أسعار الذهب اليوم في مصر بيع وشراء.. تحديث لحظي    أسعار الفراخ والبيض اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 بأسواق الأقصر    عاجل- استقرار أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    طوارئ الأقصر: إخطار المقيمين بأراضى طرح النهر بالحذر من ارتفاع منسوب النيل    ما هي البنود التي لم توافق عليها حماس في خطة ترامب؟    8 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي على مدينة غزة وخان يونس    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    تصويت مجلس الشيوخ يفشل في إنهاء شلل الحكومة الأمريكية ويعطل مقترح الجمهوريون للميزانية    بسبب إنذارين.. تشيلي تحسم المركز الثاني على حساب مصر في مجموعة كأس العالم للشباب    الأهلي يواجه كهرباء الإسماعيلية في الدوري    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. هل يعود الفراعنة لمعشوق الجماهير؟    رئيس الاتحاد يتكفل بإيواء وتعويض المتضررين من سقوط عقار غيط العنب بالإسكندرية    طقس الإسكندرية اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وفرص لأمطار خفيفة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الدائري بالفيوم    التحقيق مع شخصين وراء تسميم الكلاب والتخلص منها فى الهرم    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الأفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بمستشفى النصر التخصصي في بورسعيد    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    إعلان موعد تلقي أوراق الترشح للانتخابات مجلس النواب اليوم    جهود أمنية لكشف لغز وفاة طالبة بشكل غامض أثناء تواجدها في حفل زفاف بالفيوم    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    موعد تغيير الساعة في مصر 2025.. بداية التوقيت الشتوي رسميا    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    انطلاق مباراة مصر وتشيلي في كأس العالم للشباب    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    تردد قناة الفجر الجزائرية 2025 على النايل سات وعرب سات.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 7    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    سعر الجنيه الذهب في السوق المصري اليوم يسجل 41720 جنيها    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخططات «مكتب الإرشاد» لأخونة الدولة والجيش على الطريقة السودانية!

السؤال القديم لا يزال يحمل بعضا من جدته وحيويته وحضوره المكثف: مصر إلى أين؟
كان حاضراً طيلة أكثر من ثلاثين عاماً مضت، نظراً لتراكم الأزمات الممتدة، والانفجارات العاصفة، والأوضاع الإقليمية المضطربة، والقلقة. من هنا ظل السؤال مستمراً حول طبيعة الدولة، ونمط الحياة والأحرى أنماطها المتعددة والمتداخلة الحداثية المبتسرة وما بعدها، أو النكوص عليها إلى ما قبلها حيث الولاءات الأولية الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية، وبين الأرياف والحضر والقرية والمدينة.


مصر إلى أين فى ظل تديين فضاءات المدن وحرياتها ومنطقها، وعلاقة إنسان المدينة بالزمن؟
زمن تكرارى استعادى يدور حول الماضى الذهبى أيا كان؟ إلى ما يطلق عليه ''الزمن الجميل''، هذا التعبير السوقى والمبتذل سياسياً وثقافياً، الذى يعبر عن ثقافة الكلاشيهات cliché، أو الشعارات العامة والغامضة وإلى ثقافة الكيتش الشائعة فى مصر!

مصر إلى أين؟ إلى الزمن الصاعد ونظامه الصارم ومنطقه الداخلى الذى يتجلى فى التفكير العلمى والسلوك العملى وقيم العمل والمسئولية! أم مصر الماضوية وتمركزاتها حول نماذج تاريخية دينية أو مذهبية أو غيرها؟!! مصر إلى أين؟ فى نظام الزمن، واقتصادياته ورمزياته!

مصر الآن تسودها روح التواكل والقدريات السياسية والإنسانية، والإرادة الإنسانية المعتقلة أو المحجوبة عن الفعل الإرادى المسئول؟ أم الزمن الهابط أو الصاعد؟ أين تبدو بلادنا وصورتها فى ظل أية نماذج إسلامية أو سياسية أو ديمقراطية أم تسلطية جديدة!؟ أم ما بعد التسلطية؟

سؤال قديم وجديد فى آن لاسيما بعد وصول رئيس مدنى جديد لأول مرة منذ 23 يوليو ,1952 بعد أن كان هذا المنصب فى النظام التسلطى ضمن احتكارات المؤسسة العسكرية الوطنية، وكتعبير عن «شرعيتها» التى ارتكزت على «العملية الثورية» التى أدت إلى إسقاط النظام القديم شبه الليبرالى 23 - .1952

السؤال: مصر إلى أين؟ وفى ظل أى نماذج الحكم وتجاربه فى ظل رئيس منتخب بأغلبية محدودة وينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد تاريخ طويل من تأسيسها عام 1928 على أيدى الإمام حسن البنا المرشد المؤسس وصحبه؟

مصر إلى أين؟ سؤال يكتسب أهمية استثنائية على جميع الصعد فى العلاقات الدولية والإقليمية، ومن ثم سياسة مصر الخارجية فى ظل رئيس ينتمى إلى أكبر جماعة إسلامية سياسية، وأيضاً على مستوى النظام السياسى والاجتماعى، والثقافى، وكذلك على صعيد المنظومة الرمزية على أهميتها القصوى؟

هل نكون إزاء ما يمكن أن يطلق عليه «النموذج المصرى»- هل يصح هذا الوصف أم لا يزال الأمر يحتاج إلى التريث والحذر والوقت لإطلاق هذا الوصف؟ - ومن ثم سيكون تعبيراً عن بعض النماذج الإسلامية السياسية السابقة؟ وأياً منها على وجه التحديد أم خليط بين بعض مكوناتها مع بعض العناصر الدينية والسياسية والخبرة المصرية؟

هل النموذج السودانى؟ فى ظل الترابى - البشير؟ أم فى مرحلة حزب المؤتمر الوطنى و«المؤسسة العسكرية» السودانية؟ هل النموذج الحمساوى؟ هل النموذج الباكستانى؟ أم النموذج الإيرانى؟ أو النموذج التركى؟ أم نموذج مصرى ذو خصوصية، وما هى طبيعة العلاقة مع المؤسسة العسكرية المصرية بين جماعة الإخوان فى ظل هذا النموذج؟


أسئلة تبدو بسيطة ومباشرة لكن مع إمعان النظر فى الأسئلة والنماذج المطروحة تبدو أكثر تعقيداً وتركيباً من ظاهر هذه الأسئلة، وذلك لعديد من الاعتبارات:

أ-البعُد التاريخى والسوسيو- سياسى والثقافى والإقليمى والدولى الذى أسست فى سياقاته هذه النماذج الإسلامية السياسية والعسكرية فى السلطة أو عمليات بناء الدولة والأحرى إعادة صياغة الدول فى هذه البلدان ومشاكلها ومدى تجانسها وتكاملها المؤسسى والداخلى! خذ مثلاً بعضُ النماذج كانت تسعى ولا تزال إلى التأسس والبناء فى أطر ما قبل الدولة كما فى المثال الحمساوى فى قطاع غزة! المثال السودانى يرتكز على تركيبات عرقية ودينية ومذهبية متعددة وثقافات أفريقية محضة، وعربية إسلامية، والأساطير الرمزية حول عراقة الأصل والمحتد فى هذا الإطار! النموذج السودانى تأسس على إسلام عربى فى مواجهة إسلام أفريقى فى إقليم دارفور، وفى تعددية دينية تتجاوز الإسلام والمسيحية إلى أديان وضعية أخرى؟ نموذج إسلاموى صارم فى إطار تعدديات انقسامية دينية وعرقية، وقبائلية ومناطقية.

ب- النموذج الباكستانى ارتبط تاريخياً بالصراع فى شبه القارة الهندية، وذلك بعد تاريخ من أزمات دولة ما بعد الاستقلال، والنخبة شبه العلمانية وفشلها المتكرر منذ الانفصال عن الهند على يد محمد على جناح.

من هنا شكل دخول المؤسسة العسكرية كطرف فاعل وأساسى فى إدارة الدولة وذلك فى إطار تحديات إقليمية كبرى.

ج- الأوضاع فى ظل النموذجين الإيرانى والتركى تختلف سواء من حيث تاريخية كليهما وسياقاتهما الداخلية، والإقليمية والدولية، ونمط قيادى ونخبوى مغاير سواء من المدنيين أو رجال الدين أو العسكريين مع اختلاف فى طبيعة كلا النظامين والمذهب الدينى السائد سنى أم شيعى وتطبيقاته والبنية السوسيو- تاريخية والثقافية لثقافة كلا الفقهين وتفاعلاتهما السياسية؟

هل مصر ستقدم نموذجاً سياسياً يقترب من هذه النماذج للإسلام السياسى فى الدولة والسلطة أم أن الإجابة عن هذا السؤال لا تزال مبكرة جداً وتحتاج إلى تريث ووقت ودرس فى العمق لما يجرى من قبل القوى الإسلامية السياسية الإخوان والسلفيين وغيرهما؟

ثمة إجابة سهلة تذهب إلى أن مصر ستؤسس وتذهب إلى نموذج مصرى خاص يختلف عن هذه النماذج. يمكنك أيضاً أن تستمع وتقرأ لخطاب استعادى حول مصر و«فضائلها» وأهميتها، و«خصوصيتها» وتاريخها، وحضارتها إلى آخر خطاب الأكلشيهات المأزوم! الذى ينتج ويتداول بلا كلل أو ملل بين بعض من الإسلاميين والقوميين المصريين والعرب وأشباه الليبراليين واليساريين .. إلخ!

∎ مصر بين النماذج الإسلامية السياسية المختلفة

سنحاول مقاربة السؤال القديم والجديد: مصر تجاه أى النماذج الإسلامية التى تم تجريبها فى المنطقة الشرق أوسطية أو خارجها أو فى العالم العربى؟ سوف نتناول ذلك فيما يلى:
1-النظامان فى السودان وقطاع غزة ينتميان تاريخياً ومرجعياً إلى جماعة الإخوان المسلمين.


المثال الحمساوى فى قطاع غزة هو تعبير عن سلطة إسلامية سياسية ما دون الدولة، وفى ظل جغرافيا سياسية معقدة حيث يعانى القطاع من حصار سياسى وأمنى من قبل عديد من الدول التى ترتبط فيما بينها باتفاقات دولية (مصر والأردن وإسرائيل) وتحظى بدعم ورعاية وربما ضبط أمريكى وأوروبى دولى صارم للدولتين العربيتين! من ناحية أخرى ثنائية للسلطة والشرعية داخل الأراضى الفلسطينية بين منظمة التحرير وفتح أساساً فى الضفة الغربية، وبين حماس فى قطاع غزة وشبه استقلالية لكليهما سواء فى داخل كل منطقة وفى تركيبة مؤسسات السلطة فى إطارهما؟ ازدواجية سياسية ومؤسسية وأمنية وقيادية فى كلتا المنطقتين. بل ويصل الأمر إلى سياساتهما الخارجية الإقليمية وتحالفاتهما!

كلا النظامين تسلطيان، السلطة وفساداتها فى الضفة تعتمد على زبائن سياسيين للقيادة وحماس تقوم على بعض من الفساد والمحسوبية والموالاة فى التجنيد السياسى والأمنى للسلطة الحمساوية وشبكاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية.

ثمة خلط بين دور تحررى ونضالى لحماس والجهاد الإسلامى وغيرهما، وبين دور الأولى أساساً كسلطة سياسية حاكمة ذات نزوع تسلطى محمول على أيديولوجيا دينية محافظة وراديكالية. من هنا نحن إزاء نموذج ما دون الدولة ومثاله الآخر حالة حزب الله فى لبنان التى تختلف من حيث المذهب (الشيعى)، وفى إطار تعددية دينية ومذهبية مختلفة، وتوازنات داخلية وسياق إقليمى مؤثر على مثال حزب الله.

من هنا تعرض المثال الحمساوى ولا يزال إلى حصار إقليمى، ودولى، وتعرضت سلطته إلى ضغوطات وأزمات كبرى على عديد من الأصعدة بسبب إسرائيل والمقاطعة الإقليمية بين الحين والآخر! بالإضافة إلى أخطاء قاتلة فى الممارسة السياسية التى انطوت ولا تزال على انتهاكات للحقوق والحريات العامة والشخصية؟ وثم أخطاء فى إدارة السياسة الخارجية لا تخطئها العين اليقظة!
التناقضات والصراع بين المحاور العربية قبل ما سمى مجازاً «ربيع الثورات» العربية أدى إلى هامش لمناورة محدودة لحماس فى الحصول على بعض المعونات الإقليمية - قطر وإيران والسعودية قبل ذلك أثناء سعيها لإجراء مصالحة بين الأطراف المتصارعة فى الضفة والقطاع، على سبيل المثال - وبعض من التأييد السياسى.

من ناحية أخرى تأثرت القضية الفلسطينية سلباً.. وعلى نحو نسبى بعد الانتفاضات الثورية العربية على اختلافها، وانكفاء قادة هذه الانتفاضات- ووراءهم فئات اجتماعية عريضة - على مشكلات مراحل الانتقال، والصراعات على ارتبطت بها وبين الفاعلين الداخليين الإسلاميين و''الليبراليين'' والقوميين واليساريين كما فى الحالات الثورية المصرية والتونسية. بالإضافة إلى الصراعات فى اليمن، والبحرين، وسوريا.

المثال الحمساوى، هو حصاد لتفاعلات بين الإطار المرجعى الأيديولوجى الإخوانى التاريخى المحافظ، وبين تحدى الاحتلال ومواقف بعض الجماعات السلفية المتشددة فى القطاع، ونزوع كليهما إلى بناء بعض البؤار فى جزيرة سيناء وتوسيع هامش مناوراتهما السياسية مع مصر وإسرائيل، وهو ما سيؤدى إلى بروز عديد من المشكلات السياسية مع مصر وإسرائيل، لاعتبارات تتصل بالأمن القومى والداخلى فى شبه جزيرة سيناء التى تعانى من عديد من الفجوات الأمنية.

المثال الحمساوى إخوانى غزاوى بامتياز، ولكنه لا يشكل نموذجاً للاحتذاء خارج القطاع والجغرافيا السياسية المحيطة، بالإضافة إلى بروز بعض من التأثر بالتجربة السودانية كنتاج لدرس وتكوين بعض قادة وكوادر حماس فى السودان ومن ثم تأثرهم ببعض الأفكار والتجربة السودانية على الرغم من خصوصياتها العرقية والثقافية والدينية والمناطقية.

2- النموذج السودانى، أحد أكثر الحالات الإسلامية السياسية خصوصية، على الرغم من أن بعض الجذور التاريخية جاء من أعطاف المرجع الأيديولوجى والخبراتى لجماعة الإخوان المسلمين، ورغما عن بعض الإنجاز الفقهى والنظرى السياسى لحسن الترابى وبعض صحبه، بل والنزاعات حول هذا المثال السودانى الإسلامى السياسى، إلا أن الخلفية التاريخية والأيديولوجية كانت حاضرة فى التجربة السودانية من ناحية أخرى ثمة توجه سودانى نحو «سودنة المرجع الأيديولوجى التاريخى» وتطويره من خلال توجهات الترابى التى سعت لبناء أممية إسلامية راديكالية «ثورية» تختلف عن المثال الإخوانى المركزى فى مصر، وتحويل السودان / الخرطوم إلى مركز للفوقومية والراديكاليات الإسلامية، ومنها استضافة بن لادن وكارلوس .. إلخ، وبعض من الراديكاليين المصريين من الجهاد والجماعة الإسلامية قبل ذهابهم إلى أفغانستان، ومساهمتهم فى بناء تنظيم القاعدة.

تراجع هذا التوجه مع انقلاب أبناء الترابى عليه، وتشكيل حزب المؤتمر الوطنى الحاكم والتداخل بين الحزب والجيش.

المثال السودانى اتسم بطابعه الخاص من خلال أدلجة ''مؤسسات الدولة''، كالجيش والشرطة والإدارة المدنية من خلال القادة من ناحية. من ناحية أخرى بروز تشكيلات ميليشياوية تحت مسميات إسلامية حينا للجهاد فى الحرب مع الحركة الشعبية فى جنوب السودان، وحينا آخر دفاعاً عن النظام الإسلامى، بالإضافة إلى بروز الأسلمة فى غالب مكونات النظام التعليمى، وفى الإعلام ... إلخ. الزبائنية هى سمت رئيس فى بناء الشبكات الداعمة للنظام سواء من التجارة والتجار ورجال الأعمال، وغالب المدرسين والمدرسات فى المدارس وبعض الجامعات وداخل بعض الكليات، أو فى التشكيلات الوزارية على اختلافها.

من هنا كانت استراتيجية شد عصب الوسط النيلى وقبائله الرئيسة والنخب السياسية القادمة منها، هى سياسة الهيمنة على السلطة من إسلام عربى / عرقى إزاء الجنوب وقبائله والحركة الشعبية لتحرير السودان، ثم دولة جنوب السودان بعد استقلالها. من ناحية أخرى صراع الإسلام العربى للوسط النيلى إزاء إسلام أفريقى فى إقليم دارفور.

من هنا المثال السودانى غير قابل للاستعارة، أو إعادة الإنتاج أو الاستيراد الأيديولوجى ... إلخ.

هل جماعة «الإخوان المسلمون» فى مركزها المصرى الأم ستقبل الاستفادة من التجربة السودانية؟ التى يصفها بعض الباحثين السودانيين والأجانب بأنها تعبير عن الدولة الفاشلة؟

أيا كان الرأى فى هذا التقويم السياسى يمكن القول إن حدود التأثير سوف تركز على بعض جوانب التجربة من الناحية العملية والخبرات الناتجة عنها، وذلك لعديد من الأسباب نذكر بعضها هنا تمثيلاً لا حصراً فيما يلى:

1- النزعة الإخوانية نحو التمركز حول الذات، وأنها الجماعة الأم، ومن ثم تتعامل ببعض من العنجهية المصرية الناعمة و«الفارغة» مع بعض الجماعات الإخوانية الفرعية أو فى محيط الجماعة.

الإنتاج الأيديولوجى / الفقهى السياسى السودانى لدى الترابى وبعض صحبه أكثر تطوراً من إنتاج الجماعة الأم الذى يتسم بالتواضع والبساطة فى المنظومة الأيديولوجية والخطابات الدعوية والافتائية والوعظية التقليدية. بينما الإنجاز التاريخى البارز للجماعة الأم هو التنظيم الصارم وميراثه وقدرتها على التعامل مع أجهزة القمع المادى والأيديولوجى لأجهزة الدولة المصرية فى المرحلة شبه الليبرالية 23 - ,1952 والمرحلة التسلطية 52 - وحتى اللحظة الراهنة. تنظيم قوى وماكينات انتخابية وشبكات اجتماعية مهمة وداعمة وعاطفة على الجماعة، وقدرات على التجنيد أعلى من غيرها من الجماعات السياسية الأخرى، باستثناء الحركة السلفية الواسعة والمرنة وضعيفة التنظيم والساعية إليه عبر بعض الأحزاب السياسية كالنور والفضيلة.. إلخ بعد الانتفاضة الثورية.

ثمة نقص فى الخبرات الكادرية السياسية والقانونية كشفت عنها الممارسة خلال الفترة الانتقالية الأولى.

ثمة قدرات اقتصادية وتمويلية وتعبوية لا تخطئها عين الباحث أو المراقب للجماعة.

يمكن للجماعة أن تتأثر فى حدود ببعض من أساليب العمل وتجربة أسلمة بعض المؤسسات من الحالة السودانية، لكن هذا إذا تم سيؤدى إلى مشاكل كبرى مع ما يطلق عليه «الدولة العميقة» فى دولة ذات تقاليد بيروقراطية عريقة، لكنها تزعزعت خلال أكثر من أربعة عقود فى ظل حكم الرئيسين الأسبق أنور السادات، والسابق حسنى مبارك.

القدرات البارزة للجماعة تتمثل فى البراجماتية السياسية فى مستوياتها الأولية التى تركز على المصالح الآنية لا الاستراتيجية وهو ما قد يؤدى إلى بعض المشكلات فى سياق وصول رئيس إخوانى منتخب إلى سدة الرئاسة مؤخراً.

تجربة اختراق وأسلمة و«أخونة» مؤسسات وأجهزة الدولة لا سيما الجيش، والشرطة، والبيروقراطية التى نجحت لاعتبارات تخص الخبرة السودانية سوف تحاول الجماعة تطبيق بعضها فى مصر، ولكنها ستواجه بعديد العوائق، ومنها الانقسامات الحادة، ومقاومة الدولة العميقة- وفق المعنى المصرى الشائع حول المصطلح لا التركى ولا الأمريكى اللاتينى- التى لا تزال لديها شبكات مصالح وبؤر قوة رئيسة فى أجهزة الدولة، ولها مؤيدوها داخل تركيبة المجتمع المصرى (بعض رجال الأعمال، وشرائح من الطبقة الوسطى العليا، والوسطى- الوسطى فى القاهرة، والأقباط ... إلخ، والمثقفين والفنانين عموماً والاستثناءات محدودة).

من هنا النموذج السودانى يتسم بفرادة تعكس خبرة النخبة الإسلامية ومدى تفاعلها مع الخرائط الدينية والقبلية والعرقية والمناطقية فى عموم السودان، بالإضافة إلى النزعة إلى تأكيد الهوية السودانية ذات الأبعاد المتعددة، ولكن حول الإسلام العربى للوسط النيلى القبلى فى مواجهة بنيات ثقافية أفريقية إسلامية ومسيحية وبعض من كريم المعتقدات كما كان يذكر فى دساتير ما بعد الاستقلال فى السودان قبل انقسامه إلى دولتين، وبروز صراعاته على تعددها واختلافاتها.

.. ونكمل الأسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.