586 لجنة فرعية تستقبل اليوم 3 ملايين 375 ألف ناخب في 7 دوائر انتخابية الملغاة بسوهاج    روبيو يرسم ملامح التسوية بين روسيا وأوكرانيا ويكشف عن نقطة الخلاف الرئيسية    بينهم 4 دول عربية، إدارة ترامب توقف رسميا إجراءات الهجرة والتجنيس من 19 دولة    منها المسيّرات الانتحارية والأرضية.. الهيئة العربية للتصنيع تكشف 18 منتجًا جديدًا في إيديكس 2025    إحداهما بدأت، الأرصاد تحذر من 3 ظواهر جوية تزيد من برودة الطقس    اليوم، قطع الكهرباء عن عدة مناطق في 3 محافظات لمدة 5 ساعات    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    حسن الخطيب يترأس اجتماعات الدورة الرابعة لمجلس وزراء التجارة بمجموعة الدول الثماني النامية D-8    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    مطروح للنقاش.. نجاح خطة ترامب لحصار الإخوان وتأثير طموحات ماسك على منصة إكس    اختفى فجأة، اللحظات الأخيرة ل يوسف محمد لاعب نادي الزهور داخل حمام السباحة (فيديو)    حماة الأرض واليونيسف تبحثان سبل تمكين الشباب والعمل المناخي    بالأسماء: مصرع 5 وإصابة 13 في حريق مول ومخزن بسوق الخواجات بالمنصورة    موعد صلاة الفجر..... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر2025 فى المنيا    «أحكام الإدارية» تُغير خريطة البرلمان    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    ترامب: سوريا قطعت شوطًا طويلًا إلى الأمام.. ومهمة «الشرع» ليست سهلة    5 محاذير يجب اتباعها عند تناول الكركم حفاظا على الصحة    ناهد السباعي: "فيلم بنات الباشا كان تحديًا.. والغناء أصعب جزء في الشخصية"    5 وفيات و13 مصابًا.. ننشر أسماء المتوفين في حريق سوق الخواجات بالمنصورة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    اجتماعات سرّية في باكستان وتركيا بعد تحركات ترامب لتصنيف الإخوان إرهابيين    متحدث الصحة: قوائم بالأدوية المحظورة للمسافرين وتحذيرات من مستحضرات خاضعة للرقابة الدولية    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    مصر توسّع حضورها في الأسواق الأفريقية عبر الطاقة الشمسية والتوطين الصناعي    إعلان طاقم حكام مباراة الجونة وبترول أسيوط في كأس مصر    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    بيترو: أي هجمات أمريكية على أراضي كولومبيا ستكون إعلان حرب    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    إحالة أوراق المتهم بقتل زميله داخل ورشة لتصنيع الأثاث بأشمون للمفتى    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    تحت شعار "متر × متر"، مكتبة الإسكندرية تفتح باب التقديم لمعرض أجندة 2026    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    النيابة العامة تُنظم برنامجًا تدريبيًا حول الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    بروتوكول تعاون بين نادي قضاه جنوب سيناء وجامعة القاهرة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نخب الاضطراب والوعظ السياسى
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 10 - 2014

تبدو مشاكلنا الكبري، فى التاريخ الحديث والمعاصر، غائبة فى غالب الخطابات السياسية قبل 25 يناير 2011، وما بعد العملية الثورية التى اعتراها الوهن، والتشويه وإدخالها إلى مجال نظرية المؤامرة وثقافتها الخاوية.
فى هذا الإطار والسياقات، تعيش النخب المصرية - ومعها الأجيال الجديدة الغاضبة، والتى عاد بعضها إلى دوائر اللا سياسة، والإحباط - لحظة انتقالية صعبة واستثنائية مترعة بالاضطراب والغموض، وعدم اليقين.
أن متابعة المشهد العام المختلف، الذى يسيطر عليه بعض «المديوكر»، و«المنيوكر»، من محدودى الموهبة والكفاءة تشير إلى أنهم يسهمون فى إزاحة الكفاءات والمهارات المصرية الشحيحة والنادرة، كنتاج لعقود من التجريف واغتيال الأجنة الموهوبة، والقمع السلطوى الغشوم. يبدو أننا نعيد إنتاج الأزمات التى أدت إلى الفجوات التى اتسعت بين الأجيال، والتى تتمدد على نحو يبدو وأن ثمة طلاقا سياسيا، وجيليا خطيرا يسهم فى تفاقمه عودة الإعلام التعبوى - العام والخاص - وسيطرت أصوات زاعقة، تشيع الضجيج، وتشوه الإدراك شبه الجمعى للمصريين، مما يساعد على تفاقم خطورة السياسة الإعلامية السلطوية الغوغائية، وخلط غالب مقدمى ومعدى البرامج بين وظائفهم ودورهم المهنى وبين دور النشطاء السياسيين، ويخايل بعضهم أنه بات يلعب دور المرشد السياسى والدينى للمصريين.
إن نزعة الإرشاد السياسى والأخلاقى - ذات الخلفية الدينية - لم تعد قصراً على بعض مقدمى البرامج، والصحفيين، وإنما امتدت إلى غالب ما يطلق عليهم مجازاً النخبة السياسية فى الحكم الانتقالى، أو فى الأحزاب الهشة ومحدودة العضوية، وسطحية البرامج والخطاب، ومحدودة المهارات، وضحلة الخيال السياسي، ومحدودة المعرفة العلمية بمصر، وإقليمها، وعالمها المتغير.
أن ظاهرة النوستالجيا السياسية، والحنين إلى بعض مراحل تطور التسلطية السياسية، دونما تقويم نقدى لبعض هذه المراحل هو تعبير عن رغبة عمياء لدى بعضهم لاستعادة زمن مضى ولن يعود قط! نزعة النوستالجيا لا تاريخية بامتياز وتكشف عن عمق أزمتنا الوجودية الحادة، فى الهروب إلى بعض المراحل التاريخية بحثاً عن أمان ما مفتقد فى الحاضر، وهى نزعة لا تختلف قط، عن العقل الدينى التقليدى والمغالى الذى يرمى إلى القطع مع الحاضر بكل محمولاته وقيوده وتطوراته وآفاقه غير المحدودة، إلى بعض مراحل تطور تاريخنا الدينى والسياسى. إنها نزعة خلاصية ترمى إلى الهروب من مواجهة أزمات وإشكاليات وتحديات اللحظة التاريخية الحرجة، ومراحلها الانتقالية المضطربة والخطرة.
إن سعى بعضهم من أجل إعادة المرحلة الناصرية فى المخيال الجماعى، والسعى إلى ولادة ناصر جديد، تبدو بمثابة محاولة فاشلة لاستنساخ القائد الوطنى الكبير، ورجل الدولة الكاريزمي، فى غير زمنه وسياقاته، وتوازناته فى النظام الدولى ثنائى القطبية، والحرب الباردة، وعالم عدم الانحياز، وحركات التحرر الوطنى ورأسمالية الدولة الوطنية. انتهى هذا العالم وأقاليمه الفرعية وقواعد عمله وشروطه، الآن نحن فى عالم معولم.
كيف يمكن استعادة ناصر وتجربته التاريخية فى عالم غير عالمه، بينما أوضاعنا مضطربة، ولا توجد رؤى سياسية تتسم بالأصالة والانفتاح والعمق والمعرفة والتجارب الرائدة فى عالمنا، ولاسيما آسيا الناهضة؟.
حنين سياسى غامض فى مواجهة استمرارية «سياسة اللا سياسة» كما سبق أن كتبنا مراراً، فى ظل منولوجات خطابية بائسة تدفع الأمور إلى سياسة اللحظة بلحظة كتعبير عن غيابنا عن زمن اللحظة التاريخية العولمية، وتحولات الاهتمامات السياسية والاستراتيجية نحو آسيا المتطورة، الصين والهند وكوريا وسنغافورة. نخب الانتقال المتعثر تبدو غائبة عن لحظة الإقليم المضطرب والمحتقن، حيث يتحول الإسلام السياسى إلى قوة قتال عسكرى منظم وقادر، ويسيطر على أراض داخل عديد الدول فى المشرق العربي، بينما تبدو دولة ما بعد الاستقلال فى هذه المنطقة هشة، وضعيفة وغير قادرة على السيطرة على كل مناطق الدولة، وحيث تبدو بعض الجيوش محدودة الكفاءة والتدريب والخبرات رغما عن عشرات المليارات من الدولارات التى أنفقت على جيوش طائفية ومذهبية ومناطقية.
عالم عربى يبدو غائباً فى تعقيده وتركيباته الأولية ومتغيراته، عن ذهنية ومعرفة ووعى نخب الانتقال السياسى المتعثر فى مصر، وهو ما يسهم فى غياب الرؤية وتشوش أساليب العمل لمشكلات الإقليم. نمط مضطرب ومشوش من كتابة الفوضى فى الصحف، وخطابات من السجال السوقى فى الإعلام المرئي. حالة من صخب الكلمات، وتناقضات وسطحية الخطابات الشفاهية وعنفها المفتوح، ولغة التعميمات المرسلة والانطباعات الانفعالية السانحة.
هذا الغياب للعمق المعرفى فى تعاملنا مع شئوننا وتاريخنا وأفكارنا، تشير إلى أزمة نخب ما قبل 25 يناير 2011 ونخب مراحل الانتقال القديمة والجديدة. لاتزال الشيخوخة الفكرية والسياسية والجيلية هى الشائعة، وقلة قليلة هى التى كسرت معتقل شيخوخة الأفكار والرؤى والحس والخيال السياسي، وتحررت من القيود الإدراكية، وأساليب التفكير السياسى التى فرضها هذا المعتقل الخبراتي. إلا أن بعض المجموعات الجيلية الجديدة فى غالبها جاءوا من أعطاف سياسة التجريف السياسى وللكفاءات طيلة أكثر من أربعين سنة مضت. إن حالة الاختلال فى الفكر السياسى السائد، لا تعنى قط أن مقتضيات مراحل الانتقال وضغوطها تتطلب نسيان تجربتنا التاريخية مع التحديث المبتسر، والحداثة المغدورة، لأن عدم استدعاء هذه التجربة التاريخية وتقويمها نقدياً، سيؤدى إلى عدم قدرتنا على مواجهة تحديات عاتية تواجه الدولة والمجتمع، والأخطر ستؤدى إلى إعادة إنتاج مشكلات وأزمات معقدة.
وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.