أبا الأنبياء سيدنا أبراهيم عليك السلام :أشعر بقلة حيلتى وأنا أكتب لك فمن أنا حتى أخاطب سيدنا ابراهيم ولكننى ورغم ضعفى وصغر حجمى أمامك أريد أن أكشف بعض جوانب حياتك للبشر الغارقين فى الحياة ، أسمح لى أن أرسل خطابى عنك لكل المهمومين الغاضبين الذين يظنون أن الله ابتلاهم، خطابى أيضا موجه لأصحاب الشكاوى الذين لا يملون الحديث عما أصابهم من حزن أو مرض أو من يختلقون أسبابا للشكوى خوفا من «العين» نعم سيدى أبا الأنبياء فى زماننا هذا أناس يحترفون الشكوى والتظاهر بالغم خوفا من أن تنالهم سهام الحسد فى مقتل لأنهم فرحون يمرحون وسعداء ، سيدى إبراهيم عليك السلام والتحية يا من تحملت ابتلاءات تنوء بحملها أكتاف البشر فقد ألقوا بك فى نار حامية وأنت صبي، نار كانت تكفى لحرق عصبة من الرجال ولكنك بأمر الهى خرجت منها سليم مرتديا ثيابا ملائكية ، ورغم شدة المعجزة وقوتها ورغم أنها كانت على رؤوس الأشهاد لم يؤمن بك إلا قلة من الشاهدين ، ولو أن أحدا من بنى البشر هذه الأيام تعرض لهذا الابتلاء ما كان يقوى على تحمله وما كان يستطيع أن يبحث حوله فلا يجد من يصدقه ، ربما يا سيدى كان ذهب إلى الأطباء النفسيين بحثا عن طريقة للخروج من حلقات الاكتئاب التى تحكمت فيه ولكنك أبا الأنبياء مررت بهذه الواقعة وتزوجت من الفتاة التى آمنت بك السيدة سارة فإذا بك تمر بامتحان أشد وتحُرم قرة العين والولد فسارة لا تنجب ، سنوات مرت حتى تزوجت السيدة هاجر ورزقك الله منها بسيدنا اسماعيل وجاء الأمر الالهى بأن تتركه وأمه وحيدين فى الصحراء تلفت حولك وكان قلبك يتألم ولكنها إرادة الله التى لا مناص من تنفيذها برضا المؤمن النبى ، بحثت السيدة هاجر عن ماء للرضيع فمنحها الله زمزم التى لا تزال حتى الآن تسقى البشرية ماء مختلفا ليس له مثيل فهو طعام وشراب وسحر للشفاء من الأمراض وقوة ضاربة أرسلها الله معجزة تماثل حجم الابتلاء الذى وضُعت فيه ، وكبر سيدنا اسماعيل وكان لك سندا وذراعا ساعدك فى قواعد البيت الحرام وكان خلوقا شابا يفُرح القلوب الحزينة وعوضا عن ابتلاءات شديدة وإذا بأمر الهى آخر بذبح الابن وكانت الصدمة التى لم تتفوه بكلمة غضب منها، فأحلام الأنبياء ليست أضغاثا تمر ولكنها رؤى تنفذ والعجب سيدى أن الشاب اليافع الذى لم يهنأ بعد بشبابه امتثل للأمر دون كلمة اعتراض واحدة وقرر أن يكون مساعدا لأبيه فى تنفيذ أوامر الله عز وجل ، لوكنت ياسيدى فى زماننا هذا وسمعت أن الأبناء يقفون اليوم فى وجه آبائهم يعارضونهم ويرفضون أن يخضعوا لهم بل أحيانا يلفظون آباءهم خارج حياتهم حتى لا يفسدوها لتعجبت من أدب وخلق ابنك البار النبى سيدنا اسماعيل ، ولكن الله رحيما فلم يطلب منك سوى أمر الذبح الذى افتدى به الولد البار بذبح آخر أنقذ حياته ، أصبح هذا الذبح سنة أقامها سيدنا محمد احتفالا بأحد ابتلاءات أبى الأنبياء وأصبحنا نحيى هذه الذكرى الكريمة بذبح سنوى اول أيام العيد ولكن الكثيرين منا نسى وهو يقيم السُنة الكريمة أن يدقق النظر فى ابتلاءات سيدنا ابراهيم حتى يحمد الله على نعمه الكثيرة ، نقيم السُنة تباهيا ، وربما تفاخرا وربما دلالة على الغنى وكثرة المال ونلتهم منها الكثير وننسى فضلها وننسى الفقير ونعود من العيد بتخمة الأكل وشكوى جديدة من خلاء الجيوب ومصروفات العيد أحيانا تكون حقيقة وكثيرا تكون درءا للحسد والحاسدين . سيدى عليك السلام والرحمة وكل عام وأنت بخير يا من تحملت الكثير من أجل أن تعلم البشر أن الابتلاء نعمة فمن يذكره ربه يحبه ومن ينساه فلا ذاكر له بعد ذلك .