قلبه يمامة عجوز , هديلها مازال أخضر. مرعلى ديوانه الأول «حزن العنب» (1982) اكثر من ثلاثين صيفا ومازال طعمه المُز الحلو فى نضارته الأولى مضافا إليها مواسم الحصاد الثلاثين, وها نحن فى ديوانه السادس نرى عيون نفس الطفل فى وجه ربما تأثر بصرامة الزمن, لكنه مازال يحكى حكاية طفل بريء فى مواجهة حياة ليست بالبريئة. حياة تقسو على الأبرياء وتحنو على الشرسين. فى الديوان السادس «جنب البيت» عن سلسلة «حروف», الهيئة العامة لقصور الثقافة, يوالى رجب الصاوى الاحتماء بعالمه الخاص: حى الوراق بنيله وجوه الريفى الذى كان واندثر, الأم وبيت الأسرة القديم, سطح البيت, الحمام والطير الداجن والأم تطعمه, الأم تطعمهم وتغنى لهم وتحكى لهم الحواديت . البيت وجنب البيت..الدفء والالفة الممزوج بشجن الفقد: لأن هذا العالم, هذا العش, لم يعد موجودا...إلا فى خيال الشاعر, فى وجدان الطفل الذى مازال,لكن ما كان حوله زال للأسف. هذا هو لب الصراع: حضور الغياب, الذى لم يغب يوما عن الذاكرة, من أجل تغييب حضور قبيح, شوارع الغربة الإسفلتية التى تأكل روح الشاعر, الخضرة التى أكلها الرمل والإسمنت والزلط , وراق الطفولة ووراق الكهولة, والطفل مصدوم العينين الذى مازال يأتى بالدرر. نترككم مع بعض قصائد الديوان. يمام عجوز جوايا راجل عجوز خايف من الأيام بيدور على كل الشجر وبيبتسم لليمام لما العجوز بيغيب.. تلقى اليمام طاير واما اليمام بيغيب.. تلقى العجوز يناديه الاتنين بيشكوا لبعض وبيحكوا لبعض.. هما بعيد فى السما هوه بعيد فى الأرض لكنهم عايشين حبايب دلوقتى غاب اليمام حتى العجوز اللى جوايا.. من سنين.. غايب.
الوقت الوقت.. نفس الوقت.. وانا حاعمل ايه دلوقت أنا اللى ياما اشتقت واتشوقت.. والريح خدتنى للقمر ورجعتنى لتحت لبيوت فقيرة.. مافيهاش خبيز وخميرة وقالت لى يا عاشق.. لسه الطريق مرصوف مستنى خطواتك إنت اللى ياما بدأت واتبعزقت.. ورحلتك طالت ودمعتك سالت وبقيت غريب فى عالم الأحياء قاعد بتصرخ فى الفضا وتنوح وتقول يا خلق الله.. ده انا مجروح وكل ما يعدى الزمن.. باحس إنى اتسرقت وحاتعمل ايه دلوقت والوقت.. نفس الوقت.
الألم أنا بردان.. والبرد بياكل فيا والألم اللى اتعودت عليه مابقاش بيجيني لكن بيدور حواليا طول الليل بيدور حواليا وبيدخل وبيخرج من قلبى القلقان وبيجرى برجله المكسوره وبيبنى بيوت مليانه بأحزان الألم اللى اتعودت عليه خواف.. وجبان مابقاش بيجيني.. لكنه بيصرخ قدام عيني ويقول لى ان مت.. حاتموت انت كمان. فردوس كان قلبها دايما مسامح ووشها أبيض.. زى العصافير فى الفجر وخفيفه زى النسيم بتبص للدنيا بقلق وتبص لولادها بحنان مع النهار تطلع على التكعيبه تقطف لنا العناقيد وبإيدها تسقى الورد والطير المهاجر.. وف ساعة الضهريه.. تبدأ تجهز فى الغدا وتلمنا.. وتقول لنا.. خليكوا حواليا ولما ييجى الليل.. فى قرب العشا تدخل تنام.. والقاها كمشانه ف مكانها وكإنها عصفوره أو حلم م الأحلام عدى علينا الزمن.. وخد معاه النور اللى فى عنيها ولما عدى كمان.. ما باقيتشى داريه باللى حواليها ولا قادرة تطلع ع السطوح ولا قادرة تسقى الورد.