بين عشية و ضحاها تحول الحلم الجميل إلي كابوس انقطع الأمل و تغير حال الأسرة البسيطة الراضية بحياتها البسيطة إلي سواد و حزن يغطي المنزل كله بسبب لحظة إهمال مسئول لا يعي أو يدرك المسئولية الملقاة علي عاتقه وحجته انه لا يعمل مربية لأطفال أصبح هو المسئول عنهم. أم لا تكاد تفيق من إغمائها حتي تعود إليه مرة اخري بعد أن شاهدت فلذة كبدها الذي حلمت به أن يكون طبيبا أو مهندسا جثه هامدة والمسئولون عن موته يعاملونها بلا مبالاة بكلمات نزلت عليها كالصاعقة وطفلة شاهدت جثة شقيقها والدماء حوله ولم تستطع النوم من وقتها وأب يدعو آناء الليل و أطراف النهار أن يذيق المتسببين في ضياع إبنه من نفس الكأس المر الذي يتجرعه و ما بين إيمانه بقضاء الله و قدره و إتهامه مسئولي المدرسة بالمسئولية عن وفاة نجله يطالب بالقصاص منهم حتي يهدأ قلبه في أسرة بسيطة الأب يعمل عاملا بأحد المصانع رغم حصوله علي ليسانس الحقوق و الأم الحاصلة علي بكالوريوس الهندسة تربي أطفالها الثلاثة تعيش حياة هادئة و فجأة طرق بابها الأسبوع الماضي اهمال أناس آخرين ليقلب حياتهم رأسا علي عقب 0 فكل يوم يخرج أدهم و شقيقته في الصباح إلي المدرسة إلا أن شقيقته يوم الثلاثاء الماضي خرجت من المدرسة كعادتها تنتظر شقيقها فوجدت حالة من البكاء و الذعر بالمدرسة و بقلب الطفلة و الأخت توجهت لتطمئن علي شقيقها لتصعق من هول ما شاهدت حقا إنه شقيقها أدهم رأسه مهشمة و سط بركة من الماء لتصاب بحالة هيستيرية من الصراخ و تلقي حقيبة مدرستها و تعود بسرعة إلي منزلهم و تطرق الباب و هي تصرخ لتصاب الأم من الداخل بالذعر فتفتح لها الباب معتقده أنها قد أصابها مكروه حتي صعقت بقول ابنتها (أدهم مات يا ماما العربية قتلته) و إن كانت آذان الأم قد سمعت ما قالته ابنتها إلا أن قلبها لم يستطع تصديق ما حدث فكيف تصدمه سيارة و هو في مدرسة بعيدة عن طريق السيارات و تهرول الأم في خطوات أسرع من الريح و يخلفها شقيق زوجها إلي مدرسة أمين النشرتي الإبتدائية بقرية الكداية التابعة لمركز أطفيح ليتأكد لهما الخبر المشئوم فلم يجدا جثة نجلها و إنما أثار دمائه علي الأرض و سيارة التغذية ما زالت متوقفة داخل المدرسة و يجن جنون الأم أين أدهم و كيف حدث هذا و بمنتهي الهدوء و قلب متحجر يجيبها مدير المدرسة: أدهم شوفوه في أي مستشفي فالسيارة صدمته و يسأله عم أدهم أين كنت عندما حدث هذا فيرد قائلا أن لا أعمل مربية للأطفال أنا مدير مدرسة كلمات مازالت حتي هذه اللحظة تقتل الأم والعم كلما تذكراها فتهرول الأم إلي جميع المستشفيات بحثا عن نجلها فلم يكلف أحد خاطره ليخبرها بمكان وجود جثة إبنها حلمها الذي تبدد و دهس تحت عجلات سيارة وأثناء كل ذلك كان الأب في عمله ليعود علي اتصال هاتفي من زوجته أدهم مات « فيجن جنونه و يركب الريح عائدا ليفاجأ وزوجته فور وصولهما للمستشفي بكلمة البقاء لله تجعلهما يسقطان علي الأرض مغشيا عليهما ساعات ولحظات عصيبة و كوابيس تلاحق شيماء شقيقة أدهم تحرمها النوم حتي اليوم و صورة شقيقها مهشم الرأس غارقا في دمائه أمام عينيها لا تفارقها ليل نهار وكأنها أصيبت بحالة عصبية ذلك هو حال اسرة الطفل أدهم وبكلمات تكاد تحرق الجميع قال الأب محمد أحمد عبدالعال ربنا يذيق كل من تسبب في موت إبني من نفس الكأس الذي نتجرعه و تنهمر دموعه قائلا: إذا كانت وفاة أدهم قضاء الله و قدره إلا أن الإهمال و اللا مبالاة لم يأمرنا بهما الله و يضيف: أدهم كان طفلا شديد الهدوء بشهادة الجميع و كان من التلاميذ المتفوقين في المدرسة و حصل علي شهادة تقدير العام الماضي لتفوقه و كنت أشعر بأنه سيكون له شأن في الدنيا إلا أن سيارة التغذية بالمدرسة كان لها رأي آخر وكانها كانت تقصد أن تضيع حلمي فكان إبني يجلس بجوار إبراهيم الذي أصيب و بحوزتهما كتبهما و فوجئا بالسيارة تغتالهما ويستطرد الأب بعد أن جفف دموعه التي تنهمر من عينيه كيف لمسئولي المدرسة أن يسمحوا للسيارة بأن تدخل إلي المدرسة و إن كان ذلك جائزا فكيف يحدث وقت الذروة عند خروج تلاميذ الفترة الصباحية و دخول تلاميذ الفترة المسائية وفي جنازة حارة و مشهد مبك شيعت قرية الكداية الطفل أدهم ليتواري جسده البريء خلف الثري ليترك ذكري اليمة بطلها الاهمال