المؤتمر الذى عقده اللواء خالد فودة، محافظ جنوبسيناء، الأسبوع الماضى بشرم الشيخ للمستثمرين ورجال الأعمال ليعرض عليهم الرؤية الاستراتيجية لتنمية مدينة شرم الشيخ فى ضوء المخطط الاستراتيجى لتنمية محافظة جنوبسيناء، يستحق التقدير من وجهة نظرنا للأسباب التالية: ان الحضور كان متميزا وضم نخبة من كبار المستثمرين تحاوروا حول مستقبل الاستثمار فى المحافظة بمنتهى الجدية وبمشاركة مجموعة من المسئولين والخبراء من جميع أجهزة الدولة. ان الرؤية تضمنت لأول مرة عشرات المشروعات الجاهزة تم وضعها أمام المستثمرين لاختيار ما يناسبهم منها للتنفيذ وهذا شيء رائع، كما تضمنت الرؤية عرضا للقضايا والمشكلات التى تواجه الاستثمار فى محاولة لحلها ..وياليت كل محافظات مصر تفعل ذلك. ان المحافظ والمتخصصين والمسئولين عندما عرضوا الرؤيةفى المؤتمر كانت محل احترام وتقدير لأنها جاءت بعد دراسات علمية جادة وتم عرضها فى شكل محترم من خلال أوراق مكتوبة وبرسومات توضيحية بشكل يسهل الاطلاع عليه. إن توقيت عقد المؤتمر والإعداد الجيد له كان موفقا بحيث يسبق المؤتمر الاقتصادى الكبير فى مارس القادم للاستفادة بكل الآراء قبل هذا المؤتمر وحتى تكون المشروعات جاهزة من كل الوجوه. السبب الأخير هو أننى دائما ما أكتب وأقول إن شرم الشيخ هى «درة التاج» فى السياحة المصرية وأنها إذا كانت تحقق ما يقرب من ثلث أعداد السائحين إلى مصر فإن الأهم انها هى التى كانت الشعلة المتوهجة فى تسويق السياحة الشاطئية فى مصر خاصة بهذا الخليج المسمى خليج نعمة الذى اضيف اليه حاليا ميدان سوهو الذى أصبح عنوانا للترفيه الراقى فى شرم الشيخ وكذلك مشروعات أخرى يجرى تطويرها فى المدينة حاليا وآخرها توسعة الطريق الرئيسى من المطار حتى خليج نعمة وهى خطوة فى غاية الأهمية وتعطى بعدا جماليا لكل شرم الشيخ حتى تظل بالفعل «درة التاج» فى السياحة المصرية. أما بخصوص ما عرضه اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء من مشروعات للاستثمار والتنمية فى شرم الشيخوجنوبسيناء فإنه قد حدد فى الرؤية الاستراتيجية مناطق التنمية السياحية والصناعية والزراعية والأنشطة البترولية والمناجم والمحاجر والمحميات ومناطق السفارى والآثار وما يمكن أن توفره من فرص عمل وكيف تسهم فى توطين السكان حتى عام 2052. ومن الجميل أننى وجدت أن هذه المشروعات تتضمن 7 مراكز سياحية على خليج السويس و9 مراكز على خليج العقبة تضيف طاقة فندقية كبيرة إلى السياحة المصرية والتى أضافت بالفعل 60 ألف غرفة فى شرم الشيخ فقط بنسبة 80% من إجمالى الغرف فى المحافظة. وتشير الدراسات المعروضة والمشروعات الجاهزة للاستثمار إلى إمكان استصلاح 100 ألف فدان بالظهير الخلفى لسهل القاع واستصلاح وزراعة الأعشاب الطبية فى وادى فيران بسانت كاترين، وكذلك مشروعات أخرى جاهزة فى مجال الصناعة منها إنتاج الرمل الزجاجى بأبو زنيمة ومشروعات خدمات وبنية أساسية منها إنشاء مطار رأس سدر ومبنى ثالث فى مطار شرم الشيخ لاستيعاب 18 مليون سائح سنويا، وإنشاء جامعة فى مدينة الطور ومحطات لتوليد الطاقة الشمسية. لكن من أهم ما توقفت عنده فى هذا المؤتمر أن هذه الرؤية لا تنظر إلى المستقبل بعيون وردية فقط ولكنها طرحت القضايا والمشكلات التى تواجهها المحافظة بكل جرأة وحددتها بعشرين قضية أو مشكلة على رأسها وجود مناطق متدهورة عمرانيا فى شرم الشيخ مثل منطقة السوق القديم، وأن هناك بعض العشوائية فى التنمية فى خليج نعمة مع تدنى مستوى الخدمات ولا توجد رؤية لإدارة المناطق الجبلية وأماكن سياحة السفارى وسوء استغلال الشعاب المرجانية والغطس العشوائى غير المنظم وعدم الاستفادة من إمكانات شرم الشيخ فى سياحة المؤتمرات وتدنى الأسعار. إن الاعتراف بهذه المشكلات فى جرأة شديدة هو أول خطوة على طريق حلها وهو ما فعله اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء، كما أن عرض المشروعات الجاهزة على المستثمرين، كما أكد هشام على رئيس جمعية المستثمرين فى جنوبسيناء، خطوة تستحق التقدير خاصة أنها بناء على دراسات علمية وكانت موضع ترحيب من جميع الحضور فى المؤتمر ودفعت عددا منهم لإعلان رغبتهم فى تنفيذ مشروعات محددة فى المرحلة المقبلة واتفقوا بالفعل مع المحافظ على البدء فى إجراءات التنفيذ مما سيعطى دفعة كبيرة للاستثمار فى جنوبسيناء. والآن .. استطيع أن أقول إن المشروعات جاهزة للاستثمار بالفعل فى شرم الشيخوجنوبسيناء ولا تحتاج إلا قليلا من السرعة والجدية فى تعديل المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 فهو بالفعل يعطل الاستثمار فى جنوبسيناء للمشروعات السياحية القائمة خاصة ما أحدثه من غضب بين المستثمرين الذين لديهم جنسيات مزدوجة والذين يفرض عليهم توفيق أوضاعهم. وهل سيطبق بأثر رجعى أم لا؟ وكذلك قضية أن الأرض بحق الانتفاع فقط وكل مشكلات تنفيذ هذا القانون من خلال جهاز تنمية سيناء . لقد دارت مناقشات كثيرة حول هذا القانون على دراية بها المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ووزيرا السياحة والاستثمار وكلها تقترح حلولا أو تعديلات على هذا القانون لكنها لم تنفذ حتى الآن.. وعلى العموم لقد علمت من المحافظ أن هناك اقتراحات بتعديلات أحالها رئيس مجلس الوزراء إلى اللجنة التشريعية، ونحن نتمنى أن تجد طريقها إلى النور قبل المؤتمر الاقتصادى الكبير فى مارس المقبل حتى تكون نقطة اطمئنان للمستثمرين خاصة أنه يجرى حاليا الإعداد لقانون الاستثمار الموحد فى إطار اصلاح تشريعى متكامل يصب فى صالح التنمية والاستثمار فى جنوبسيناء. الى جانب هذا القانون تبقى قضية البيروقراطية المصرية وقوانين ولوائح المحليات التى تنظم الاستثمار فى كل محافظات مصر.. والذى لاشك فيه إننا يجب أن نتخلص من كثير من هذه البيروقراطية ولا أحب أن أقول فساد المحليات!! لكن من غير المعقول أن تكون قوانين المحليات التى تتحكم فى كل مدن مصر من الصعيد إلى الدلتا هى التى تتحكم فى المدن السياحية ... لابد من نظرة جديدة لتعديل هذه القوانين بحيث تكون هناك نظرة خاصة لكيفية التعامل فى المحليات مع الاستثمار فى شرم الشيخ بحيث يختلف عن التعامل مع الاستثمار فى كفر الشيخ أو بنى سويف مع كل الاحترام لجميع مدن مصر فأنا لا أقصد مدينة بعينها.. لكنى مقتنع بان شرم الشيخ منتجع سياحى لابد أن تتعامل معه المحليات بمنطق مختلف. لمزيد من مقالات مصطفى النجار