أتعجب بشدة من تراجع قراءة وخطاب البعض بيننا في مصر هذه الأيام, هؤلاء الذين مازالوا يرضون ويروجون للفشل وإعادة إنتاج المنتج عبر تكرار نفس تجربة ومأساة اختيار شخص عصام شرف رئيسا للحكومة السابقة عندما رفعوه علي الأعناق في ميدان التحرير, فاختاروا شخصا غير مؤهل بالمرة في ظرف استثنائي, فكانت النتيجة خرابا وضياعا للوطن عشرة شهور. ويبدو أن الفريق نفسه ومن لف لفهم مازالوا يفكرون بنفس المنهج والطريقة, لم يجربوا إعمال العقل مرة واحدة أو يتبصروا متغيرات الواقع الجديد في مصر وتجارب الاختيار الخطأ, ومناسبة هذه المقاربة هي الرسائل وبالونات الاختبار وجس النبض التي يلقي بها فريق ما بيننا بين الحين والآخر عندما يطرحون علينا بإصرار وفي كل مرة عبر عناوين عريضة في الصحف الخاصة بهم باختيار شخص نبيل العربي رئيسا توافقيا لمصر, إنه حقا أمر مثير للدهشة والإحباط, حتي خيل لي أن هذا الأمر لم يعد مصادفة بل وراءه جماعة وأصابع وأدوات تحركه وتسعي لتوفير أرضية وقبول لهذا الرجل, وبالتالي يريدون تمريره بشتي الطرق وإقناع الغالبية من المصريين بما لا يقنع أو يقبل. ألم ينظر أو يفكر الذين يروجون للعربي ماذا حقق وفعل الرجل علي مدي عام سواء في الخارجية أو الجامعة العربية؟ لا شيء أبرز انتصاراته التي يجب أن يتواري عنها أنه سلم الجامعة العربية لقطر والخليجيين, وصار يسير في ركب حمد بن جاسم, وجعل الخليجيين عن جدارة يخطفون الجامعة العربية من مصر, فيعدون جدول أعمال الاجتماعات ويفرضون القضايا ويحددون القرارات ومضمون البيانات الختامية ووزير خارجيتنا الحالي ودبلوماسيتنا في مقر الخارجية وأمانة الجامعة أصبحت صدي صوت لهم, لا شأن لهم بما يحدث من تآكل وتراجع لهذا الدور المصري وهذا التوحش والتغول الخليجي, أي لم يعد لنا في العير أو النفير. وأمام هذه الصورة المأساوية لتراجع الدور وتآكل المكانة بسبب هذا الفشل صرت واحدا من عدة ملايين من المصريين غيري باتوا يتحسرون علي عدم اختيار مصطفي الفقي لهذا المنصب الذي كان بكل تأكيد سيرفض هذا الانبطاح المصري لقطر وغيرها, ولن يقبل بتسليم الإرادة والقرار في الجامعة لهذا أو ذاك. علينا أن نتخيل ماذا سيحدث لو نجحت أحلام وأماني بعض هؤلاء الذين لا تهمهم مصالح مصر أو مكانة ونهضة هذا الوطن, ويريدون أن نستمر في هذا الوحل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. ماذا سيكون حال مصر مع العربي؟ ثم ما هو المجد السياسي الذي صنعه العربي طيلة عمره المديد هذا لمصر حتي الآن مقارنة بشخص مثل عمرو موسي, أجد أن الرجل مازال قياسا بالعربي وغيره من المرشحين المحتملين علي الساحة الآن هو الأفضل والأكثر خبرة وكفاءة ودنياميكية وتفاعلا مع تفاصيل وتجليات المعادلة السياسية في الإقليم ناهيك عن علاقته مع قادة المجتمع الدولي الذين يستطيعون أن يساعدونا في الخروج من هذا النفق. فمصر لم تعد جمعية خيرية, نتخلص بشق الأنفس من مبارك الملعون ووريثه ثم نأتي برئيس كارثة كل دوره وحلمه اليومي السير في ركاب القطريين والخليجيين, فلكل زمان رئيس وأسئلة صعبة, وهذا هو زمن الرئيس المنقذ الذي يستطيع إخراج هذا الوطن من تحت الركام والحضيض30 عاما, ولذا بات علي كل رئيس قادم وقادر علي هذه المهمة أن يتذكر دوما قول جاك شيراك عندما اختاروه في اليوم الأول لهذا المنصب أن الرئاسة لقاء الرجل مع قدره. المزيد من أعمدة أشرف العشري