اختتمت فى ويلز مؤخرا قمة دول حلف شمال الاطلسى بالتأكيد على ضرورة تشكيل تحالف دولى لمواجهة التنظيمات الإهابية وعلى رأسها ما يعرف باسم تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش). واقع الأمر أن هذه الخطوة قد تأخرت لعدة سنوات دأبت خلالها القوى الغربية مثل الولاياتالمتحدة أو الإتحاد الأوروبى على توجيه اللوم لدول منطقة الشرق الأوسط بشأن هذه التنظيمات معللين سبب وجود هذه الجماعات بغياب الديمقراطية، وكأن هذه الظاهرة هى ظاهرة تخص منطقة الشرق الأوسط على سبيل الحصر وكأن باقى دول العالم منها فى أمان الآن وبعد مرور هذه السنوات وبعد أن أثبتت الأيام والتجارب خطأ هذه النظرة القاصرة وأن ظاهرة الإرهاب أو فكرة الإرهاب بمعنى أدق هى فكرة لا ترتبط بدولة أو منطقة أو دين أو ثقافة وإنما ترتبط بمجموعة من المصالح التى تخص بعض القوى الإقليمية والتى تستخدم تلك التنظيمات أو توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، ولعل القرارات التى صدرت عن قمة الناتو المشار إليها إنما تؤكد أن الغرب بات يدرك حجم التهديد الذى تمثله هذه التظيمات، وأن الإستمرار فى غض الطرف عن جرائم سيمثل تهديدا مباشرا لمصالح هذه الدول فى المستقبل، وهو ما يمكن تطبيقه بالنظر إلى ما يحدث فى كل من ليبيا والعراق والدور الذى تلعبه بعض الدول مثل قطر وتركيا للإنزلاق بهذه البلاد نحو حالة من الفوضى لخدمة مخططاتها وأغراضها. هذه الحقيقة أدركتها مصر منذ ثمانينات القرن الماضي، وتحديدا فى عام 1986 حينما دعت فى عام 1986 إلى عقد مؤتمر دولى تحت رعاية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب وإعادة النظر فى جميع الاتفاقيات الدولية المعينة بمكافحة الإرهاب الدولى وذلك بهدف عقد اتفاقية شاملة ورادعة تعالج كافة الجوانب المتصلة بالإرهاب المعنية بمكافحة الإرهاب الدولى وذلك بهدف عقد اتفاقية شاملة ورادعة تعالج كافة الجوانب المتصلة بالإرهاب والتعاون المطلوب بين الدول للتصدى به وردعه، ويدخل فى هذا تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة عن المخططات الإرهابية والأفراد والجماعات المتورطة فيها وتدريب وحدات خاصة على مواجهة الإرهاب والإرهابيين وتوفير الوسائل التى تستخدم فى تلك المواجهة والتعاون للقبض على الإرهابيين والتحقيق معهم ومحاكمتهم . هذا الخط السياسى الذى تنتهجه مصر منذ سنوات والذى يطالب بضرورة الإسراع بمعالجة جذور الإرهاب وإزالة أسبابه الكامنة خاصة السياسية والإقتصادية والأمنية، من خلال القضاء على بؤر التوتر وعلى ازدواجية المعايير فى تطبيق الشرعية الدولية وإنهاء الإحتلال الأجنبى والاعتراف بحق الشعوب فى تقرير مصيرها والتأكيد على استمرار فشل المجتمع الدولى فى التعامل مع القضايا الشائكة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وغيرها من حالات الظلم والاحتلال والعنصرية مما يوفر الذريعة والأرض الخصبة لأصحاب الفكر المتطرف لنشر أفكارهم والهدامة والترويج لها، أقول إن هذا الخط السياسى أثبتت الأيام سلامته وصوابه وأن مصر حينما تدعو لمحاربة الإرهاب لم تكن تبحث عن معالجة مشكلة فردية وإنما هو تحرك مبعثه اليقين بأن هذه الظاهرة سوف تتفاقم وتزداد خطورتها بمرور الوقت بما يستدعى أهمية هذا التحرك الدولى الجماعى بشكل عاجل. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار