فى قاعة هيكل.. كان لقاء الأستاذ مع كبار الصحفيين والكتاب، بحضور كوكبة من المبدعين على رأسهم السيد يسين وصلاح منتصر وبهاء طاهر وجمال الغيطانى وسناء البيسى وفاروق جويدة. فى البداية قال الأستاذ هيكل: الاحتفال بعيد ميلادى هذا العام زاد جدا عن الحد وأنا مستعد لأن أقول إن هذا له أسباب، وأول هذه الأسباب أن المهنة تقول لرجل فى آخر يوم طويل: «قدمت عملا جيدا». وأنا قبلت هذا وسعدت به. والمهنة تعلم أننى لا أقبل الأوسمة وشهادات التقدير.. لكنى أقبل اليوم وسام الأهرام ولأننى لا أرى رأيا لى فى هذا، ولكن أرجو أن تنطوى هذه الصفحة... واعتقد أن الصحف فى الأيام السابقة كانت كريمة جدا معى فى الاحتفال بعيد ميلادي. أريد أن أقول إن هذا البلد يجتاز مرحلة فى منتهى الخطورة وهو لأول مرة يواجه مشكلة »يكون أو لا يكون« لأن فى ثوابت كثيرة مما مما يعتمد عليه أظن أن كلها الآن موضوع تسأل. اليوم أنا اقترح على «الأهرام» رغم أعبائه الكبيرة وضع رؤية للمستقبل فهناك مخاطر كثيرة تواجه مصر، فالعالم يتغير رأسا على عقب وشكل ما هو قادم يتغير والاقليم يتغير... ونحن لا يبدو قادرين على الملاحقة. واقترح تكوين مجموعة من المفكرين وشخصيات قادرة على استشراف المستقبل. أنا فى ذهنى أن الأهرام يكون مجموعة عمل فكرية وهذه المجموعة من تحاول تقدم دراسات قابلة للتنفيذ... تجيب عن تساؤلات مثل: ماذا نفعل فى الإعلام والمشكلات التى تواجهنا... وكيف التعامل مع أزمة سوريا والعراق من أين نبدأ عملية التنمية؟ أتمنى أن يتمنى الأهرام فكرة صناعة رؤية لمصر على المدى القريب والبعيد.. ما ينبغى أن تفعله مصر الشهور القادمة، والسنوات القادمة. للأسف فى أولويات غائبة عن مصر؟ كيف نبدأ؟ ومن أين نبدأ. وكيف نتعامل مع مشكلة سوريا؟ كيف يمكن أن نعاود الاتصال مرة أخرى بالعراق بإيران؟ من أين نبدأ حل المشكلة الاجتماعية فى مصر؟ كيف نقوم بعمل حلول قريبة المدي، وحلول بعيدة المدي؟ تحتاج إلى رؤية لما يكمن أن تفعله مصر. وهناك شرط فى رأيى وهو تكون فقط رؤية تحليلة ولكنها تكون قابلة للتنفيذ بسرعة. وفى رأيى دور الأهرام دور تاريخى بدأ من القرن ال19 وأسهموا فيه ناس كثيرة جدا عائلة تكلا العائلة التى أسست الجريدة قامت بدور هائل... رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على الجريدة.. هناك أسماء مثل داود بركات وأنطوان الجميل، وآخرين.. هذه الجريدة لها تاريخ وحاضر هذه الجريدة يجب أن تهتم بأكثر من إصدار جريدة يومية هى لابد أن تهتم بالشأن العام أكثر. ليس فقط بتغطية الحاضر وإنما استشراف المستقبل. أنا أقول اليوم للأهرام: إن الأهرام يستطيع أن يكمل رسالته بتقديم رؤية. وأرى أنه فى مدة ثلاثة أشهر لو اجتمع عدد من الباحثين والمفكرين لتقديم رؤية لمصر، وفى هذا الوقت سيكون لدينا برلمان جديد. هنا على «الأهرام» أن يطرح رؤية للمدى القريب فى خطوات محدودة على صفحاتها أو خارج صفحاتها، وعليها وبكل ما تستطيع أن تستعين بالمتخصصين وهى قادرة على أن تقدم رؤية فى هذا المجال. نقاش مع النجار وبعد نقاش بين السيد أحمد النجار رئيس مجلس الإدارة والأستاذ هيكل.. لم يوافق الأستاذ هيكل على ترؤس هذه المجموعة وطلب أن تكون هناك عيون جديدة وأصابع لم تحترق بالتجارب السابقة، وأن يكون لها دور. وأضاف هيكل، قد استطيع مجاراة الأزمنة الجديدة ولكننا نحتاج الى شخصيات جديدة. وأنهى هيكل النقاش بكلمة «كلما طالت تجربة الانسان طالت تحيزاته». وأكد السيد أحمد النجار سيبدأ التشكيل فورا ومن الآن. وردا على هذا، قال الكاتب صلاح منتصر: هذه ليست دعوة أهرامية، ولا دعوة مهنية، انما دعوة وطنية لا تقتصر على أبناء المهنة أو أبناء الأهرام، وأعتقد أن الجميع فى حيرة، كيف نبدأ؟ نحن نحتاج الى استكمال فكرى وربط الأفكار بعضها البعض والى خروج خلاق، وأعتقد أن الأمر ممكن والأهرام قادر. ويلتقط مرة أخرى الكاتب الكبير صلاح منتصر خيط الحوارر متسائلا: عن رؤية جديدة للصحافة والإعلام والانترنت والكمبيوتر الآن اللذين يربطا الصحفى بالعالم.. ونحن فى عصر الاتصالات هناك تخوفات من أن الصحافة الورقية لن تعيش طويلا، ويبدو أن هناك صحفا كبيرة بدأت تتراجع و«تذبل».. وانتقلت من الصحافة الورقية الى الالكترونية. فى رأيك، ما شكل الصحافة والإعلام فى هذا العصر الجديد.. قديما لم يهدد التليفزيون عرش الصحافة، لكن الآن الصحافة الورقية مهددة. الاستاذ هيكل: فى الفرق بين قضايا المهنة ومستقبل الصحافة الورقية.. ما يهمنى الآن هو أداء الإعلام فى هذه اللحظة. وأنا أعتقد أن الصحافة الورقية مازال أمامها عمر طويل، إذا عرفت أن الظروف تتغير وأن أمامها تحديا تكنولوجيا مختلفا. المشكلة فى الصحافة الورقية أنها ظلت تؤدى وظيفتها كأن لم يحدث تغيير فى العالم وهذا خطأ.. وظيفة الصحافة الورقية الآن هو أن تذهب الى حيث لا تستطيع الكاميرا أن تذهب ولا الميكروفون فهى الوسيلة الوحيدة لكى تصل الى العمق. طبيعة العصر أعطت دورا آخر بسبب منافسة الوسائل التكنولوجية، إذا وصلت الصحافة الورقية الى عمق الحدث والفكرة والموضوع بحيث لا تستطيع الكاميرا أن تدخل هناك، بينما تستطيع الصحافة الورقية النجاح ومثال على ذلك ما تقوم به جريدة «التايمز». وأعتقد أن الإعلام المصرى الآن لا يمثل قوة ناعمة، حيث يحتاج الى الاتفاق على قواعد جديدة لعمله. والآن مثلا منشور حادثة أن باسم يوسف مقدم ضده بلاغ للنائب العام.. بسبب موقف ما.. أنا أرى أن هذا خبر غريب.. لابد من الحفاظ على القواعد الاخلاقية للمهنة. لابد أن يكون للمهنة رؤية واضحة. ويقول أحمد سيد النجار: إن هذه المجموعة الفكرية ستضم أفضل عقول هذه الأمة السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية. وقد وعد الأستاذ هيكل بارسال رؤية لعمل هذه المجموعة. رؤية إستراتيجية ويقول المفكر السيد يسين: إن الفكرة التى طرحها الأستاذ هيكل من أهم الأفكار التى طرحت اليوم الرؤية الاستراتيجية لأى بلد أمر مهم، وأمريكا لديها رؤية «20/30» وكذلك إسرائيل وماليزيا... ونحن فى مصر ليس لدينا رؤية وهذا سر تخبط صنع القرار فى مصر. النقطة الثانية: الأهرام لديه تقليد منذ زمن وهو الاستعانة بخبراء على المستوى القومى وخبرة مركز الأهرام الاستراتيجية والسياسية وهذه مسألة سياسية. النقطة الثالثة هناك مشاريع مستقبلية لابد من فحصها خطة مصر (20/30) أجراها مركز الدراسات المستقبلية لمركز الوزراء وأشرف عليها الدكتور أحمد منصور أستاذ العلوم السياسية لابد من قراءة هذه الرؤية وتجديدها. ويضيف الكاتب سيد يسين أن هناك أجيالا جديدة من الباحثين الشباب على أعلى مستوى وموهوبين لابد من الاستعانة بهم. ومن هنا يمكن القول: إنه لابد من أن تشترك أجيال الشباب بنظرة «طازجة» للأمن وفى رأيى أن الأهرام قادر على انجاز هذه الفكرة العظيمة. هيكل: نحن أمام قضية كبرى كنت أتصور أن الإعلام فى هذه اللحظة لابد أن يكون نقطة جامعة ومحركة للأمام... لكن أنا اعتقد أنه لم يحدث أن الإعلام فى التاريخ المصرى كله لم يمر بما هو فيه الآن. واعتقد أن أمر مؤسف أن نرى كل شىء ممزقا فى هذا البلد. أتمنى أن تكون لدى مصر رؤية شاملة لأهمية مصر ولمكانها فى الإقليم رؤية قابلة أن تتحول فورا إلى خطوات نحن أمام مشكلات لا حصر لها، الإقليم كله يتغير .. سوريا تضيع... أمامنا إرهاب داعش. وفى النهاية يقول الأستاذ هيكل: أنا سعيد جدا أن أعود إلى هذا المكان بعد أربعين سنة.. هذا المكان الذى شهد شبابى كله وولائى له. وباستمرار أنا أقول الأهرام «بيتى» والعاملون به هم أهلى. كم سعدت بأننى دخلت مرة أخرى صالة التحرير وأنا اعتبر أن التكنولوجيا مهمة جدا لهذه المهنة لكن يبقى الإنسان هو الأهم، لأننا إذا ألغينا قيمة الإنسان فلن يبقى شىء.