 حالة بينها 8 وفيات + وباء الطاعون يلتهم مئات الأغنام فى الغربية + اختفاء 242 قطعة أثرية ذهبية وفضية من قصر الأمير يوسف كمال فى نجع حمادي.. وقبضوا على الخفير! حاشية من عندي: الأمير يوسف كمال.. هو مكتشف واحات الصحراء الغربية وله رحلات علمية غاية فى الأهمية فى طول خريطة مصر.. وقصوره كلها قطع فنية تضم لوحات عالمية لكبار الرسامين العالميين.. يا عالم شوفوا لنا حل فى حكاية سرقة القصور الملكية ومقابر المماليك التى أصبحت ضمن منظومة الآثار المصرية.. ولكن تقول لمين واللا لمين؟ .................. .................. يسألنى المعلم رشوان: هو خلاص مافيش حاجة حلوة فى البلد يا باشا؟ قلت له: فيه.. والحلو أكتر من الوحش.. ومياه النيل سارية وبتجرى تدينا حنان وشبع وصبر كمان! وخد عندك يا سيدي: الرئيس السيسى يعلن فى عيد العلم عن مبادرة لبناء مجتمع يتعلم ويفكر ويبتكر + توزيع مليون فدان على شباب الخريجين + إحالة 8 أطباء فى مستشفى كفر الدوار العام للمحاكمة لامتناعهم عن توليد سيدة فى حالة وضع فى المستشفي.. مما ترتب عليه ولادتها فى الطريق العام أمام المارة ووسط الكلاب والقطط الضالة + الرئيس السيسى يبحث خلال زيارته الصين التى تبدأ بعد أيام تنفيذ مشروع القطار الكهربائى فائق السرعة فى العاشر من رمضان فى القاهرة! يرد المعلم رشوان: طيب موش الأول نحل مسألة انقطاع التيار الكهربائى المتقطع؟ قلت له مطمئنا: حيحصل.. كل هذا سحابة صيف وحتعدي.. صدقني! ................... ................... قال لى المعلم رشوان بدهشة: مالك كده متفائل زيادة عن اللزوم؟ قلت له: سوف أقرأ عليك آخر إبداعات الصديق الشاعر سمير عبدالباقي.. هو يقول: لأنك يا بنى آدم إنسان.. محتاج لحنان ورغيف وغموس.. بتحكم لابنك بأقلام وألوان.. ولعب وكتب ولبن ودروس.. وبتحتاج فى البيت والغيط للحب.. بوزك قلبك على الصعب تدوس.. وده كله فى عرف الأيام ونظام السوق.. محتاج فى الحلم.. فلوس.. ولذلك لجل ما يقضى إنسان يا بنى آدم.. محتاج لجل ما تشقى تروق.. تعيش فى أمان.. وعلى الصعب تدوس! .................. .................. وأنا أقول هنا بلسان أم كلثوم: وقوم يامصري.. مصر دايما بتناديك.. ودوس على كل الصعب.. وسير!{ Email:[email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى