خمسة وثلاثون عاما مضت على توقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي مهدت لاتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، ولا تزال جعبة هذه اللحظات التاريخية الفارقة في مسيرة مصر واسرائيل و الولاياتالمتحدة مليئة بالأسرار والحكايات. آخر تلك الأسرار كشف عنه كتاب «ثلاثة عشر يوما في سبتمبر : كارتر وبيجن والسادات» للأمريكي لورانس رايت. لعل الجديد الذي يقدمه الكتاب، بالإضافة إلى سرد الجوانب السياسية لهذا الحدث التاريخي، هو أن الكاتب دوّن ملاحظاته يوما بيوم على تصرفات وتعليقات وملاحظات ثلاثة من كبار الرؤساء الذين لا يمثلون بلدانهم فقط، وإنما أيضا كان كل منهم يمثل ديانته بشكل أو بآخر.. وبذلك كانت الأديان السماوية الثلاثة؛ الاسلام و المسيحية و اليهودية ،حاضرة في كامب ديفيد لتضيف بعدا آخر على هذه المحادثات لم يتطرق إليه أحد من قبل وهو : كيف ظهر السياق الديني في محادثات كامب ديفيد؟ ويقول المؤلف: «إن السادات كان حريصا على أداء جميع الفروض الدينية الاسلامية في كامب ديفيد» . ويعلق على هذا قائلا: إنه على الرغم من أن الرئيس السادات ولد في قرية في الريف المصري تعنى بتربية الأطفال على حفظ القرآن وحب شعائرهم الدينية، فإن هذا كان غريبا بعض الشئ على الرجل الذي كان يصدر للعالم بأسره صورة علمانية لحد كبير. أما بيجن، فكان تعمده لإظهار تدينه أمرا ملحوظا هو الآخر، على الرغم من أنه كان معروفا عنه أنه ليس صاحب شخصية محافظة متشددة من ناحية الدين. ويشير المؤلف إلى أن الفرصة لم تفت كارتر أن يرسخ هو الآخر فكرة وجود المسيحية كشريك ثالث لا يمكن غض النظر عنه في هذا الحدث العالمي.. بل وأعلن كارتر وقتها أن دعوته للرئيسين المصري والاسرائيلي جاءت بوازع ديني ينبع من داخله في المقام الأول. والأسلوب الذي اتبعه المؤلف في هذا الكتاب هو أقرب لأسلوب سرد الروايات منه إلى الأساليب المعهودة في كتابة الكتب السياسية . فبين الفعل ورد الفعل والسياق الذي يحيط بالأحداث والتوتر الذي كان يملأ الأفق والدوافع البادية للعيان والتخمينات التي ملأت أركان المحادثات، تأتي صفحات الكتاب كديوان لأحداث الأيام التي انتهت باتفاقيات كامب ديفيد. والكتاب لا ينحصر فقط في تناول حياة الرؤساء الثلاثة طيلة هذه الأيام ، وإنما يتطرق أيضا إلى ملامح شخصيات أطقم العمل التي صاحبت الرؤساء الثلاثة و انطباعات الكاتب عنهم . ومن مصر، تحدث المؤلف كثيرا عن أسامة الباز ووصفه بأنه كان كان يعمل بدأب منقطع النظير مع نظرائه موشيه ديان وزبجنيو بزيزنسكي . وحرص الكاتب على وصف المواقف التي كانت تجمع الرؤساء الثلاثة بشكل درامي مثير. فكان يصف مثلا كيف كان بيجن يستشيط غضبا من بعض اشارات السادات الغامضة وغير المفهومة . وأن الرئيس السادات كان يتعمد ذلك على ما يبدو. كما وصف بدقة حرص بيجين المبالغ فيه على شكل التوصيف القانوني لكل بنود الاتفاق . ولم يفت الكاتب أيضا أن يتناول الحرص الأمريكي على الخروج باتفاق في جميع الأحوال وعدم تفويت هذه الفرصة التاريخية على واشنطن لرعاية مثل هذا الاتفاق.
الكتاب:13 يوما فى سبتمبر.. كارتر وبيجن والسادات المؤلف :لورانس رايت تاريخ النشر : 16 سبتمبر 2014 الناشر: knopf