تقرير إبراهيم العشماوى هو سقوط مدو وغريب يشبه سقوط بغداد أمام جحافل القوات الأمريكية فى نهاية عصر صدام حسين، غير أنه بيد وطنية وأدوات محلية .. وقعت مؤسسات الحكومة اليمنية الحيوية والسيادية فى أيدى ميليشيات الحوثيين المعروفة بأنصار الله فى أقل من ثلاثة أيام حتى كأنها كانت تسابق الزمن لتحقيق كامل أغراضها بقيادة الشقيق الأصغر لزعيم الحوثيين « أبو يونس « قبيل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار مساء الأحد الماضى والمعروف باتفاق السلم والشراكة الوطنية .. مخاض كبير وميلاد ليمن مختلف عما قبل 21 سبتمبر 2014 عنوانه: معادلات القوة فى اليمن تغيرت، وجناح الإخوان وحلفائهم من القبائل ومن الإقليم مثل قطر ذاقوا أهوال الهزيمة، وطهران قادمة بقوة إلى بقعة جديدة من التأثير الحيوى الإقليمى، ومبادرة الخليج يتم تشييعها إلى الأبد ويتم معها تقليص الدور السياسى والتأثير الخليجى فى المشهد اليمنى .. فى ساعات محدودة سيطر الحوثيون على أهم المواقع فى صنعاء ، بدأوها بمطار صنعاء ثم مبنى التليفزيون والمنطقة العسكرية السادسة ومقر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان، ثم توالى السقوط بسرعة ليقدم رئيس الوزراء اليمنى محمد سالم باسندوة استقالته إلى جماعة الحوثيين ويسلم إليهم مقر الحكومة مهاجما الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، ومتهما إياه بأنه استفرد بالسلطة وأخل بقواعد الشراكة الوطنية ، وأنه المتسبب فيما آلت إليه الأوضاع، فيما وصفت أطراف سياسية ما حدث من باسندوة بأنه يشبه الخيانة، لكن وزير الداخلية اليمنى اللواء عبده حسين الترب طلب هو الآخر من قوات الأمن ألا تهاجم الحوثيين، وأن تتعاون معهم فى حفظ الأمن معتبرا أنهم أصدقاء للشرطة، كما قدم أمين العاصمة عبد القادر هلال استقالته احتجاجا على ما جرى، وتوالى انهيار المؤسسات اليمنية فى مقدمتها وزارة الدفاع والبنك المركزى ومجلس النواب وهيئة الطيران المدنى ومقر التوجيه المعنوى للقوات المسلحة وغيرها، ثم أعلن أن الحوثيين سلموا بعض المقار الحكومية إلى الشرطة العسكرية وأن استيلاءهم عليها كان بغرض حمايتها ليس إلا . وتؤكد مصادر سياسية فى صنعاء ل (الأهرام العربى) أن الحوثيين حققوا خطتهم المحكمة فى السيطرة على صنعاء بتعاون كبير من داخل الجيش والشرطة وقيادات سياسية متعددة سهلت لهم الاستيلاء على المفاصل الحيوية فى الدولة، مشيرة إلى أن الحوثيين أعطوا أمانا لرئيس الجمهورية فقط فى عدم الانقلاب عليه دون بقية مؤسسات الدولة، فى الوقت الذى أسفرت التطورات عن تحول صنعاء إلى ساحة لتصفية حسابات بين قوى تقليدية سياسية ودينية فى مقدمتها الإخوان المسلمين المنضوين ضمن حزب التجمع اليمنى للإصلاح والقيادات العسكرية الموالية لهم والموالية أيضا لقطر مثل اللواء على محسن الأحمر، مستشار الرئيس العسكرى وقائد الفرقة الأولى مدرع سابقا وهو القائد الميدانى للجيش اليمنى فى ست حروب مع الحوثيين فى صعدة، واختفى من المشهد الأخير فى ظروف غامضة بعد مشادة مع الرئيس فى دار الرئاسة حول أسلوب مواجهة الحوثيين، كما استهدف الحوثيون فى صنعاء مناطق ذات دلالات دينية كجامعة الإيمان التى يترأسها الشيخ المتشدد عبد المجيد الزندانى، فضلا عن تركيزهم على تليفزيون الحكومة والإذاعة لإسكات أية أصوات معارضة لتوغلهم . وأبدى مراقبون يمنيون استغرابهم من حالة الارتباك الواسعة التى ظهر فيها الجيش فى مواجهات صنعاء، حتى إنه لم يتمكن إلا من نشر مدرعات ودبابات حول مقر الرئيس اليمنى وهذا ينطوى على وجود ولاءات خفية للحوثيين من فترة داخل المؤسسة العسكرية، فى الوقت الذى كانت مفاوضات المبعوث الأممى جمال بن عمر فى صعدة لعدة أيام فرصة للحوثيين لاستكمال مخططهم باقتحام مؤسسات الدولة كاملة وتمكينهم من فرض شروط كثيرة بعد انتصارهم العسكرى اللافت للنظر فى مناطق شمال غرب صنعاء وشمال شرقها . وبحسب سياسيين يمنيين تحدثوا إلى (الأهرام العربى) هاتفيا فإن توغل الحوثيين فى صنعاء تحت شعارات بدأت سلمية وإنتهت مسلحة كشفت عدة حقائق على الأرض أبرزها حالة الضعف الشديدة للجيش اليمنى المنهك فى حروب شتى وإنضمام وحدات كاملة وعشرات الجنود والضباط إلى الحوثيين وظهورهم فى قنوات الحوثيين الفضائية بزيهم وعتادهم العسكرى، والأمر الآخر حدوث حالات خيانة من قيادات عسكرية وأمنية أدت إلى سرعة انقضاض الحوثيين على النقاط الأمنية فى العاصمة صنعاء ومحاصرة الأحياء المدنية، كما استفاد الحوثيون من خلافات الفرقاء السياسيين وحصلوا على دعم أنصار الرئيس السابق على صالح لهم نكاية فى الإخوان المسلمين وبعض القادة العسكريين وزعماء القبائل الذين سبق لهم الوقوف مع الانتفاضات الشعبية التى أسقطت حكمه عام 2011، وتلاقت رغبة الحوثيين وقوى أخرى فى تقليص دور الإخوان المسلمين فى العملية السياسية المقبلة فى اليمن مع هوى خليجى يرفض التعاون معهم فى ظل الظروف الإقليمية الحالية التى تعتبرهم جماعات إرهابية . وكان اقتحام مسلحى الحوثيين لمنزل توكل كرمان القيادية فى الإخوان وحزب الإصلاح والحاصلة على نوبل ذا دلالة معنوية كبيرة فى إهانة رموز الإخوان . سلام وقلق وسط غبار المعارك بصنعاء وقعت الأطراف السياسية باستثناء التنظيم الوحدوى الناصرى على اتفاق للسلم والشراكة الوطنية بحضور الرئيس اليمنى والمبعوث الأممى جمال بنعمر استجاب لأغلب مطالب الحوثيين فى تغيير الحكومة بحكومة كفاءات وطنية ومحاربة الفساد، لكن ما يلفت الانتباه فيه هو تضمينه نصا يشترط على الرئيس تعيين مستشارين سياسيين من جماعة أنصار الله الحوثيين والحراك الجنوبى يكون لهما صلاحيات فى وضع معايير واختيار وزراء الحكومة الجديدة، لكن الحوثيين رفضوا فى المقابل التوقيع على ملحق أمنى مرفق بالاتفاق السياسى يتعلق بوقف حروبهم فى الجوف ومأرب وعمران وتسليم أسلحة الجيش إلى الدولة اليمنية، فيما أكدت مصادر يمنية أن الحوثيين قاموا عقب إبرام الاتفاق بإرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى صنعاء وهو ما يثير المخاوف مستقبلا من فرص صود الاتفاق . ويؤكد الدكتور فارس السقاف المستشار السياسى للرئيس اليمنى أن اتفاق التسوية الأخير جاء بعد مفاوضات شاقة وعسيرة وأن تأخر التوصل إليه ساعد الحوثيين فى فرض الأمر الواقع، ما يعنى أن هناك تسوية جديدة تجاوزت المبادرة الخليجية فى اليمن، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الحوثيين لايرغبون فى حكم اليمن بدليل إيمانهم بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادى. أما سفير اليمن الأسبق بالقاهرة عبد العزيز الكميم فيرى أن تمدد الحوثيين وعدم الانتقال إلى المربع السياسى سيعمل على فقدانهم كثيراً ممن تعاطفوا معهم وبعض مؤيدهم، وسقوط صدقية مطالبهم الثلاثة، ومطالبة كثيرً من المستقلين للواء على محسن والإصلاح للعودة بقوة السلاح، كما أن القاعدة والجماعات المسلحة الأخرى لن تقف تتفرج. وكشفت المصادر السياسية اليمنية أن الحوثيين سينطلقون من الآن فى فرض مطالب كانوا يقدمونها سرا وبعيدا عن طاولة التفاوض، ومنها تعديل أقاليم اليمن الحالية لتمكينهم من السيطرة على منفذ ميدى البحرى على البحر الأحمر غربا، وتعيين قياداتهم فى الصف الثانى فى المواقع الإستراتيجية فى الحكومة والرئاسة والخارجية والأجهزة الأمنية والمخابرات . وبحسب المحللة المتخصصة فى شئون اليمن من مجموعة الأزمات الدولية إبريل لونغلي، فإن الأهداف الحقيقية للحوثيين لم تكن قط بسبب مسألة خفض أسعار الوقود، لكن هذه المسألة أعطت الحوثيين فرصة لحشد التأييد الشعبى ضد الحكومة غير الشعبية أصلاً والدفع باتجاه مطالب أخرى . الخليج وإيران وتتوقع الدوائر السياسية اليمنية أن يتراجع الدور الخليجى فى اليمن فى شقه السياسى فى الفترة المقبلة لحساب إيران التى ظهرت بقوة فى المشهد السياسى ، وطلبت من الحوثيين التوقيع على اتفاق السلام بعد أن حققوا أهدافهم، لكن طهران أسفرت عن وجهها الحقيقى عندما وصفت ما يجرى فى صنعاء بأنه ثورة إسلامية تشبه ثورة الخومينى فى إيران عام 1979 . وتمثل أسرع رد فعل خليجى على تطورات صنعاء فى بيان أصدره الاجتماع التنسيقى لوزراء خارجية دول الخليج على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أعربوا فيه عن الأسف والقلق من الأحداث الجارية فى اليمن، ورحب الوزراء بالاتفاق الذى تم التوصل إليه، متمنين أن يؤدى إلى وقف العنف والالتزام بالشرعية وتعزيز أمن اليمن واستقراره، معربين عن أملهم فى أن يتجاوز اليمن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه. وأكد المجلس الوزارى الخليجى وقوفه مع اليمن الشقيق ودعمه للرئيس عبدربه منصور هادى، ولجهوده فى الحفاظ على الشرعية وحقن الدماء، داعياً كل الأطراف إلى تغليب المصلحة الوطنية، وتجنب الإثارة والتحريض، والتمسك بنهج سياسى يجنب اليمن الانزلاق إلى حالة من الفوضى والعنف تهدد أمن اليمن واستقراره ووحدته، والعمل على استكمال تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى وتعزيز العملية السياسية التى جعلت اليمن نموذجاً يشار إليه لحل الخلافات سلميا . أما رد الفعل الإيرانى على ما جرى فى اليمن، فقد عكسه الإعلام الإيرانى بابتهاج شديد. وقال مندوب مدينة طهران فى البرلمان الإيرانى على رضا زاكانى، المقرب من المرشد الإيرانى على خامنئى، إن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية، مشيرا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التى فى طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية. واعتبر زاكانى أن الثورة اليمنية امتداد طبيعى للثورة الإيرانية، وأن 14 محافظة يمنية سوف تصبح تحت سيطرة الحوثيين قريبا من أصل 20 محافظة، وأنها سوف تمتد وتصل إلى داخل السعودية على حد قوله . من هم الحوثيون؟ هى حركة سياسية شيعية تأسست بمحافظة صعدة فى شمال اليمن، تنسب إلى بدر الدين الحوثى وتعرف بالحوثيين أو جماعة الحوثى أو الشباب المؤمن وأخيرا أطلقت على نفسها أنصار الله أسوة بحزب الله فى لبنان . النشأة: برغم ظهور الحركة فعليا خلال العام 2004 إثر اندلاع أولى مواجهتها مع الحكومة اليمنية، فإن بعض المصادر تعيد جذورها فى الواقع إلى ثمانينيات القرن الماضي. ففى العام 1986 تم إنشاء "اتحاد الشباب" لتدريس شباب الطائفة الزيدية على يد صلاح أحمد فليتة, وكان من ضمن مدرسيه مجد الدين المؤيدى وبدر الدين الحوثي. وإثر الوحدة اليمنية التى قامت فى مايو 1990 وفتح المجال أمام التعددية الحزبية، تحول الاتحاد من الأنشطة التربوية إلى مشروع سياسى من خلال حزب الحق الذى يمثل الطائفة الزيدية. منتدى الشباب المؤمن: تم تأسيسه خلال العام 1992 على يد محمد بدر الدين الحوثى وبعض رفاقه كمنتدى للأنشطة الثقافية، ثم حدثت به انشقاقات. وفى العام 1997 تحول المنتدى على يد حسين بدر الدين الحوثى من الطابع الثقافى إلى حركة سياسية تحمل اسم "تنظيم الشباب المؤمن". وقد غادر كل من فليتة والمؤيدى التنظيم واتهماه بمخالفة المذهب الزيدي. وقد اتخذ المنتدى منذ 2002 شعار "الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام" الذى يردده عقب كل صلاة. وتشير بعض المصادر إلى أن منع السلطات أتباع الحركة من ترديد شعارهم بالمساجد كان أحد أهم أسباب اندلاع المواجهات بين الجماعة والحكومة اليمنية. قادة الجماعة: تولى قيادة الحركة خلال المواجهة الأولى مع القوات اليمنية فى 2004 حسين الحوثى الذى كان نائبا فى البرلمان اليمنى فى انتخابات 1993 و1997 والذى قتل فى نفس السنة فتولى والده الشيخ بدر الدين الحوثى قيادة الحركة، ثم تولى القيادة عبد الملك الحوثى الابن الأصغر لبدر الدين الحوثى بينما طلب الشقيق الآخر يحيى الحوثى اللجوء السياسى فى ألمانيا. التوجه العقائدي: تصنف بعض المصادر الحركة بأنها شيعية اثنى عشرية، وهو ما ينفيه الحوثيون الذين يؤكدون أنهم لم ينقلبوا على المذهب الزيدى برغم إقرارهم بالالتقاء مع الاثنى عشرية فى بعض المسائل كالاحتفال بعيد الغدير وذكرى عاشوراء. مطالب الحركة: ترى جماعة الحوثيين أن الوضع الذى تعيشه يتسم بخنق الحريات، وتهديد العقيدة الدينية، وتهميش مثقفى الطائفة الزيدية. وهى تطالب بموافقة رسمية على صدور حزب سياسى مدنى وإنشاء جامعة معتمدة فى شتى المجالات المعرفية، وضمان حق أبناء المذهب الزيدى فى تعلم المذهب فى الكليات الشرعية، واعتماد المذهب الزيدى مذهبا رئيسيا بالبلاد إلى جانب المذهب الشافعى، غير أن السلطات اليمنية تؤكد أن الحوثيين يسعون لإقامة حكم رجال الدين، وإعادة الإمامة الزيدية. المواجهات مع الحكومة خاضت جماعة الحوثيين عدة مواجهات مع الحكومة اليمنية منذ اندلاع الأزمة عام 2004. فقد اندلعت المواجهة الأولى فى 19 يونيو 2004 وانتهت بمقتل زعيم التمرد حسين بدر الدين الحوثى فى 8 سبتمبر 2004، أما المواجهة الثانية فقد انطلقت فى 19 مارس 2005 بقيادة بدر الدين الحوثى (والد حسين الحوثي) واستمرت نحو ثلاثة أسابيع بعد تدخل القوات اليمنية، وفى نهاية عام 2005 اندلعت المواجهات مجددا بين جماعة الحوثيين والحكومة اليمنية، وشهدت بداية ظهور قائد جديد هو عبد الملك الأخ الأصغر لحسين الحوثي. المعركة الرابعة: اندلعت فى يناير 2007، بعدما أن اتهمت الحكومة الحوثيين بطرد اليهود من محافظة صعدة، تمهيدا للانفصال عن الدولة. المعركة الخامسة: اندلعت فى مارس 2008، وكانت حربا فارقة ومختلفة عن الحروب السابقة لها، وذلك فى توسع نطاق عملياتها، إذ لم تنحصر فى صعدة بل امتدت إلى جبهات جديدة فى مناطق يدين أهلها بالمذهب الزيدى، ومنها مديرية بنى حشيش، وهى إحدى المديريات القريبة من العاصمة صنعاء. المعركة السادسة: اندلعت فى أغسطس 2009 وأعلنت الحكومة اليمنية خلالها عن تورط إيران فى دعم الحوثيين، من خلال اكتشاف ستة مخازن للسلاح والذخيرة المملوكة للحوثيين، وبعض الأسلحة المكتوب عليها صنع فى إيران، وتشمل صواريخ قصيرة المدى، ومدافع رشاشة وذخيرة. أعقب ذلك بقليل إعلان الحكومة القبض على سفينة إيرانية محملة بالأسلحة والذخائر كانت فى طريقها للحوثيين. المعركة السابعة : بدأت إرهاصاتها بحرب عمران، فى مارس 2014، عندما استغل الحوثيون الارتباك المتزايد فى المشهد اليمني، واضطرابات الجيش المخترق من قبل رجالهم، وتشتته فى أكثر من جبهة فى الشمال والجنوب، فقام الحوثيون بهجوم مباغت على مواقع تابعة للواء 310 مدرع، وهو اللواء الأقوى تشكيلا وتسليحا، واستطاعت القوات الحوثية الانتصار على اللواء 310 مدرع، والاستيلاء على كامل عتاده وأسلحته، وقتل قائده العميد حميد القشيبي. وكان من نتائج هذه المعركة أن الحوثيين صاروا على بعد 50 كم من العاصمة صنعاء، مما أتاح لهم الزحف إلى مداخلها، وكذلك تهجير آل الأحمر من منازلهم ومعاقلهم فى حاشد، وقد كانوا أصحاب النفوذ والمناصب فى حكومات اليمن المتعاقبة، وتغيرت موازين القوى لمصلحة الحوثيين . عبد الملك الحوثى ولد عبد الملك الحوثى زعيم الحوثيين بمدينة ضحيان فى محافظة صعدة عام 1979، وهو الابن الأصغر للزعيم الروحى للحوثيين بدر الدين بن أمير الدين الحوثى (1926-2010) والذى كان يعد من أبرز المراجع الفقهية فى المذهب الزيدى باليمن قبل أن يتحول للمذهب الجارودى -القريب من المذهب الإثنى عشري- بعد إقامته فى إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002. عرف عبد الملك بملازمته لوالده فى كل حلقات دروسه الفقهية، وأجازه والده فى تلقيه العلوم الدينية التى درسها على يديه وهو فى 18 من عمره، ولا يعرف أنه نال أى شهادة تعليمية سواء المرحلة الأساسية أم الثانوية أم الجامعية. ورث عبد الملك الحوثى قيادة الجماعة بدعم من والده فى أعقاب مقتل قائدها ومؤسسها شقيقه الأكبر حسين خلال حرب الجماعة مع الجيش اليمنى أثناء حكم الرئيس السابق على عبد الله صالح. وعقب مقتل شقيقه نشب خلاف داخل الجماعة فى شأن من يتولى قيادتها، خصوصا فى ظل بروز القائد الميدانى آنذاك عبد الله الرزامي، غير أن الاختيار وقع على عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة، كقائد للجماعة نزولا على رغبة والده. بدأ اسمه يتردد كقائد للجماعة خلال جولات الحرب فى صعدة مع القوات الحكومية التى تواصلت على فترات متقطعة حتى عام 2010. وبدا الحوثى خلال خطاباته المتلفزة مقلدا لأمين عام حزب الله اللبنانى حسن نصر الله، من ناحية الخطاب اللغوى والحركة الجسدية والإشارة بالإصبع، إضافة للخلفية الزرقاء التى يجلس أمامها والشعار المطبوع عليها . تمويل الحوثيين ويتساءل الشارع اليمنى عن مصادر تمويل الحوثيين وسر قدرتهم على التمدد على الأرض وفرض سيطرتهم من خلال المال والسلاح . وترى القيادة اليمنية، أن إيران تعد الممول الأبرز للحوثيين عبر دعمهم فى إطلاق قنوات فضائية صادرة من بيروت، وكذا دعمهم بالسلاح عبر البحر من خلال منفذ "ميدي" المحاذى للحدود السعودية. ويقول خبراء يمنيون إنه من الصعب معرفة حجم تمويل الجماعة، لكنه يقدر بمليارات الدولارات، وهو تمويل يتم وفق قنوات سرية، ويمكن القول إن إيران بأذرعها المختلفة التى تشمل جهات رسمية ومؤسسات دينية وجمعيات خيرية، هى الممول الرئيس للحوثيين . وهناك مصادر تمويل أخرى، وفقاً للخبراء اليمنيين، حيث يسيطر الحوثيون على محافظتين تقريباً هى صعدة وعمران وتجبى جزءاً من دخلهم على شكل إتاوات من المواطنين تحت مسمى"الزكاة" أو "دعم المجاهدين"، وكذا الاستيلاء على إيرادات المحافظات التى يستولون عليها وقيامها بواجب الدولة فى تحصيل تلك الإيرادات. وكان نائب وزير الإدارة المحلية عبد الرقيب سيف أكد الشهر الماضى أن إيرادات الزكاة فى محافظة صعدة لا تصل إلى الحكومة وأن الحوثيين يسيطرون عليها بالكامل .