من سيكون رئيس مصر القادم؟ سؤال يؤرق جميع المصريين... ويؤرقني شخصيًّا... فهو يُطرح عليَّ أينما ذهبت إلى أي مجلس كان... في العمل... مع الأصدقاء... وحتى في المنزل... فهناك من يقترح شخصًا بعينه ويراه من وجهة نظره هو الأصلح للقيادة في المرحلة القادمة... والبعض الآخر يعترض عليه ويطرح أسماء بعينها، معلقين عليهم آمالهم في حياة أفضل. وبغض النظر عن أسماء بعينها... فمصر في المرحلة القادمة تتطلب فيمن سيختاره شعبه أن يدرك حجم المسئولية الواقعة على عاتقه تمام الإدراك... تتطلع لحاكم عادل قوي يخشى الله في شعبه، خادمًا لهم، حريصًا على تحقيق أحلامهم التي ذهبت أدراج الرياح في ظل نظام سابق عقيم اغتال تلك الأحلام المشروعة... ولم يسعَ يومًا لبناء مواطن مصري حر كريم يفتخر به بين الشعوب كافة، بل قام بذله وقمعه وتعمد إهانته وحطّ من قدره... أهمل التعليم والزراعة والصناعة، قضى على طموح شباب الخريجين، ليفاجئوا بالواقع المرير والمجهول ينتظرهم... فلم تكن هناك خطة واضحة المعالم يسير على خطاها، بل سار عشوائيًا بلا منهج، عثى في الأرض فسادًا، أرضى غروره وطموح مسئوليه الذين أخذوا يسلبون الأموال والأراضي، ولا تجد واحدًا منهم إلا وله منتجعات وفيلات وأراض، وأشبعوا رغباتهم في إقامة مشاريع تضمن الثراء لأحفاد أحفادهم في المستقبل... ولم ينظروا حتى بنظرة عطف إلى من يسكنون في العشوائيات، أو إلى المواطن البسيط المطحون، الذي بالكاد يحصل على قوت يومه بشق الأنفس؛ لأن وراءه أكوام لحم تنتظره... أرسى قاعدة "الأنا" الطامعة المتحكمة المسيطرة على مقدرات الأمور التي ترى مكانها في برج عاجي، ويعاملون البقية على أنهم "رعاع"... تقبّل المجاملات على حساب الكفاءات، اخترع وظيفة جديدة تحت اسم "المستشار" كذريعة لنهب الأموال... كل هذه الأمور وغيرها استفحلت وانتقلت لباقي المؤسسات وكأنها عدوى! فأصبحت كل منظومة أو مؤسسة جزءًا مصغرًا من ذلك النظام، تدير القاعدة نفسها بحرفية بالغة... ولكن طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وقامت ثورة 25 يناير المجيدة لتسقط الطغاة ويتم إيداعهم بالسجون... رئيس مصر القادم ينبغي أن يتلافى كل السلبيات السابقة ويضعها نصب عينيه... يجب أن يتمتع بالمعرفة السياسية والاقتصادية التي تتيح له أن يفهم ما يدور داخل بلاده وخارجها، بجانب مواصفات توخي العدالة لتنفيذ قول الرسول صلي الله عليه وسلم: "لا قدست أمة لا يأخذ فيها الضعيف حقه غير متعتع"... عليه اختيار وزراء ينصحونه في الأمور المختلفة، على أن يكونوا من أهل الخبرة المشهود لهم بحسن الرأي. وأن تكون الشورى عنده مبدأ راسخًا يطبقها؛ ليقوم على حفظ البلاد ويدير شئون شعبه، بحيث يوفر لكل فرد قوت يومه وما يسد جوع بطنه. وألا يظلم، وأن يقتص من نفسه إن حدث ظلم، فلا يتعدى حدود الله وشرعه... عليه أن يتخذ من الفاروق عمر بن الخطاب مثالاً وقدوة، فهو الذي أمن فنام تحت شجرة في العراء بدون حراسة أو جنود؛ لاطمئنانه أنه أدى ما عليه تجاه رعيته. وأخيرًا أن يحقق أحلام الشعب المشروعة البسيطة المتمثلة في الأمن، وحياة كريمة تليق بالمواطن مصري، وتعليم راق يستند إلى أساليب حديثة ومتطورة تنشئ أجيالاً واعدة في المستقبل، ومشاريع صحية محترمة يرتكز عليها في أثناء مرضه... ونهضة تنموية شاملة على غرار الدول المتقدمة لا أكثر ولا أقل... فهل سيحقق لهم الرئيس القادم تلك الأحلام؟! ندعو المولى عز وجل أن يحفظ مصر آمنة مطمئنة... وأن يولى من يصلح. ومضات: * يحلم المصريون بحاكم عادل يخشى الله, يعيد لمصر عزتها وكرامتها، ويرتقى بها إلى مصاف الدول المتقدمة. [email protected] المزيد من مقالات أحمد مصطفى سلامة