قيل إن رجلا كفيفا كان يواظب على صلاة الفجر فى مسجد توجد حفرة فى طريق الوصول إليه ، وكان كلما أوشك أن يسقط فى الحفرة , شعر بيد تنقذه دون أن يتكلم صاحبها، فلما تكرر الأمر سأله من أنت ؟ قال : أنا إبليس ، فتساءل الكفيف : هل تبت إلى الله عزوجل, أم وافقت أخيراعلى السجود لأبينا آدم عليه السلام ، أم أقلعت عن مهمة إغواء البشر؟ فأجاب إبليس : ليس شيئا من ذلك البتة ، ولكنى خشيت أن تسقط فى الحفرة فتموت شهيدا !!!! فأعداء الانسان أربعة : النفس والدنيا والهوى ، ورابعهم وأخطرهم الشيطان . وكانت مهمة إبليس مع أبينا آدم عليه السلام هى إخراجه من الجنة ، ومهمته مع ذرية آدم – حتى قيام الساعة - هى عدم إدخالهم الجنة أصلا ، ومن ثم فإنه يسهل المعاصى على صاحبها (من الناحية البدنية ) ويزينها له ( من الناحية الذهنية ) , ويجعل الطاعات أشبه بالمستحيلات ، وإن لم يستطع منعها فإنه يقلل من ثمرتها بقدر الامكان . فما من ضلالة فى الدنيا – كما قال عالم الدنيا سفيان الثورى - إلا وعليها زينة . وكثيرا ما ينشط الانسان فى أمور يكون فيها كالريح المرسلة ثم يكتشف بعد فترة خطؤها ، إن لم يكن كونها معصية ،وأحيانا أخرى يتثاقل كأن على رأسه جبل فى أمور يرى مؤخرا أنها صحيحة ، بل من القربات إلى الله عز وجل . وصدق الإمام على رضى الله عنه عندما قال : ( إن أفضل العمل ما أُكرِهت عليه ). وعند تفسيره لقول الله عز وجل : ( ألم ترأنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزُهم أزا ) ( مريم – 83 ) كان الشيخ الشعراوى يقول : انظر إلى الراقصة تأخذ وصلة كاملة لمدة ساعتين بلا توقف لا تشعر خلالها بأدنى إرهاق ، فإذا أرادت أن تصلى ركعتين فقط – لا يستغرقان خمس دقائق - تتثاقل كأن جبل أحد يقف على كتفيها . ولكى يقلل إبليس مما يُحصِله المرء من فضل بالخشوع فى صلاته يُشغله بأشياء يعلم يقينا أنه مهتم بها . ولذا فإن السهولة والتيسير فى بعض الأمور قد يكون أحيانا تغافلا من الشيطان عن الانسان لأنه يسير على الطريق الذى يريده ابليس, والعكس صحيح . ولما سأل رجل الإمام أبوحنيفة النعمان عن مال فقده ولا يعرف مكانه ، قال الإمام : إن هذا الأمر لاعلاقة له بالفتوى ,ولكنى سأحتال لك (أى أدلك على حيلة ):إذهب فتوضأ وصلى ركعتين لله بخشوع . ففعل الرجل ثم عاد للإمام فرحا بالعثور على المال ، فقال أبو حنيفة بلسان العالم بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : كنت أعلم يقينا أنه سيأتيك. [email protected]