غير أن العلاقات شهدت انفراجة مؤخرا في عدد من القضايا.. فالخلاف مع الاشقاء في قطر ليس خلافا استراتيجيا أو اقليميا لكنه منحصر في رؤية كلا البلدين لطرق الحل.. فبينما كانت الدبلوماسية المصرية تحاول أن تجمع جهدا دوليا وعربيا لتحقيق انفراجة في هذه القضايا. سعت قوي اقليمية إلي عرقلة هذه الجهود في محاولة لربط حل القضايا العربية ببعض القضايا الأخري وانعكس هذا التداخل علي العمل العربي المشترك كله بوجه عام. إلا أن الدوحة والحق يقال لم تستغل الخلاف السياسي للتأثير علي العمالة المصرية الكثيفة في قطر. وهو ما يعكس وعيا للتفرقة بين الخلافات السياسية والعلاقات بين الشعبين.. لم تتوقف الدوحة عن طلب عمالة من مصر حتي في أصعب فترات الخلاف. لكن مؤخرا جرت مياه كثيرة تحت الجسور وبلغت ذروتها في لقاء القمة الخماسي الذي عقد في ليبيا في الصيف الماضي للتحضير للقمة العربية التي عقدت بسرت في أكتوبر الماضي.. في اجتماع يوليو لاحظ المراقبون أن هناك انسجاما بين القيادتين المصرية والقطرية. وانعكس ذلك في حرص الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر علي أن يناقش رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر صياغة المواد المختلفة في مشروع اعادة هيكلة الجامعة العربية مع الرئيس مبارك.. هذا التشاور وهذه الصياغات التي عكست وجهة نظر مصر ورؤيتها هي التي جعلت مشروع اعادة هيكلة الجامعة العربية يحتفظ بالتدرج خلال 5 أعوام ولا يتم التعجيل به بحيث يخرج في النهاية بمسمي جديد وكأن الهدف من التعديلات هو تغيير الأسماء وليس الآليات. في كل بند أو صيغة أو تفاصيل كان وزير الخارجية القطري يناقشها مع الرئيس مبارك قبل العودة لأمير قطر الذي يومئ للرئيس مستحسنا ما أبداه.. وفي قمة سرت العربية الشهر الماضي قطع البلدان شوطا طويلا في تقريب وجهات نظريهما إزاء قضايا متعددة وأعربت مصر عن تأييدها لقطر في حدثين عالميين تعول عليهما بشدة. الأول: هو مساندة وتأييد مصر لقطر في عقد الاجتماع العالمي للدول المصدرة للغاز في الدوحة في شهر ديسمبر المقبل.. فرئاسة قطر لهذا المؤتمر الذي يتم اختيار الدولة المضيفة بعملية تصويت سيضفي عليها مكانة متميرة في اقتصاديات الغاز ويكون لها مرجعية في تحديد اسعاره في البورصات العالمية. الثاني: هو مساندة مصر لقطر في مسعاها لتنظيم كأس العالم 2022 لكرة القدم.. المعروف أن القاهرة وقطر والجزائر اعضاء في الفيفا لهذه الدورة. ورغم الطلبات المتعددة التي تلقتها مصر كي تصوت مع هذه الدولة أو تلك. لكن القاهرة اعتذرت للجميع مؤكدة أنها تحترم تعهدها لقطر ولن تخذلها. من أجل هذا كله ولكثير غيره يزور الرئيس مبارك الدوحة في جولته الخليجية ويبحث مع أميرها القضايا العربية برؤية مشتركة لا تتقاطع فيها مصالح اقليمية أو احلاف أو محاولة تفتيت دول عربية في إطار صفقات خارجية. حسني مبارك صمام الأمان لهذه الأمة العربية وهو ينظر إلي أمن الخليج باعتباره البوابة الأولي للأمن القومي المصري.. وسيدرك الجميع أن نصائحه وحكمته واستشرافه المستقبل وحدسه السياسي وخبرته مسخرة لخدمة الاشقاء العرب بدون استغلال لملفات أو رهنها لحل قضايا أخري.