أقحمت عشوائية بعض الفضائيات العديد من الأشخاص فى غير مجالاتهم، وهو ما طال الأمور الدينية، التى يفترض أن لها قدسية وحدودا، فأصبحت بعض الفضائيات منبرا لمن يفقه ولا يفقه فى الدين، والمتابع للفضائيات والمهتم بمواقع التواصل الاجتماعى سيجد شهريا مقاطع فيديو من بعض البرامج، يقول خلالها مقدم البرنامج أو الضيوف كلاما يتعلق بالدين، إما يكون مشكوكا فى صحته، أو مجهلا بلا مصدر، أو يمس الثوابت الدينية، حول هذا الموضوع يقول د. عبدالصبور فاضل عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر: إنه يجب على القنوات الفضائية أن تصدر ميثاقا للعمل الإعلامى من تلقاء نفسها من الداخل، لأننى ضد أن يكون كل شىء بقانون ، فيجب أن تكون هناك مبادرات مؤسسية مجتمعية لوقف أى تجاوز للإعلام بخصوص الدين أو غيره. وأضاف: من المفترض أن يقود الإعلام المجتمع ويؤثر فيه إلى الأفضل والأحسن، وعليه أن يصحح مسيرته ويحترم القائمون عليه التخصص فى كل شىء ، فالمحرر والمذيع الرياضى يختص بما يعلمه، فالحديث فى الدين لايجوز أن يسند إلا لأهله، ويجب أن يكون ضيوف البرامج الدينية على قدر من التخصص، فالإفتاءات لا يصدرها إلا مفتى متخصص فى الفتوى وليس أى رجل دين، احتراما للتخصص، ولذلك أطالب القنوات الفضائية بتطبيق أخلاقيات المهنة بعيدا عن القوانين وبمبادرات من داخلها، وأن تلتزم بالضوابط من إداراتها الداخلية. وللتليفزيون المصرى تجربة جيدة، حيث خصص إدارة مركزية للبرامج الدينية فانعدمت الأخطاء الدينية، سواء من المذيعين أو الضيوف، وقالت مها مدحت رئيس الإدارة المركزية للبرامج الدينية إن معظم التجاوزات فى الأمور الدينية تأتى من القنوات الفضائية بسبب خلط الدين بالسياسة، بالإضافة إلى إطلاق الفتاوى غير الآمنة وعدم وعى بعض المذيعين والبعد عن التخصص فى كتابة أو تناول المادة الإعلامية، أو فى اختيار ضيوف البرامج الدينية ، وهو ما أدركناه بالتليفزيون المصرى وأصبحنا ننتقى بعناية الموضوعات التى تتم مناقشتها، ونفاضل فى اختيار الضيف الأكثر تخصصا وإلماما بالموضوع لنقدم إعلاما دينيا مستنيرا بعيدا عن الأخطاء. وهو ما أكده د. رفعت الضبع أستاذ الإعلام قائلا: يجب على القنوات الفضائية الخاصة أن تعمل وفقا لأخلاقيات المهنة، وتستعين بنتائج وتوصيات البحوث والدراسات الإعلامية التى أثبتت خطورة الحديث فى الأمور الدينية دون وعى لاستضافة غير المتخصصين، وهو مايمكن أن يكون مقبولا رغم خطئه، عدا مايخص الدين، فالحديث فى أموره يجب أن يكون للمتخصصين فيه فقط، وطالب بإصدار قانون يفيد بأن يكون الإفتاء مقصورا على دار الإفتاء فقط، وأن يكون الحديث فى الأمور الدينية مقصورا على علماء الأزهر الشريف، حتى لاتكون الفضائيات منبرا دينيا يضر بالمشاهد، ولو نظرنا إلى مشكلة الإرهاب التى تؤرق العالم فسنجد أن مرجعها الحقيقى هو الإفتاء بجهل ومناقشة الأمور الدينية من جانب غير المتخصصين.