تسوية اللحم عن طريق الشواء أو "الباربكيو".. واستمتاع أفراد الأسرة بتناوله فى الهواء الطلق ليس بدعة أطلقها الغرب أو مارستها الأسر الغربية بهدف الانطلاق والتحرر من قيود وجدران البيوت فى العطلات والأعياد والمناسبات ولكنها عادة قديمة عرفها العرب منذ آلاف السنين وقبل الفتح الإسلامى، وكان العرب مولعين بالسفر والترحال والتخييم فى والصحراء والبرارى وفوق الجبال، وكانوا يقوموا بصيد الحيوانات -الغزلان والأبقار والأنعام بل والأرانب البرية والصقور- ويقومون بشيها فى الخلاء وكانت الرياح الشديدة تساعد على تسويته. فكان العشاء على ضوء القمر ونيران اللهب حيث يحلو السمر والنوم على الرمال الناعمة، وبعد العودة كان للأسرة نصيب مما يحملونه من غنائم تلك الرحلات الكثيرة. ولأن العرب كانوا معروفين بالكرم وحسن الضيافة فدائما ماكانت موائدهم ممدودة ومن فوقها صوانى اللحوم المشوية الفاخرة، وكانوا بعد تناولها يقومون بتناول التمر ويشربون حليب النوق والماعز، ليأتى دور القهوة وهى الأهم بعد تناول لحم القطيع المشوى الشهى، ومن المعروف أن الشى على سعف النخيل أو الفحم كان مهمة الرجال بينما كانت النساء تأكلن على الجاهز وقد يقمن بتقديم أطباق المشويات للضيوف المقربين والأقرباء من النساء. الشوى .. تحت الرمال ومن أشهى طرق الشى المعروفة عند العرب الشى تحت الرمال وخاصة فى المناطق الصحراوية التى تكثر فيها الكثبان الرملية الذهبية، حيث كانت أفراد الأسر تقوم باشعال النيران بجمرات النار فى المكان الذى تكثر به رمال صافية، لتضع به اللحم المتبل المغطى فى ورق مقاوم للحرارة أو صحن مغلق وتدفنه فى الرمال الساخنة حتى تصبح درجة حرارتها عالية جدا مدة ساعة على الأكثر حتى يتم نضجه، فتقوم باطفاء النار وتتناوله أفراد الأسرة شهيا، ومن أقدم الطرق التى تتبعها كثير من الأسر العربية ومازالت تتبعها حتى الآن لاعتقاهم أنها تكسب اللحم مذاقا خاصا ومختلفا عن الشواء بالطرق العصرية هى الشواء على حطب الصحراء – ومازالت أسرنا فى الريف تتبعه كطريقة معروفة للشواء لتوافر الحطب فوق الأسطح - خاصا عندما تقوم القرويات بتتبيله بالفلفل والزنجبيل والزعفران والقرفة، وقد مكنتهن خبرتهن الطويلة فى شى اللحوم عبر السنين من اكتشاف طرق جديدة فى الشى خاصة فى الأعياد، أهمها مايعرف ب"الشواء على الكانون" والكانون هو عبارة عن أحجار يتم ترتيبها يشكل متقارب يوضع من تحته الحطب أو سعف النخيل أو الفحم لتوقد النار المندفعة من أسفله ليتم تسوية شرائح اللحم الشهية من فوقه، ولايحلو تناول اللحم على الكانون إلا وهناك وعد من النساء بعمل الشاى "المنعنع" والذى يتناول أكوابه الساخنة الصغار قبل الكبار، وبالطبع ليس هناك أكل لحم بدون لهو الصغار وضحكات النساء والرجال ويكتمل بوجود كبار العائلات فى جلسات من التصالح والتسامح الجميل.. فيوم النحر والذبح والشوى فى القرى هو يوم من الأيام الأربعة ليوم العيد الكبير. طلبا للخير ومازال شواء اللحم بالطرق القديمة يمارس بوضوح خلال أيام عيد الأضحى المبارك منذ صدر الإسلام ومابعده، وإلى الآن تبادرالأسر الميسورة إلى نحر أضحية العيد اقتداء بسنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وتفريق اللحم الطازج على الفقراء وتحضير الأطباق داخل البيوت ومازالت العديد من العائلات تفضل الخروج إلى المتنزهات لشواء اللحم بالطريقة العصرية التى تعودوا عليها من شى – على شوايات كهربائية أو بالغاز أو على الفحم - فى جو من البهجة التى تعبر عن الفرحة، حيث تعم أصوات التكبير "عبر المآذن" ويعم الخير وتكثر الصدقات بقدوم هذه المناسبة الدينية السعيدة، ومازالت إلى يومنا هذا يحتفظ المسلمون فى أنحاء الأمة العربية باستقبال الأضحية عند أبواب المنازل وقد يقومون قبل نحرها ببعض العادات القديمة - بعد إروائها بالماء - مثل سكب قليل من الماء على رجليها الأماميتين أو وضع الحناء على رأسها أوعمل خمسه وخميسه من دمها بالكفوف على الأبواب وغيرها، طلبا للخير والبركة حسب المعتقدات الشعبية السائدة.. فالعرب هم دائما المعلمون والقادة والقدوة الحسنة.