هل تذكرون دولة الصومال .. إنها إحدى الدول العربية الاسلامية .. ما زال هذا البلد الشقيق يعانى أهله من الحرب الأهلية التى أكلت الأخضر واليابس ., يبدو أن العالم بدأ يتحرك عمليا لإنقاذها قبل الفناء.. فقد استضافت العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس الماضى مؤتمرا دوليا دعا إلى عقده رئيس الوزراء البريطاني لبحث الأوضاع في الصومال وتنسيق رؤى مختلف الأطراف الفاعلة داخلياً وإقليمياً في هذا الملف، وذلك بهدف محاولة التوصل إلى إستراتيجية توافقية لمعالجة مختلف القضايا الملحة على الساحة الصومالية مع قرب انتهاء الفترة الانتقالية في الصومال بحلول شهر أغسطس 2012. شارك فى المؤتمر الرئيس الصومالي، ورئيس الوزراء، ورئيسي إقليمي "صومالي لاند" و"بونت لاند"، وكذا قيادات تنظيم "أهل السنة والجماعة" وبعض العشائر الصومالية. والرئيس الأوغندي، والرئيس الكيني، ورئيس الوزراء الإثيوبي في، وقادة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وبعض دول الخليج (منها الإمارات وقطر)، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأممالمتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، والجامعة العربية ومصر. يتناول المؤتمر الجوانب السياسية والأمنية للأوضاع في الصومال دونما تركيز على الأوضاع الإنسانية، وذلك من خلال المحاور التالية:عملية السلام وإنهاء المرحلة الانتقالية، حيث يركز هذا المحور على الترتيبات الخاصة بشكل وطبيعة عمل مؤسسات الدولة بالصومال بعد نهاية المرحلة الانتقالية.. الدعم المالي المقدم للحكومة الصومالية، في ضوء تحفظ المانحين الدوليين على تقديم مساعدات مالية مباشرة إلى الحكومة الانتقالية في ظل انتشار الفساد فيها..الملف الأمني في الصومال.. وكيفية التعامل مع حركة الشباب المجاهدين خلال المرحلة المقبلة، وسبل الحفاظ على استقرار المناطق المحررة من سيطرة الحركة مؤخراً، وكذا سبل القضاء على البؤر الإرهابية الأخرى بالصومال..ملف القرصنة قبالة السواحل الصومالية، وبالأخص ما يتصل بمسألة تسليح السفن التجارية لمواجهة عمليات القرصنة، وكيفية محاسبة ومعاقبة الأشخاص الذين يتم القبض عليهم بتهمة ارتكاب جرائم القرصنة، فضلاً عن رصد المتحصلات النقدية التي يحصل عليها القراصنة..مواصلة تنسيق الجهود الدولية خلال المرحلة المقبلة، حيث من المقرر النظر في المقترح البريطاني بتشكيل مجموعات عمل مصغرة لمتابعة التقدم الواقع في المحاور المشار إليها عاليه فيما بعد، وذلك بالتنسيق مع مجموعة الاتصال الدولية حول الصومال. موقف مصر من الأزمة الصومالية يتحدد فى عدة عناصر تشمل : الترحيب بالتطورات العديدة التي طرأت على الساحة السياسية الصومالية خلال العام الماضي بغرض تعزيز قدرة الشعب والحكومة الصوماليين على إنهاء المرحلة الانتقالية بنجاح، وكذلك المساعدة على وضع أسس واضحة وسليمة للمؤسسات الدائمة في الدولة الصومالية بعد نهاية المرحلة الانتقالية في أغسطس 2012. ودعمها الكامل ل "اتفاق كمبالا" الذي تم وفقاً له تمديد المرحلة الانتقالية لعام إضافي، والتأكيد على أهمية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالبلاد فور انتهاء المرحلة الانتقالية. وكذلك لخارطة الطريق التي قام مكتب الأممالمتحدة بالصومال بإعدادها لتوضيح استحقاقات المرحلة الانتقالية في عامها الأخير.. حث مصر للمجتمع الدولي على تقديم جميع أشكال الدعم الممكنة للحكومة الانتقالية الصومالية القائمة للوفاء بالتزاماتها، خاصة مع دخول الفترة الانتقالية التي نص عليها اتفاق جيبوتي عامها الأخير، وذلك بالأخص فيما يتعلق بتحقيق المصالحة الوطنية وتوسيع نطاقها لتشمل مختلف أطياف الشعب الصومالي، والانتهاء من وضع الدستور الجديد للبلاد بشكل يساعد على إرساء أسس واضحة للنظام السياسي وللحكومة الصومالية في المرحلة القادمة، في إطار دولة صومالية موحدة ومستقرة وآمنة. تشديد مصر على ضرورة تأكيد المجتمع الدولي لالتزامه بالعمل على ضمان وحدة الصومال وتكامل أراضيه، وتفادي تفتيته، لما لذلك من نتائج وخيمة على الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، لذا يجب ألا تؤدي مساعي استعادةالاستقرار والسلام للتضحية بوحدة الصومال نتيجة للصعوبات التي تعتري عملية المصالحة داخلية بين الفصائل المختلفة.حرص مصر على تعظيم الدور العربي والإسلامي في مواجهة المشكلات التي يواجهها الصومال، وبالأخص فيما يتعلق بتحقيق المصالحة ومواجهة الحركات الإرهابية، وضرورة استكمال الدور الأفريقي النشط والقيادي في الصومال بدور مواز ومنسق من جانب الدول والمنظمات العربية والإسلامية.تقدير مصر للدور الكبير الذي اضطلعت به بعثة حفظ السلام الأفريقية في الصومال في تعزيز الأمن والاستقرار هناك، وتقديرها لكل من أوغندا وبوروندي وجيبوتي لما تسهم به هذه الدول من قوات في البعثة. كما تؤكد مصر على دعمها الكبير للمساعي القائمة لزيادة عدد قوات البعثة إلى 17 ألف جندي وتقديم المساندة الفنية واللوجيستية اللازمة لعمليات البعثة. لقد حرصت مصر دائماً على دعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال، حيث قدمت في عام 2010 معونة لوجيستية للحكومة الصومالية عبارة عن ملابس للقوات المسلحة الصومالية، كما عرضت تدريب 600 عنصر من الشرطة والجيش وحرس السواحل الصومالية من خلال برامج شاملة ومتنوعة. وتولى مصر أهمية لنشر مفاهيم الإسلام الصحيح فى الصومال ، من خلال البرنامج المصري للتوعية بصحيح الإسلام الذي ينفذ بالتعاون مع جامعة الأزهر، وضعاً في الاعتبار المكانة العالية التي تحظى بها هذه المؤسسة العريقة كمنارة للإسلام المعتدل في العالم، ومصر على استعداد لزيادة عدد الأئمة الصوماليين المشاركين في هذا البرنامج، وذلك بما يساعد على نشر مبادئ الإسلام المعتدل في ربوع الصومال. فيما يتعلق بظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، فإن مصر تتابع باهتمام شديد هذه الظاهرة وتصاعدها بشكل ملفت علي مدار الأعوام الأربع الماضية، حيث أن ظاهرة القرصنة تؤثر سلباً على حركة التجارة الدولية بالقرب من المجرى الملاحي الأول في العالم والاهم بالنسبة لمصر متمثلاً في البحر الأحمر وقناة السويس، كما أن عددا من عمليات القرصنة قد وقع على سفن مصرية، وهو ما يضاعف من الاهتمام المصري بالظاهرة وجهود مكافحتها. ترى مصر انه رغم الإسهام الذي تمثله الجهود الدولية لمقاومة هذه الظاهرة في البحر قبالة السواحل الصومالية باستخدام القوات الدولية التابعة للناتو والاتحاد الأوروبي وعدد من الأطراف الدولية الأخرى، ونجاح الجهود العديدة للمجتمع الدولي خلال السنوات الماضية في خفض عدد الهجمات الناجحة للقراصنة وحوادث اختطاف السفن التجارية وسفن الشحن، إلا أن العلاج الأمثل لتلك الظاهرة لن يتأتى إلا بحل جذور المشكلة على البر الصومالي، والمتمثلة في غياب الأمن والاستقرار وضعف مؤسسات الدولة وتأخر المقدرات الاقتصادية للشعب الصومالي وتباطؤ عملية التنمية على مختلف الأصعدة وفي مختلف المناطق الصومالية. تدعم مصر الجهود الدولية المختلفة لمقاومة ظاهرة القرصنة وآثارها السلبية، حيث تشارك مصر في أعمال مجموعة الاتصال الدولية لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية منذ إنشائها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1851 لعام 2008. كما تنخرط مصر بنشاط في اجتماعات كل مجموعات العمل الخمس المنبثقة عن مجموعة الاتصال والمعنية ببحث الأوجه القانونية والتجارية والمعلوماتية والعملياتية وحتى المالية لمكافحة الظاهرة ، خاصة وأنها تترأس مجموعة العمل الرابعة التي تختص ببحث سبل دعم الجهود الدبلوماسية ووضع خطة لنشر الوعي حول الظاهرة القرصنة، بما في ذلك سبل القضاء على جذور هذه الظاهرة الخطيرة. بالطبع يشير سعى المملكة المتحدة من خلال تنظيم هذا المؤتمر إلى اكتساب وضعية تسمح لها بتنسيق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى معالجة القضايا الصومالية وتوجيهها قدر الإمكان من اجل تحقيق مصالحها - التي تتمثل بالأساس في موضوعي الأمن والقرصنة – بأقل تكلفة سياسية واقتصادية ممكنة. المزيد من مقالات محمود النوبى