تتزاحم المشكلات وتختل عملية تحديد الأولويات, فالثورة تمر بمرحلة دقيقة محفوفة بالتحديات من كل جانب, ويأتي النمو المخيف للعشوائيات كأحد التحديات التي تفرض نفسها كقضية لاتحتمل التأجيل لأنها تتعلق بأرواح المواطنين وسلامتهم, بل وتتعلق ايضا بالأمن الغذائي وتآكل المساحة الخضراء. فبعد ثورة 25 يناير تسابق الانتهازيون علي اقامة المباني المخالفة بالقري والنجوع والتعدي علي الأراضي الزراعية وبلغت تلك التعديات اكثر من 12 ألف فدان, كما انتشرت العشوائيات في المدن بشكل واضح ففي مدينة الإسكندرية وحدها تم تشييد اكثر من عشرة آلاف عقار مخالف خلال عام 2011 وكثرت المباني بدون اشراف أو رقابة, وفي المستقبل القريب ستظل الكوارث من جميع أنحاء المعمورة نتيجة للبناء بدون ترخيص أو مراعاة للمواصفات الفنية, ناهيك عن الآثار السلبية للتعدي علي أجود الأراضي الزراعية وأكثرها خصوبة. لقد زادت الرقعة العشوائية نتيجة للغياب الكامل لأجهزة الدولة واصبح دور الأحياء المراقبة فقط ووضعت قرارات الإزالة في الادراج, ولم يقتصر النمو العشوائي علي المناطق غير المخططة بل بدأت تنتشر في المناطق غير الآمنة وهي المناطق المهددة للحياة والمهدرة للصحة والاستقرار كالمناطق التي تقع تحت خطوط كهرباء الضغط العالي. وانتشار العشوائيات يعقد من المشكلات التي يتعرض لها الوطن فهي المأوي للبلطجية وتجار المخدرات والخارجين عن القانون والهاربين من تنفيذ الأحكام, كما تعاني من ارتفاع مستويات الفقر وحرمان اطفال العشوائيات من الحد الأدني من الحقوق والرعاية مما يعرضهم لجميع أنواع الاستغلال. والمطلوب من مجلس الشعب سرعة إصدار تشريع يغلظ عقوبة مخالفات المباني, ويجب ألا يقتصر الأمر علي هدم المباني المخالفة بل وتعرض اصحابها للمساءلة القانونية. كما يجب ان تقوم المحليات بإنشاء قاعدة بيانات للمناطق العشوائية والعقارات المخالفة وتلك الآيلة للسقوط لتقييم حجم المشكلة, وتحديد افضل الوسائل للتعامل معها, واعطاء أولوية لإزالة العقارات المهددة قبل أن تنهار فجأة وبداخلها السكان لتكرر المأساة.