أعوام وراء أخرى حاملة معها حزنا تراجيديا معتقا على بعض من رموز حياتنا العامة، فى الفكر والبحث والإبداع، والحركة السياسية، عملوا بهمة وكفاءة وفعالية وراء ما آمنوا به من أفكار ومعتقدات، وما شغفوا به من رؤى وأحلام ومنامات، وتخييلات إبداعية وسردية وموسيقية، وما انشغلوا به من إبداعات فى عديد من المجالات التى أشاعوا من خلالها تجليات الموهبة فى السرد والتصوير والموسيقى والسينما والمسرح وفى كل الأجناس والفنون، والأفكار. ينكسر القلب مراراً مع سفر كل منهم وحيداً إلى الأبدية ومساراتها الغسقية، ويتراكم الحزن العميق طبقات فوق أخرى، لكنهم يظلون أحياء معناً، ويشاركوننا فى إبداع الحياة، والسعى الدءوب لتغييرها الدائم إلى الأفضل. هكذا كان أنس مصطفى كامل، ومحمد السيد سعيد، وأحمد عبد الله رزة وآخرون. من أنبل هذه المجموعة المبدعة، بحياته، وكفاحه الخصب، أحمد سيف الإسلام حمد، الإسم العلم فى جيله، وفى الأجيال التالية، السياسى ورجل القانون والمحامى الكفء، والإنسان النبيل الدمثُ الخلق، والرقيق السلوك، والطيب الذكى، الذى أعطى حياته كلها من أجل خدمة الضعفاء، ومصالحهم ورغبته العارمة فى أن تتحقق إنسانيتهم فى العمل البناء، والممارسة السياسية، وأن يحصلوا على حقوقهم وحرياتهم العامة والفردية. كان ولا يزال وسيظل علامة نبيلة على التطابق النسبى بين المثال والسلوك، بين الفكرة العدالية والحقوقية وممارساتها. مثالياً بامتياز ونموذجاً حياً للمناضل المخلص بين تكامل الفكرة والعمل، وفى السياسة وعندما دخل السجن، وعندما درس السياسة، والحقوق، وعمل بالمحاماة من أجل الدفاع عن حقوق الناس، وعلى رأسهم الفقراء. دمثُ الخلق، ورفيع السلوك، وأخلاقه المدنية السوية بلا التواء، دفع ثمن إيمانه بالفكرة الماركسية راضياً مرضياً بلا شكوى، ولا ألم، ولا مطالب. كان إنسانا حراً لأنه لم يطلب من أحد شيئاً، بل لم يطلب من الحياة شيئاً. أيقونة من أيقونات جيله، ومعه زوجه مناضلة كريمة، وأستاذة فاضلة وجاء أبناؤه على سويتهما مناضلين ومشاركين بفعالية فى العملية الثورية فى 25 يناير 2011 وما بعد.. لم يورثهم سوى تاريخ من الراديكالية الإنسانية والكفاح المستمر من أجل تغيير الحياة، وأخلاق فاضلة، وعدم المساومة على حقوق الناس. دخل الابن سيف، والابنة سناء أحمد سيف الإسلام حمد إلى السجن كنتاج لموقف رافض لقانون التظاهر، ودفع كلاهما ثمن موقفه السياسى فى فترة مضطربة وحرجه فى حياتنا. من هنا نطالب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى بالإفراج عنهما، وعن زملائهما، وإعادة النظر فى قانون التظاهر السلمى، وفتح باب بل أبواب للحوار الجاد والحر مع الأجيال الجديدة. طبت حياً يا أحمد فلا تزال بيننا مقيما تملأ حياة الناس بالأمل، ومشعلاً لجذوة السعى نحو الأفضل، وسيفاً مصلطا على الفساد والفاسدين والقمع والقامعين، مع السلامة أيها الفارس النبيل.