أكدت نهاد أبو القمصان رئيس مجلس إدارة المركز المصرى لحقوق المرأة على الدور المهم الذى تقوم به منظمات المجتمع المدنى، وسعيها إلى التخلص من التمييز ضد المرأة، من خلال الإصلاح التشريعى، ومشاركة المرأة فى صناعة القرار. وتطالب أبو القمصان بضرورة العمل على تطوير دور منظمات المجتمع المدنى بدلا من الإجهاز عليه، وأضافت أن قضية المرأة، ليست قضية نوع أو جنس، بل هى مؤشر على مدى تطور المجتمع, ومشكلاتها وثيقة الصلة بقضايا التنمية الشاملة , سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، وهى محدد أساسى من محددات المواطنةونحن مجتمع امتد فيه النقاش حول قضية التمييز ضد المرأة لأكثر من قرن من الزمان، دون إنجاز حقيقى يشار إليه, إلا بعض الخطوات هنا أو هناك سرعان ما يتم التراجع عنها. والنظرة القاصرة للمرأة كانت السبب الرئيسى فى تراجع مصر إلى المركز 125 من 136 دولة وفق تقرير «الفجوة بين الجنسين» الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2013. وبالرغم من تقدم مصر هذا العام درجة عن العام الماضى الا أن الأداء الكلى لمؤشرات الفجوة بين الجنسين فى تناقص. وترجع أبو القمصان النظرة القاصرة للمرأة إلى عدة أسباب فى مقدمتها غياب الإرادة السياسية والتحولات الثقافية والسياسية وعجز الدولة عن حل مشكلات المجتمع ، وتحميل النساء مسئولية فشل المسئولين وتوسعة المجال لفكر الأسلام السياسى الذى يركز على المرأة كعورة وليست كإنسان. اما بالنسبة للحل فتقول: نحتاج إلى وزارة للمرأة, تعكس قضاياها ومشكلاتها, وإلى تعديلات تشريعية تضع قواعد ملزمة, وتفرض عقوبات على الجهات التى تمارس سياسة التمييز ضد المرأة . وحول تأثير الثورات على المرأة تقول: هناك تغييرات كبيرة منذ ثورة 1919، لكن التغير الأكبر جاءفى أعقاب ثورة 25 يناير. فقد حدثت ثورة فكرية ووجدت النساء أنفسهن أمام أسئلة بلا اجابات, وظروف معيشية صعبة، منازل خاوية من المال او ما يؤمن مقومات الحياة ، وشوارع خالية من الأمن . هنا دخلت المرأة أتون المعركة، راضية كانت أو مغصوبة ، وأصبح الجميع أمام الأزمة سواء. أيضا حدث أن صعد تيار الإسلام وتصدر المشهد، وسعى إلى التحكم فى النساء باسم الدين. وحدث ما لم يكن متوقعا من تغير حقيقى وهائل لدى النساء , فكسرن الطوق وحاجز الخوف وهو ما نراه كل يوم على كل المستويات من تغير هيكل القوة, فلم يعد على النساء السمع والطاعة كما كان فى السابق. وتفصل أبو القمصان القول بعد ان أوجزت: جاءت عدة تحولات سياسية فى عصر السادات اثرت بالسلب على قضايا المرأة, تمثلت فى إعادة الهيكلة الرأسمالية للنظام الاقتصادى بتبنى نظم اقتصاد السوق . وما اقتضاه ذلك من التخلى عن الدور القائد للدولة وترك زمام المبادرة للقطاع الخاص وما استتبع ذلك من تغيرات تشريعية أسهمت فى التمييز ضد المرأة, على المستوى الاقتصادى والثقافى ونشر افكار ليس لها علاقة بالمجتمع المصرى. ولم يقتصر الأمر على السادات وانما امتد الى عصر مبارك, وقد ترتب على تلك التحولات السياسية التى شهدتها مصر فى نهاية القرن العشرين تعديلات جوهرية فى التوجه والسياسة والإجراءات العامة، كان فى مقدمتها خفض الإنفاق العام، وتراجع الاستثمار من جانب الدولة، وخصخصة كثير من المشروعات العامة، وتعديل قوانين العمل لتلتقى مع مصالح أصحاب العمل فى الأساس .وكان من نتائج ذلك هبوط حاد فى معدلات تشغيل المرأة، نتيجة للتمييز ضدها ، ووقف التحسن فى ظروف وشروط تشغيل المرأة ,مثل البنية التحتية المساعدة للمرأة كدور الحضانة الجيدة وغيرها ،مما ادى الى تحمل المرأة اعباء اضافية ساهمت فى زيادة التمييز ضدها فى العمل، والتراجع عما اكتسبته من حقوق وامتيازات،. بالإضافة إلى انتكاس جهود تنمية المرأة: «التعليم والصحة والأدوار الاجتماعية والمشاركة السياسية العامة وغيرها» نتيجة لظروف غير مواتية كثيرة تمر بها قطاعات كبيرة من المواطنين. وحول دور منظمات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجال الدفاع عن المرأة، تقول: المنظمات التى تعمل بمفهوم دفاعى للقضاء على التمييز ضد المرأة، والتمكين السياسى والمشاركة فى صناعة القرار, تعد على أصابع اليد. ورغم ذلك ناضلت تلك المنظمات بقوة من اجل الإصلاح التشريعى الخاص بحقوق المرأة، كما ناضلت وبقوة ضد تنظيم الإخوان، وهيمنة تيارات الأسلام السياسى التى تستهدف بالدرجة الأولى حقوق المرأة, وقدمت نماذج عمل جيدة . و تكمن قيمتها فى تقديم نموذج عمل يمكن أن تتبناه مؤسسة أخرى أهلية أو رسمية على أمل أن تؤتى بثمارها على مدى أوسع. وتضيف أبو القمصان: للأسف فإن المنظمات تتصارع من اجل حقوق الإنسان عامة، وحقوق المرأة خاصة، من أجل البقاء فى ظل قانون جمعيات يعد الأسوأ فى الدول كافة. وبيروقراطية من موظفى الشئون الاجتماعية، قادرة على قتل اى إيجابية قد تكون فى النصوص، فضلا عن غياب الكفاءة والرؤية لدى هؤلاء الموظفين، وهم بحاجة إلى تنمية شاملة وتدريب حتى يلعبوا دورا فى تطوير المجتمع المدنى بدلا من الإجهاز عليه, ورغم ذلك تستطيع المنظمات المقاومة. وعن دستور 2014 ومدى اهتمامه بقضايا المرأة تقول: يعد دستور 2014 من أفضل الدساتير التى عرفتها مصر فيما يتعلق بحقوق المرأة، فقد قام على المساواة وعدم التمييز بسبب الجنس. و تضمنّ نصوصا متعددة تضمن المساواة التامة واتخاذ تدابير لتنفيذ هذه المساواة: مثل التكافؤ فى الفرص بين جميع المواطنين ، وتكفل الدولة بحماية للطفولة والأمومة وضمان حق العمل , و جعل كل الوظائف العامة حقا للمواطنين دون تمييز. وتعد مواد الدستور نقله نوعية على مستوى حصول المرأة على حقوقها.