لم تكن منطقة وسط البلد على موعد فقط لاستعادة رونقها وبريقها بعد فترة طويلة من الفوضى وسيطرة الباعة الجائلين عليها، بل كان العنوان الرئيسى لإنهاء هذه الحالة المزرية هو «استعادة هيبة الدولة». فمنذ ثورة يناير ومعظم مناطق القاهرة وبقية المحافظات أصبحت ضحية للفوضى بعد أن سيطر عليها الباعة الجائلون ليضيع الشكل الحضاري، بدلا من أن تكون منطقة جذب سياحى وممشى للعائلات والأسر كما كانت فى الماضى القريب. فقد تمادى الباعة الجائلون فى الإساءة الى الشوارع والأرصفة التى احتلوها، فكانت مرتعا للأوبئة والقمامة، ولم يلقوا بالا للنظافة، وتعالت أصواتهم وهتافاتهم ومشاجراتهم، سواء فيما بينهم أو بين زبائنهم، ولم يراعوا تاريخ المكان الذى كان عنوانا للرقى والتحضر فى أوقات مضت. كما أن الباعة الجائلين الذين هددوا بالعودة مرة أخرى إلى هذه الأماكن رغم أنها ليست ملكا لأحد سوى الدولة، تعدوا دون وجه حق على أصحاب المحال فى شوارع وسط البلد وهم أصحاب الحق، لأنهم هم الذين يسددون الضرائب المستحقة وغيرها من الالتزامات المفروضة عليهم. لقد كان من أهم مطالبات سكان القاهرة وغيرها من المحافظات أن تنشط أجهزة الحكومة والمحليات لتعيد الأمن والشكل الجمالى للأحياء والمدن والشوارع، بيد أن البعض الذى لا يعجبه هذا التحول لا يزال يعتقد أن الأمور ستظل منفلتة، خاصة أن الشرطة أمامها معركة صعبة فى مواجهة الإرهاب الذى لايهدأ ويطور عملياته باستمرار بهدف إجهاض مشروع استعادة هيبة الدولة. ويجب أن يعلم هؤلاء أن الدولة فوق الجميع، ومن حقها أن تفرض سيطرتها على الكل وأن يلتزم المواطنون بالقوانين، أما أن يستمر هؤلاء فى الإساءة للدولة وسرقة الكهرباء وغيرها من التصرفات فهذا أمر غير مقبول. وحسنا فعلت المحافظة بتوفيرها أماكن بديلة للباعة ومنحتهم أكثر من مهلة لتوفيق أوضاعهم حتى يتمكنوا من تصريف بضاعتهم ولخدمة فئة من المواطنين تفضل التعامل مع هذه البضائع. وعلينا جميعا مساندة الدولة فى تحركها الذى انتظرناه طويلا، ليستمر هذا الشكل الراقى ، ولنعيد وضعا افتقدناه ونتمنى أن يظل ، فمن حقنا جميعا أن نعيش فى بيئة حضارية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام