أعادت ثورة 30 يونيو تشكيل الخريطة السياسية للأحزاب المصرية من جديد حيث ظهرت على الساحة أحزاب، واختفت أخري، وكان لأحزاب التيار الإسلامى النصيب الأكبر من ذلك، حيث اختفى حزب الحرية والعدالة لرفضه الاعتراف بالثورة وإصراره على أن ما حدث انقلاب على الشرعية ولجوئه للعنف، فى حين ظهر حزب النور بقوة فى المشهد السياسي، خاصة بعد انحيازه للإرادة الشعبية وظهوره فى المشهد يوم 3 يوليو ومشاركته فى خارطة الطريق، ، بينما ضعف عدد من الأحزاب الإسلامية الأخرى التى شكلت ما يعرف بتحالف دعم الشرعية الداعم للرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى ومن أبرزها أحزاب الوطن والوسط والبناء والتنمية، فى حين رفض حزب مصر القوية المشاركة فى التحالف ولكنه رفض الاعتراف بثورة30 يونيو . وستكون انتخابات مجلس النواب القادمة كاشفة للأوزان النسبية لكل حزب وحجمه الحقيقى فى الشارع، ويعتبر حزب النور هو الحزب الإسلامى الوحيد الذى أعلن مشاركته فى الانتخابات القادمة فى حين ترفض أحزاب دعم الشرعية المشاركة فى الانتخابات، وإن كانت المؤشرات وتحركات هذه الأحزاب على الأرض تشير إلى أن هناك اتجاها قويا لديها للمشاركة فى الانتخابات، حيث شهدت الأيام الأخيرة وبالتحديد قبل شهر رمضان قيام عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية بجولات على قيادات وكوادر حزب البناء والتنمية بالصعيد وعقد اجتماعات معهم بمقر الحزب بمحافظاتأسيوط والأقصر وقنا والتى تشهد وجودا قويا للجماعة وذلك لإعادة صفوف الحزب من جديد. وبالرغم من رفض جماعة الإخوان ما يحدث واعتباره انقلابا على الشرعية وعدم اعترافها بالدستور أو بالانتخابات الرئاسية فإن هناك اتجاها قويا داخل الجماعة لخوض الانتخابات عن طريق الدفع بمرشحين من الصفوف الخلفية وغير المعروف لدى المواطنين انتماؤهم للجماعة أو عن طريق خوض الانتخابات باسم أحد حلفائهم من أحزاب دعم الشرعية الذين سينفصلون عن التحالف، للإيعاز بأن هناك خلافا مع الجماعة لضمان الحصول على أصوات الناخبين، فالإخوان لن يستطيعوا الغياب عن المشهد السياسي، والدليل على ذلك مشاركتهم فى انتخابات النقابات بعد أشهر قليلة من عزل مرسي. وهناك اتجاه لحل التحالف وإنشاء تحالف ثورى جديد تنفصل على أثره بعض الأحزاب عن التحالف، تمهيدا لإعلان خوضها الانتخابات ويسبق ذلك قيام بعض قيادات هذه الأحزاب بالهجوم على الإخوان للتبرؤ منهم ومن تصرفاتهم، وهو ما حدث بالفعل حيث قامت إحدى قيادات التحالف بشن هجوم على الجماعة واتهامهم بأنهم يتعاملون بالعصا والجزرة، ومن يخالفهم يتهمونه بالخيانة والعمالة وستكون الخطوة القادمة إعلان هذه الأحزاب خوض انتخابات مجلس النواب، لتكون الباب الخلفى لدخول الإخوان البرلمان. ولم يحسم حزب النور حتى الآن الشكل النهائى الذى سيخوض به الانتخابات، ولا الأحزاب التى سيتحالف معها، وهناك اتجاه داخل الحزب للتحالف مع القوى والكفاءات الوطنية، التى تسعى لتحقيق مصلحة مصر، طالما التزمت بالدستور والقانون، ومن المشكلات الكبرى التى تواجه حزب النور فى الانتخابات القادمة جماعة الإخوان المسلمين التى تعمل على تشويه صور قيادات الحزب ومرشحيه خاصة فى الدوائر التى يحظى فيها الإخوان بوجود كبير فهم يرون أن حزب النور قد تخلى عن الرئيس المعزول محمد مرسي، وشارك فى خارطة الطريق ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية. وشهدت الفترة السابقة اعتداء الإخوان على رموز حزب النور، ووصل الأمر للاعتداء عليهم فى المساجد، حتى وصل الأمر للتطاول على أحد قياداته بالحرم النبوى ومع قرب الانتخابات من المتوقع أن تشتعل حرب جماعة الإخوان على حزب النور، حتى يظل الإخوان هو ممثل التيار الإسلامى الوحيد والمتحدث باسمه خاصة بعد النجاح الذى حققه حزب النور على الأرض. ويركز حزب النور جهوده على مراكز قوته والأماكن التى يحظى فيها بوجود قوي، لضمان الحصول على عدد معقول من المقاعد، خاصة أن البرلمان القادم يعتبر من أهم البرلمانات فى تاريخ مصر، فبالرغم من الأحداث الأخيرة التى شهدت إخفاق الإخوان فى حكم مصر والذى أثر بالسلب على الحزب، ونظرا لمواقف الحزب الأخيرة من خارطة الطريق والذى أفقده جزءا من أبناء التيار الإسلامى فإن الحزب استطاع أن يظل متماسكا وحافظ على أعضاء الحزب، كما أنه استطاع أن يكسب تعاطف جزء كبير من أبناء الشعب المصرى نظرا لمواقفه المنحازة للشعب المصرى وللوطن. ومن المحافظات التى يعقد حزب النور عليها آمالا كبيرة فى انتخابات مجلس النواب محافظاتالإسكندرية، والبحيرة، ومطروح، والفيوم، وكفر الشيخ، ودمياط وعدد من محافظات الصعيد حيث تتفاوت قوة حزب النور من محافظة لأخرى وفى المحافظة الواحدة من مركز لآخر، وستلعب القبليات الدور الأكبر فى تحديد الفائزين فى البرلمان، والحزب يضم عددا كبيرا من مرشحيه الذين ينتمون إلى عدد من القبائل الذين لهم ثقل انتخابى فى دوائرهم، إضافة إلى أن الحزب يضم عددا من النواب الذين أثبتوا كفاءة فى البرلمان السابق، ومن الأشياء التى ساهمت فى وجود قوى للحزب الجانب الخدمى الذى قدمه لأبناء محافظات الصعيد التى كانت محرومة من الخدمات، وسيواجه الحزب حربا شرسة من جماعة الإخوان سواء شاركت الجماعة فى الانتخابات أم لم تشارك فى محاولة منها لإقصاء النور عن المشهد السياسى مستغلة فى ذلك تعاطف بعض أبناء الصعيد مع الأحداث الأخيرة