رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل فريق الدعم الفني    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    وزير السياحة يشارك في الاجتماع السنوي للاتحاد بحضور مسؤولي الحكومة الألمانية    استرداد 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 رسميًا في مصر.. موعد تغيير    الخارجية الفلسطينية: الخطة الأمريكية تحتاج إلى كثير من التوضيحات    هل تستعد أمريكا لنشر قواتها في غزة؟ قائد القيادة المركزية يكشف سبب زيارة القطاع    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    رئيس وزراء العراق يؤكد حرص الحكومة على دعم الأمن والاستقرار    حسابات معقدة.. الجولة الأخيرة تحسم سباق «ملحق» تصفيات أفريقيا ل كأس العالم 2026    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    القبض على مصري في السعودية لترويجه الحشيش المخدر (تفاصيل)    «قولوا يا رب».. منة شلبي تعلق على أنباء ارتباطها (فيديو)    ندوة بمعرض دمنهور للكتاب تؤكد دور الفن في ترسيخ الانتماء    «نيتهم وحشة».. طارق العريان يرد على منتقدي فيلم السلم والثعبان 2    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين الإيمان والإسلام ودقة استعمال كل منهما    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    «ركز وأنت بتشتري».. أفضل طريقة لاختيار البرتقال لضمان حلاوته    بن شرقي يحصد جائزة أفضل هدف في الجولة العاشرة من الدوري المصري    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    وزارة السياحة تطلق منصة "رحلة" لتنظيم الرحلات المدرسية المجانية إلى المواقع الأثرية والمتاحف    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    القسم الثالث .. إعادة مباراة دمياط وبورتو السويس    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    فتح باب المشاركة في الدورة السابعة لملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة بسيناء    «تعليم الجيزة»: الانتهاء من تسليم الكتب المدرسية للطلاب دون التقيد بالمصروفات    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع التطوير العمراني لعواصم المحافظات    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الرهينة: بين «أنصار الله» و«أنصار الشريعة» و«أنصار صالح»
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2014

وصف الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، حالته عقب استيلاء الحوثيين على صنعاء بقوله، أنه جالس منذ عامين على «كرسى من نار»، محاولا إطفاء الحرائق والنيران من حوله. وفى الحقيقة، ليس هناك أصدق من هذا التوصيف لتلخيص حالة القابع على رأس الدولة فى اليمن، فمنذ سنوات، تعيش اليمن حالة أقرب إلى اللادولة منها إلى الدولة.
حيث دخلت الدولة فى صراع متواصل مع مكوناتها وقواها التى كان لديها هى الأخرى حوافز كثيرة للدخول فى صراع معها. ومنذ العام 2004 يعيش اليمن فيما يشبه «نصف ثورة» مستمرة، وذلك قبل أن تصل موجة الثورات إلى كل من تونس ومصر. ومنذ عام 2011 انتقل من حالة «نصف الثورة» إلى حالة «الثورة المعطّلة» بفعل أسباب وعوامل عديدة.
المشهد القديم
خلف المشهد الأخير الذى شهدته اليمن فى 21 سبتمبر الماضي، والخاص باحتلال الحوثيين للعاصمة صنعاء، خلفيات عديدة؛ فمنذ مطلع الألفية يعيش اليمن حالة دولة تكالبت عليها مكوناتها وجماعاتها وقواها التى عملت على استغلال ضعفها، وقررت المكونات ليس فقط عصيان الدولة وعدم الاستجابة لها، وإنما حمل السلاح وخوض الحرب ضدها. فعل ذلك تنظيم القاعدة، الذى استهل عملياته فى 1998 بقتل 4 من السياح الرهائن، وفجرت خلاياه فى عام 2000 المدمرة الأمريكية يو إس إس كول، ثم ناقلة النفط الفرنسية ليمبوج عام 2002. وكانت أبرز شواهد هذا الصراع فى السنوات الأخيرة، الإعلانات المتكررة للتنظيم عن تأسيس إمارات إسلامية فى محافظتى أبين وشبوة، واعتزام إعلان الإمارة الإسلامية فى محافظة حضرموت.
وإذا كان تنظيم القاعدة هو تنظيم غير شرعي، فقد تمرد على سلطان الدولة تكوينات شرعية منها الحراك الجنوبي، الذى استمر فى مجابهة السلطة المركزية على مدى السنوات منذ 2007 وحتى الثورة، مطالبا بالانفصال وعودة دولة اليمن الجنوبي، وفعل الشيء نفسه - وعلى نحو أكثر حدة- الحوثيون، الذين دخلوا فى ستة حروب كبرى مع الدولة منذ 2004، رافعين مطالب متنوعة بعضها شرعي، والآخر غير ذلك.
لم تضف الثورة فى 2011 كثيرا إلى مشهد الصراع؛ فبعد أشهر بدت فيها ملامح التآزر بين العديد من القوى التقليدية والمدنية وتوحد الأغلبية خلف مطلب الدولة المدنية الوطنية العصرية، انجلت الأوضاع عن حالة أكثر سوءا. فتحت عباءة التوحد خلف مطالب الثورة، وإطاحة النظام، حدث تآلف ظرفى بين قوى بينها ميراث من المواجهات الطاحنة والعداء، لكن ما وراء هذا التآلف الظرفي، فشلت القوى المختلفة فى التوافق على الأهداف الرئيسية التى خرجت لأجلها الثورة، وبرز ثانية طغيان مشهد الصراعات على النفوذ والمكانة والسياسة والثروة والأيديولوجيا على المشاهد التوحدية. وضاعف من خطورة الوضع، امتلاك الأسلحة الثقيلة من قبل مكونات وجماعات بالدولة، الأمر الذى جعل أحد المسئولين ينبه منذ أيام إلى أن تعويض السلاح الذى جرى الاستيلاء عليه من الدولة يحتاج 20 عاما، مما يشير إلى كم السلاح الذى جرى تسريبه من مخازن الدولة، علاوة على السلاح المتراكم فى بلد يُشار إليه فى الأصل كبرميل بارود.
المشهد الراهن
تؤكد المقارنة والمماثلة بين الوضع ما قبل الثورة، والوضع بعدها، إلى أن أزمة اليمن مزمنة، وأنه بينما نبّهت العديد من الكتابات قبل الثورة، إلى أن اليمن يقف على شفا الهاوية، وحذرت من خطورة تحوله إلى دولة فاشلة، فإن الحالة الآن تشهد التحول من دولة فاشلة إلى دولة مهددة بالانهيار التام. فالأزمة اليمنية هى بالأساس أزمة ضعف الدولة وهشاشة المركز، وهذه الأزمة لا تلبث أن تعبر عن ذاتها فى مناطق الاضطراب الضعيفة والقابلة للاشتعال؛ أحيانا عبرت عن نفسها فى شكل الحراك الجنوبى الذى طرح مطلب الانفصال عن الشمال منذ 2007، وأحيانا أخرى أخذت شكل حروب صعدة والصراع مع الحوثيين، وفى أحيان ثالثة أخذت شكل صراع مع تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة، وقبيل الثورة فى 2011 أخذت شكلا آخر تمثل فى الصراع بين المعارضة والنظام على الحكم. ولقد وجدت كل هذه الأشكال والقوى أسبابا ودوافع جعلتها تقف مرحليا خلف مطلب إسقاط النظام، لكن لم تكن هناك دلائل تؤكد أن رؤوس الصراعات الكبرى لن تعود مجددا إلى التحصن بذات المواقف الخاصة بها بعد انتهاء موجة الثورة التى وحدتها نوعا ما.
لقد أدت الثورة إلى إنزواء المطالب الانفصالية لمدة أشهر، وانخراط الأغلبية فى الهدف الوطنى العام، ذلك ما اتضح بشكل خاص على جبهة الحراك الجنوبي، وبينما واصل تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الشريعة سعيهما إلى تكريس مواقعهما عبر خلق اضطرابات فى عدد من مدن المحافظات، مستغلين انشغال الدولة بالثورة، فإن الحوثيين عاودوا سعيهم إلى تكريس مواقعهم بعد أشهر انخرطوا فيها مع الثوار، فدخلوا فى حرب دمّاج ضد السلفيين فى محافظة صعدة، ثم ضد قبيلة حاشد بمحافظة عمران، ثم ضد قبائل أرحب وهمدان فى صنعاء، وأخيرا استولوا على العاصمة، أما مطالبات الحراك الجنوبى فمن المؤكد أن مناصرة قوى الحراك للثورة لم ترتق إلى حد إلغاء مطالبهم الخاصة بالانفصال، ومن ثم كان التجاوب مع الثورة مرحليا، ويؤكد ذلك «مليونية الحسم» المقررة اليوم الثلاثاء بالجنوب.
وبشكل عام، أضافت السنوات ما بعد الثورة الكثير إلى مشاهد الاضطراب، ففضلا عن استمرار وتجدد مثلث المشكلات المزمنة (الحراك والحوثيين والقاعدة)، فقد أضافت الثورة قوتين أساسيتين، هم: قوى الثورة والشباب الطامحة (والمتمثلة فى عشرات من التنظيمات والائتلافات الجديدة المشتتة والتى لا تحوز القوة)، وقوى النظام السابق ممثلة فى حزب المؤتمر وأنصاره، والذى لم يجر القضاء عليهم أو إبعادهم عن المشهد تماما، بل ظل رئيسه (على عبد الله صالح) فى موقعه الحزبى نفسه، رئيسا لحزب المؤتمر، الذى ظل حزبا نافذا، حتى أصبح هو رقما صعبا فى الوضع الجاري، وبينما أصاب اليأس قوى الثورة والشباب لعدم التمرس والاحتراف بالسياسة، فإن أنصار صالح وحزب المؤتمر، يشار إليه باعتباره وراء كل الاضطرابات التى تشهدها اليمن حاليا، ولا يزال الحزب يقدم نفسه على أنه «الجماهيري» القادر على إعادة الأمور إلى نصابها على يد زعيمه التاريخي.
ويعكس جانب آخر من الصراع الحالي، الفشل فى التخلص من تقاليد وأسس الحكم التقليدية التى اتبعها الرئيس صالح خلال سنوات حكمه، وأن اليمن غير قادر على الانتقال إلى صيغة عصرية مدنية للحكم والدولة. فلقد استولى الحوثيون على العاصمة فى أعقاب الحوار الوطنى الذى استمر لعشرة أشهر، وخرج بوثيقة شاملة تضمنت التوافق على مخرجات فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، وقضية صعدة، والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وبناء الدولة، والحكم الرشيد، وأسس بناء الجيش والأمن، والحقوق والحريات، والتنمية. وعلى الرغم من رفض بعض القوى لمخرجات هذا الحوار، وعلى الرغم من القصور والتناقض الفعلى فى مخرجاته فى عدد من القضايا، إلا أنه شكل أكبر التئام وطنى يمنى فى العصر الحديث حول الدولة الجديدة، كان كفيلا بالبناء عليه.
احتلال صنعاء
لم يكن انقياد مؤسسات الدولة اليمنية أمام هجوم الحوثيين مفاجئا، فمن تحليل المشهد اليمنى وأوضاع المؤسسة العسكرية، يمكن معرفة أسباب ما حدث، وأن مختلف الإجراءات التى اتخذها الرئيس منصور للتغييرات داخل هياكل وقيادات القوات المسلحة لم تؤت مردودها بعد، ولم تقض على معادلات الحكم التى أرساها سلفه على صالح داخل المؤسسة، وعلى الرغم من تفسيرات تعزو الانقياد للحوثيين إلى حكمة الرئيس هادى نفسه وأنه هو الذى طلب من المؤسسات ذلك، فإن انقياد مؤسسات الجيش والأمن للحوثيين يؤكد أن الثورة لم تتمكن من إنهاء دور ما يسمى ب«المركب القبلى العسكرى التجاري»، الذى يتكون من المجموعات النافذة المالية والبيروقراطية والعسكرية والقبلية التى تشكلت فى عهد الرئيس على صالح، وفعلت فعلها داخل الجيش عبر بناء شبكة محسوبية وزبائنية غير رسمية متشابكة المصالح بشكل متقن.
ومن ثم لم تنجح المؤسسة العسكرية اليمنية فى أن تكون مؤسسة للاندماج الوطنى أو مؤسسة احترافية، وهو ما يعود إلى أسباب عديدة، منها: تأثر الجيش بالقبيلة؛ وفى عهد صالح كانت كل قبيلة يوجد على أرضها معسكر تمتلك ما نسبته 70% من عدد أفراد المعسكر من أبنائها. وذلك جعل أنه فى حالة وجود أى خلافات فى السلطة تعمل القبيلة على استدعاء أفرادها من المعسكرات، مما يجعل المعسكرات مشلولة فى أى مواجهات تتخذ القبيلة منها موقفا معارضا لموقف الدولة.
وكان من نتائج عدم احترافية الجيش، أن ظهرت أدوار قوى أخرى أدنى من الدولة تمارس مهام قتالية وعسكرية بديلة عن الدولة أو معاونة لها نظير خدمات تأتى بالأساس على دور الدولة، فبرزت الحروب بالوكالة التى مارسها أطراف الصراع فى ظل غياب الدولة أثناء الثورة، وامتنعت وحدات من الجيش عن إغاثة وحدات أخرى فى مواجهة حصار تعرضت له الثانية من عناصر تنظيم القاعدة، كما ظهرت وحدات وتشكيلات قبلية خاصة موازية لوحدات الجيش تقاسمت مع الجيش مهام قتالية كثيرة.
وأصبح النجاح العسكرى للجيش فى مهمة ما بمناطق الدولة يعتمد بالأساس على مقدار الدعم القبلى وأحيانا الإذن من القبائل. ويكشف ذلك بعض الأسرار وراء تمكن الحوثيين من احتلال صنعاء، وإذعان الجيش والداخلية لهم. أضيف إلى ذلك بعض جوانب سوء الأدء الخاص بالرئيس منصور، وفشله فى إعادة بناء الجيش والداخلية، وقصور قيادته وانحصاره فى دور الرئيس التوافقي، واستمراره الحكم وفق مبدأ «فرق تسد»، وعجزه عن صياغة مشروع كبير لإنقاذ اليمن بدلا من تركه فريسة للصراعات السياسية والمذهبية، وأخيرا سماحه لأبنائه بالتدخل فى شئون الدولة، وهو ما اعتبره البعض تكرارا لتجربة على صالح.
لا حرب أهلية
على الرغم من خطورة الأزمة الراهنة، إلا أنه من المستبعد أن تؤدى إلى حرب أهلية؛ فالخروج على سلطان الدولة أصبح هو القاعدة، وهو مشهد مألوف منذ سنوات، كما أن القوى التى يتوقع أن تشهد صراعا بينيا أو أهليا تعرف بعضها جيدا، وبينها خبرات تسكّن احتمالات الصراع فى ضوء تكافؤ القوى، والدولة هى أضعف الحلقات، لذلك توجه القوى والفصائل الغاضبة فى الأغلب سهامها نحوها، وليس نحو بعضهم البعض، ومن ثم ليس الاستيلاء على صنعاء بالحدث الذى يستفز القوى الأخرى كثيرا، لأن بعضها مارسه، وبعضها لديه القدرة على ممارسته، وبعضها راض عن الوضع الجارى ومستفيد منه، ومن المؤكد للجميع أن ليس للحوثيين قدرة على الاستمرار فى احتلال العاصمة.
لكن ستبقى هذه التجربة لاحتلال صنعاء نموذجا، من المرجح أن يحدث مرارا وتكرارا، وهو أمر يجعل الدولة فى اليمن فى مهب الريح، خصوصا لو فكرت فى تكرار ذلك جماعة «أنصار الله» (الحوثية) عند كل أزمة تالية، أو لو فكّر فى القيام به تنظيم القاعدة، أو جماعة «أنصار الشريعة»، أو «أنصار صالح». وهكذا يبقى مستقبل صنعاء مهددا من قبل: «أنصار الله»، و«أنصار الشريعة» والقاعدة، و«أنصار صالح».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.