الهجوم على الوزير أحمد أبوالغيط، فى هذا التوقيت بالذات، من جانب أصوات عديدة بيننا، قد يكون له أسبابه التى لا أريد الآن أن أخوض فيها وإلا أصبحنا مثل الذين تجاهلوا الحرب على غزة وبدأوا حرباً إعلامية على مصر، ولذلك فإن تقديرى أن وزير خارجيتنا، سواء كان هو أبوالغيط، أو غيره يظل فى حاجة إلى عون من مختلف الأصوات فى بلده، وهو يقوده حرباً على أكثر من جبهة، بدلاً من يكتشف أن عليه ليس فقط أن يرد على المتطاولين علينا، من خارج الحدود، وإنما عليه أن يقضى جزءاً لا بأس به من وقته، فى تفنيد أشياء متعلقة به، وبأدائه، ليس هذا وقتها لأنها لا علاقة لها بما يجب علينا أن نواجهه فعلاً! وربما تكون مشكلة الذين ينتقدون الوزير أبوالغيط، وهذا حقهم طبعاً، أنهم يقارنون طول الوقت بينه من جانب، وبين عمرو موسى، كوزير سابق للخارجية من جانب آخر وبمعنى أدق بين أداء هذا، وأداء ذاك، فى حين أن عمرو موسى شىء وأبوالغيط شىء آخر تماماً بحكم طبائع الأمور والبشر، وليس مطلوباً من أيهما، أن يقلد الآخر، فى أدائه، وفى عمله، وفى طريقته وإلا.. فإن الحل سهل جداً، وهو أن يعدو عمرو موسى، وهو يعلم تقديرى له واحترامى، ليصبح وزيراً لخارجيتنا من جديد، لنرى عندئذ، ما إذا كانت المشكلة سوف تجد حلاً، أم لا؟! وزير الخارجية، فى مصر، بشكل خاص، وفى أى دولة بالعالم، بشكل عام، لا يصنع سياسة بلده الخارجية، ولا يضعها ولكنه يشارك فى صناعتها، مع ألف طرف آخر، وقد ينصح وزير الخارجية، وقد يقدم المشورة هنا، أو هناك عند صناعة هذه السياسة، ولكنه فى النهاية يظل ملتزماً بالتعبير عن سياسة بلد سبقته إلى منصبه، وسوف تبقى فى الغالب من بعده! وقد تابعت، مع غيرى، كل ما صدر عن الوزير، منذ بدء الحرب الحالية فى غزة، وحتى هذه اللحظة ولم يكن واضحاً فى أى يوم، ولا فى أى تطور من تطورات الحرب الجبانة، على أهل غزة، أن الرجل قد قصر فى التعبير، على أقوى ما يكون عن موقف مصر، تجاه أراذل الناس، الذين يتطاولون علينا، من كل ناحية وتجاه جبناء تل أبيب، من ناحية أخرى بل على العكس.. لم يرد أحد، على تطاول حسن نصرالله، على مصر كما رد أبوالغيط، عندما قال له على مسمع من الدنيا، إنه أى نصرالله لا يعى ولا يعلم من أمره شيئاً، وأن على قائد حزب الله فى جنوب لبنان، إذا كان راغباً فى الاحتفاظ ببعض ما حققه من تعاطف بيننا، فى أثناء حرب صيف 2006 ضد إسرائيل، أن يلتزم حدود الأدب، إذا جاء ليتحدث عن مصر، وأن يكون مدركاً تماماً لحجم ومكانة، ودور هذا البلد الذى يتحدث عنه من مخبئه فى الجنوب اللبنانى! أبوالغيط يقاتل فى وزارته، كما يقاتل أى جندى على كفاءة عالية، فى أى معركة، وإذا كان هناك من توقف أمامه، وهو يتكلم مع الأستاذة لميس الحديدى، فى برنامجها على القناة الأولى، مساء الاثنين الماضى، وفى برامج أخرى كثيرة، فسوف يلاحظ أنه، أى الوزير، كان يعرف جيداً، ماذا عليه أن يقول، ومتى يكون عليه أن يقول ما يقوله، بعبارة واضحة، لا تحتمل أى لبس، أو غموض، وبمنطق متماسك، ومن خلال لغة تخاطب عقل أى مشاهد قبل أن تتلاعب بعواطفه، وغرائزه! مرة ثانية، وعاشرة... أبوالغيط ليس عمرو موسى، وإذا كنا نريد تقييماً موضوعياً لأداء هذا الوزير، فى مواجهة الخسة الإسرائيلية وابتزاز بعض يالعرب، وغوغائيتهم فيجب أن ننحى جانباً صورة أمين عام الجامعة العربية، حين كان وزيراً للخارجية! وإذا كان مطلوباً من أبوالغيط، أن يلعب بأعصاب الناس.. فما أسهل هذا الحل عليه، وعلى الناس معاً، وليس من الأمانة، أن يؤخذ وزير الخارجية، بتقصير آخرين!