منذ بدء الحملة الموسعة التى تقوم بها القوات المسلحة فى إطار حربها على عناصر الإرهاب وخفافيش الظلام التى تتخذ من محافظة شمال سيناء مسرحا لعملياتها، تغير شكل الحياة تماما ونمطها لكافة المواطنين، حيث فرضت مظاهر تلك الحرب أمورا حياتية مختلفة تتسم بالصعوبة وعدم ممارسة الأعمال اليومية بشكل طبيعي، نظرا للتغيير الكبير الذى طرأ على المجتمع السيناوى بعد فرض حظر التجوال فانقلبت وتيرة الحياة رأسا على عقب، وتأثر التعليم أيضا كما تأثرت ممارسة الأعمال الحرفية والمهنية بشكل واضح بل واختلفت انماط الحياة بكافة المجالات. الأهرام ترصد كل تلك المتغيرات التى طرأت على المجتمع السيناوى أثناء الحرب على الإرهاب ومنها التعليم والمواصلات والاتصالات والإسكان والمصايف السياحية والتعامل الأمنى بل وحياة الأسر داخل منازلهم فضلا عن المتغيرات الاقتصادية التى أثرت بشكل كبير على كل المجتمع بكل طوائفه، وأسعار العقارات بعد نزوح أصحاب البيوت التى تم إخلاؤها بمدينة رفح على الشريط الحدودى. صرف الرواتب تقول المواطنة هناء رفعت: أعمل موظفة بالقوى العاملة وصرف مرتبى من البنك يتطلب منى الذهاب مبكرا إلى ديوان البنك حيث سور مرتفع يغلق واجهته ويغطى ماكينة الصراف الآلى المعطلة على الدوام، نظرا لانقطاع شبكات المحمول والإنترنت وعلى أن أقوم بالمحاولة مرات ومرات ولا يمكننى صرف النقود فأضطر للدخول إلى صالة البنك فى انتظار عودة شبكة المحمول قبل انتهاء مواعيد العمل الرسمية داخل البنك وهو الأمر الذى لا يتكرر كثيرا ويعتمد على الحظ فقط، فغالبا ما تنقطع الشبكة قبل أن أتمكن من صرف راتبى لأعود فى اليوم التالى فى تكرار نفس المحاولة وتؤكد: هذه المشاهد لم نكن نعرفها قبل الأحداث التى غيرت شكل الحياة فى سيناء وأصبحنا نعيش ظروفا استثنائية بسبب الحرب على الإرهاب وان كنا نتمنى سرعة زوالها إلا أننا اعتدنا تحمل مثل هذه الأوضاع فى سبيل الوطن، وان يحول ذلك دون أن يجرح جنديا مصريا وان يقتل بريئا بلا ذنب . ويضيف احمد فؤاد أحد أهالى العريش - أنه لم يتمكن من إرسال حوالة بنكية إلى نجله الذى يدرس بإحدى جامعات محافظة القاهرة لسداد المصروفات الدراسية واضطر للسفر إلى مدينة القاهرة بنفسه ليعطى نجله النقود وسط توقف الحالة المصرفية والتعاملات البنكية، فيما يقول أحمد حسن موظف ببنك مصر لجأنا إلى منظومة فى بعض البنوك وليست كلها وهى التعامل عبر شبكات الأقمار الصناعية لتعذر استخدم الشبكة الدولية فى محاولة لحل المشكلة وتسهيل الأمور على المواطنين وقد اضطررنا للتعامل من خلال المستندات الورقية فى محاولة للتخفيف عن العملاء. صعوبة التنقل تقول ام سليمان وهى سيدة ستينية العمر وان كانت ملامحها تبدو أكثر من ذلك بكثير وظهرها المنحنى وغطاء الرأس الذى زينته ببعض نقوش مطرزة والأقفاص التى تحملها وبداخلها طيور منزلية اعتادت أن تبيعها فى سوق مدينة العريش قادمة من قرية الروضة، تقول اضطررت إلى تقليل عدد المرات التى أتوجه فيها إلى أسواق مدينة العريش بسبب الوقت الطويل الذى نمضيه أمام نقطة شرطة الميدان عند نقطة شرطة العريش فى الذهاب والعودة وهو ما أثر بالطبع على سيدات القرية والقرى المجاورة لها حيث اضطررت للتقليل من الطيور التى كنت أصطحبها معى لبيعها بالعريش نظرا لقلة عدد الساعات التى أمضيها هناك وضياع معظم الوقت وقلة عدد السيارات التى تنقلنا من والى المدينة. المسلحون يستهدفون الأطفال فى مدينة رفح تقول ام مرعى ابدأ حياتي فى الساعة السادسة صباحا فأطفالى وعددهم خمسة فى مراحل التعليم المختلفة وزوجي يعمل مزارعا فى قطعة ارض يمتلكها وأنا ربة منزل ...أستيقظ يوميا على أصوات الرصاص والذى يكون غالبا اشتباكات مع الإرهابيين وكذلك طائرات الأباتشى التى تحاصر المنطقة فالجميع يشعر بالأمان إذا ما شاهدوا أفراد القوات المسلحة أو الطائرات فهذا يعنى بالنسبة لنا أن رصاص الإرهاب الغادر لن ينال منا ..وتضيف أم مرعى أستودع أبنائى فى رعاية الله مع مطلع كل صباح خاصة ان الإرهابيين يستخدمون أساليب قذرة فى هجومهم المستمر، فهم يتعمدون الاشتباك مع أجهزة الأمن أثناء ذهاب أو عودة أبنائنا من المدارس ونحن نعلم ذلك تماما ويقومون باستهداف الأطفال الصغار حتى ينشروا على مواقعهم أن الأطفال قتلوا برصاص الأمن. وهنا تذكر أم مرعي قصة جندى ضحى بحياته فى سبيل إنقاذ حياة الأطفال أثناء عودتهم من المدارس، لأن الأطفال كانوا يتوسطون المعركة وعندما شاهدهم الجندى وكان مشتبكا مع احد الإرهابيين توقف عن إطلاق الرصاص، حتى لا يصاب أحد من الأطفال، فاستغل الإرهابيون ذلك وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص فنال الشهادة على الفور فى هذه المعركة. خفافيش الظلام الشيخ حسين أبو مراحيل من الشيخ زويد يقول: نقوم يوميا بتأمين المربع الذى نعيش فيه وهكذا يفعل الجميع تخوفا من قيام الإرهابيين بالتسلل الى مناطقهم اثناء ظلام الليل لزراعة عبوات ناسفة، فنحن نساعد أجهزتنا الأمنية بهذه الطريقة لتفادى اكبر قدر ممكن من اعمال الإرهابيين الخسيسة وأضاف أن الإرهاب أصبح محاصرا بنيران القوات المسلحة وثأر المواطنين. ابتسامات الجنود لا تنقطع بالرغم من تعرض رجال الأمن من القوات المسلحة والشرطة بشكل مستمر الى رصاص الغدر المحاط بهم فى كل لحظة فانك تجدهم يتمتعون بأقصى درجات ضبط النفس فى التعامل مع المواطنين، فعندما يستوقفك الجنود على طريق رفح تجد ابتساماتهم تعلو وجوههم وسط روح معنوية مرتفعة، ولا يخلو الأمر من نكتة أو كلمة ترحيب وغالبا ما تتركهم وأنت تدعو لهم بأن يحفظهم الله من كل سوء ودائما على ألسنتهم ذكر الله، معبرين عن موقفهم أنهم مؤمنون للغاية بما يفعلونه من تطهير سيناء من الإرهاب وجميعهم متيقنون تماما أن الحياة والموت بيد الله، خاصة عندما قال احد الجنود لنا أثناء عودتنا من رفح وعبورنا وسط أحد الأكمنة الأمنية آن دورنا هو الحفاظ على حياة المواطنين الشرفاء برفح، أما حياتنا فنحن ان لم نمت بالسيف متنا بغيره، فالاعمار بيد الله وحده ونحن نطلب الشهادة من الله يوميا لن نترك سيناء إلا بعد أن نقضى على الإرهاب ويشعر كل مواطن فى هذه المنطقة الغالية بأنه آمن على نفسه وماله وعرضه.. بهذه الكلمات اختتم هذا الجندى حديثه معنا على أحد الأكمنة برفح لنستشعر بمدى الحب الذى يملأ قلوبهم تجاه المواطنين ومدى استبساله بحياته فى محاربة الإرهاب الأسود. انخفاض أسعار الشقق على عكس المتوقع بعد اخلاء المنطقة الحدودية برفح شهدت مدينة العريش والقرى المجاورة لها انخفاض ملحوظ فى اسعار الوحدات السكنية والشاليهات وصل بعضها الى النصف، فقد وصلت اسعار الوحدات السكنية بمنطقة المساعيد غرفتين وصالة من 40 الفا الى 50 الفا فقط وهو نفس السعر تقريبا منذ خمسة عشر عاما ويرجع عبد الله قنديل رئيس الغرفة التجارية بسيناء ذلك الانخفاض لتخوف المواطنين من شراء منازل بسيناء ويفضلون شراءها بالقاهرة او الاسماعيلية، إضافة الى قيام العديد من المواطنين بوادى النيل والذين لديهم وحدات سكنية بالعريش بعرضها للبيع فاصبح المعروض بكميات كبيرة وسط الحالة الامنية التى تمر بها المحافظة.