لم تكن مشاركة مصر ممثلة في وزير خارجيتها محمد عمرو في المؤتمر الدولي حول الصومال في لندن, ثم مشاركته في مؤتمر اصدقاء سوريا في تونس نهاية الاسبوع الماضي إلا تأكيدا لما توليه القاهرة من اهتمام كبير بالوضع في كلا البلدين العربيين الشقيقين. ولاشك في أهمية ملف الأوضاع في الصومال بالنسبة لمصر, في ضوء الروابط التاريخية والأخوية التي تربط شعبي البلدين, وكذلك علي ضوء موقع الصومال الجغرافي بالغ الأهمية علي المدخل الجنوبي للبحر الأحمر, وارتباط هذا الملف بدولة عربية وإسلامية وافريقية مهمة للقاهرة ولمصالحها الوطنية. علاوة علي ضرورة المساعدة علي وضع أسس واضحة وسليمة للمؤسسات الدائمة في الدولة الصومالية بعد نهاية المرحلة الانتقالية في أغسطس.2012 القاهرة تؤكد بحسب المصادر ضرورة مواصلة تقديم المجتمع الدولي كل الدعم الممكن للحكومة الانتقالية الصومالية القائمة للوفاء بالتزاماتها, خاصة مع دخول الفترة الانتقالية التي نص عليها اتفاق جيبوتي عامها الأخير, وذلك بالأخص فيما يتعلق بتحقيق المصالحة الوطنية وتوسيع نطاقها لتشمل مختلف أطياف الشعب الصومالي. كذلك الانتهاء من وضع الدستور الجديد للبلاد بشكل يساعد علي إرساء أسس واضحة للنظام السياسي وللحكومة الصومالية في المرحلة القادمة, و تحقيق معايير الشفافية والمساءلة بالمؤسسات الصومالية, فضلا عن تحسين الأوضاع الأمنية بالبلاد. وكل هذا يأتي مع التشديد في الوقت ذاته علي أن يكون في إطار دولة صومالية موحدة ومستقرة وآمنة. كما أن مصر تشدد علي ضرورة تأكيد المجتمع الدولي التزامه بالعمل علي ضمان وحدة الصومال وتكامل أراضيه, وتفادي تفتيته, لما لذلك من نتائج وخيمة علي الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي, لذا يجب ألا تؤدي مساعي استعادة الاستقرار والسلام للتضحية بوحدة الصومال نتيجة للصعوبات التي تعتري عملية المصالحة بين الفصائل المختلفة. كما أن مصر حريصة علي تعظيم الدور العربي والإسلامي في مواجهة المشكلات التي يواجهها الصومال, وبالأخص فيما يتعلق بتحقيق المصالحة ومواجهة الحركات الإرهابية, خاصة لوجود مصداقية كبيرة للقوي الإسلامية والعربية لدي شعب الصومال, نتيجة للعوامل المشتركة من الثقافة واللغة والدين. كما أنها اي القاهرة- واعية بأهمية دعم الجهود الإقليمية والقارية في التعامل مع قضايا الصومال, وبضرورة استكمال الدور الأفريقي النشط والقيادي في الصومال بدور مواز ومنسق من جانب الدول والمنظمات العربية والإسلامية. وتشير التقارير إلي أن الموقف المصري يميل إلي تفضيل محاولة تضمين العناصر والفئات المعتدلة داخل تنظيم الشباب في نطاق عملية الحوار والمصالحة الوطنية الشاملة في الصومال, حيث أن عناصر هذه الحركة ليست كلها علي الدرجة نفسها من التشدد والتطرف في الفكر, وان عددا من عناصر الحركة لا يتبنون مواقف إيديولوجية دينية متطرفة, بل يتبعون فكرا وسطيا ويمكن الحوار معهم واجتذابهم بعيدا عن حركة الشباب. من جهة أخري, جاءت مشاركة مصر في المؤتمر الدولي لأصدقاء سوريا في تونس باعتبارها معنية بالشأن السوري بصورة مباشرة, ليس فقط لأن البلدين كانا في التاريخ القريب دولة واحدة ولكن أيضا لأن كليهما امتداد مباشر للأمن القومي للآخر وإن رؤية مصر لاجتماع أصدقاء سوريا والتي أعلنها وزير الخارجية محمد عمرو أمام المؤتمر تتضمن ضرورة القيام بأربع مهام عاجلة, وهي: دعم تطبيق قرارات الجامعة العربية وإيجاد صيغة لإرسال قوة مراقبة أو حفظ سلام إلي سوريا وبدء العملية السياسية لتحقيق جميع مطالب الشعب السوري. الانفتاح علي كل أطياف المعارضة السورية ومطالبتها بالقيام بواجبها للتوصل لرؤية موحدة للحل السياسي المنشود للأزمة السورية فشرعية المعارضة السورية لن تتحقق إلا بتوحدها. التحرك الفوري لتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوري والتفاوض مع الحكومة السورية لإدخال هذه المساعدات للمناطق المنكوبة. نعتقد أن الوجود الفاعل للدبلوماسية المصرية في هذه المؤتمرات يشير الي عودة قوية للتفاعل مع الملفات العربية, خاصة تلك التي تمس الأمن القومي, الأمر الذي يدعونا للتساؤل: هل تستمر هذه الصحوة دون الانكفاء علي تداعيات الشأن الداخلي؟.