فى إطار سلسلة "الكتاب الأول" التى يصدرها المجلس الأعلى للثقافة، صدر كتاب "طيور تأبى الرحيل" للناقد والفنان التشكيلى محمد كمال، يتناول فيه دراسات تشكيلية عن 15 كوكباً من فنانين تشكيليين من أرض مصر. وقد يتبادر إلى الذهن سؤال عن سر اختيار المؤلف هذا العنوان “طيور تأبى الرحيل”.. والإجابة يذكرها محمد كمال فى تمهيده قائلاً: “المدهش هنا أن بعض هذه النماذج من الفنانين ظلت تقطن فى قرى مصرية منذ مولدها حتى وفاتها مروراً بمشوار فنى ممتد لم ينل حظه من التناول النقدى للأسباب التى شرحناها من مركزية مصر القاسية عبر الأزمان المختلفة.” و الكواكب الخمسة عشر الذين يتناولهم الكتاب هم النحات السيد عبده سليم وبخيت فراج وبدوى سعفان وبكرى محمد بكرى ورباب نمر وسعد زغلول وشاكر المعداوى وعبد المنعم مطواع وعصمت داوستاشى وعلى دسوقى ومصطفى بط ومصطفى عبد الوهاب ومصطفى نور وممدوح الكوك ووفيق المنذر، وهؤلاء الكواكب يعيشون ويبدعون فى 7 أقاليم متنوعة البيئة الثقافية وهي: القاهرة والإسكندرية والدقهلية والغربية والمنوفية وكفر الشيخ وأسيوط. وعندما ننتقل إلى الكواكب، الذين تناولهم المؤلف بدراسته النقدية، سنجده بدأ بالفنان السيد عبده سليم الذى وصف إبداعاته النحتية بأنها “الجسد التراثى تحت الثوب الشعبي” فالسيد عبده سليم (من مواليد 1952 بقرية إبشان بكفر الشيخ) منهجه الإبداعى فى استلهام الموروث الشعبى انطلاقاً من موطن طفولته وصباه بكفر الشيخ التى تأوى مسكنه ومرسمه ومسبكه حتى الآن . وعن بخيت فراج، يشير المؤلف إلى أنه واحد من أمهر الفنانين الذين تعاملوا مع خامة الألوان المائية. وبعد ذلك يتناول بالدراسة الفنان “بدوى سعفان”، مشيراً إلى أنه ظل قابضاً على أهم الأدوات التى ميزته بين أقرانه وهى نقاوة فطرته وولعه بسياقه البيئى فى بلدته (سنبخت) إحدى قرى محافظة الدقهلية. وتحت عنوان (تسابيح الكروان فى أعمال بكرى محمد بكرى 1948- 2006.. أنشودة الروح على بساط الميلاد) يشير المؤلف إلى ارتباط اسم بكرى بالإسكندرية رغم أنه بقى محتشداً برصيده البصرى الكبير فى مسقط رأسه بقرية “ميت علوان” بكفر الشيخ متأثراً بتراثها وفنانيها . وينتقل المؤلف إلى دراسة أخرى، عن رباب نمر على الجدار الشعبي) متناولاً مراحلها الفنية مع استعراض بعض إبداعاتها التى تمثل تجربتها الفنية. ويتحدث المؤلف عن الفنان سعد زغلول (1941) والموروث الشعبى فى تصاويره تحت عنوان (بين العادات الطقسية والملاحم الطفولية) واصفاً تصاوير الفنان الأسيوطى بأنها تبدو وكأنها (سجادة شعبية نسجت من خيوط تجمع بين العادات الطقسية والملاحم الطفولية ). ويشير المؤلف إلى أن شاكر المعداوى قدم للحركة التشكيلية المصرية مشروعاً تصويرياً ثرياً بين مائى وزيتى وأفريسكي، أما عبد المنعم مطاوع فينحت تصاويره على جواد الموت- من حضن الوطن إلى نداهة السماء. ويتحدث المؤلف بعد ذلك عن الفنان السكندرى عصمت داوستاشى (1943) ليصفه بأنه أحد أبرز التشكيليين المصريين الذين جسدوا فى إبداعاتهم تلك التأثيرات البيئية متعددة الروافد لمصلحة رؤى بصرية فنية تتمسك بجذورها ولا تخاصم منجز الآخر. ثم يقول المؤلف: أعتقد أن الفنان الكبير على دسوقى هو أحد ألمع التشكيليين المصريين الذين تعاملوا مع الخزان التراثى بكل أبعاده الشكلية والضمنية منذ تخرجه فى القسم الحر بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة حتى آخر معارضه. ثم يوضح المؤلف أن المشوار الإبداعى لمصطفى بط يجسد المنحنى الصاعد الذى يستوى عند مساحة زمنية ممتدة ثم يبدأ بالهبوط صوب البئر الطفولىة مرة أخرى بعيداً عن الحسابات الذهنية لبناء المشهد. ويصف المؤلف الفنان السكندرى مصطفى عبد الوهاب بأنه أحد أبرز الفنانين الذين باشروا الاشتباك مع معطيات الطبيعة كحاضنة محرضة على ميلاد الشكل الإيحائي. ثم يشير إلى أن مصطفى مشعل أحد أبرز التشكيليين الذين شغفوا وجداً بالجسد الإنسانى وطاقته التعبيرية الهائلة.