نجاح أى نظام فى تحقيق أحلام وآمال شعبه فى نهضة حقيقية سيبقى دائما رهنا بوجود قيادة سياسية واعية وراغبة فى النهوض بأمتها ، ورغم أن مشروع إعادة تقسيم محافظات مصر، وإيجاد ظهير صحراوي، أو منفذ بحرى لكل محافظة، لتحقيق العدالة الاجتماعية، ليس فكرة جديدة بل يعود لسنوات طويلة. حيث يوجد هذا المحور فى مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052، وتمت الموافقة عليه من قبل المجلس الأعلى للتخطيط العمرانى الذى يتبع مجلس الوزراء، الا أن هذا المشروع القومى خطوة على الطريق وبداية حقيقة للم شمل المصريين حول المشروعات القومية الكبرى التى تبنى لمصر الجديدة بجانب مشروع محور اقليم قناة السويس الذى يعول الكثير عليه فى بدء مرحلة بناء جديدة فى تاريخ مصر وللأجيال القادمة . وعندما طرح الرئيس عبد الفتاح السيسى برنامجه الإنتخابى أثناء ترشحه للرئاسة كان لديه رؤية واضحة لتنفيذ مخطط التنمية العمرانية لمصر 2052 الذى ظل مهملا لسنوات ليثبت أن الفكرة لا تنحصر فقط فى قيمتها ولكن فى القدرة على تنفيذها. واقترح ضم فكرة ممر التنمية للدكتور فاروق الباز إلى المخطط ، والاستعانة بالباز لتنفيذ فكرته، الذى اقترح فيه إيجاد واد جديد مواز للوادى الحالى ،وتمت إضافة بعض التعديلات عليه لتحقيق العدالة الاجتماعية، وإيجاد ظهير صحراوى لكل محافظة، وتغيير خريطة مصر التى ستقضى على الفقر فى المحافظات وستتيح استصلاح ملايين الأفدنة الزراعية، وإقامة المصانع، وإنشاء المطارات. ووفقا لما نشر حتى الآن فقد قسمت خريطة مصر حسب التقسيم الجديد المقترح لها ببرنامج الرئيس السيسى الجمهورية إلى 33 محافظة بدلاً من 27 محافظة حيث افترضت الخريطة تقسيم سيناء إلى ثلاث محافظات شمال، ووسط، وجنوب، بالإضافة إلى محافظات جديدة يتم إدراجها لأول مرة على الخريطة، وهى محافظات: العلمين، والواحات، وسيوة، على أن تنتشر المحافظات الجديدة على كامل أنحاء الجمهورية، بحيث تمتد عرضياً ليصبح لها ظهير صحراوى، وآخر يمتد إلى البحر، ما يترتب عليه استصلاح 4 ملايين فدان، ومن المقرر أن تكتمل جميع المحافظات مع انتهاء المخطط عام 2052. قال الدكتور محمود غيث، الأستاذ بكلية الهندسة، رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، إن إعادة التقسيم الإدارى للمحافظات سيسهم فى تنمية جميع المحافظات، ويفتح مجالات عديدة أخرى لتطبيق العدالة الاجتماعية، واستفادة المواطنين بموارد الدولة على حد سواء. وأضاف غيث أن إعادة ترسيم الحدود بين المحافظات جزء من تنفيذ برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذى يهدف إلى تقسيم محافظات مصر إلى 32 محافظة بواقع 11 إقليمًا، موضحًا أن هذا البرنامج سيضمن زيادة معدلات التنمية بكل محافظة وسيتم التركيز على تنمية محافظاتسيناء وحلايب وشلاتين والوادى الجديد. وأشار إلى أن إعادة ترسيم الحدود ستؤدى إلى نشر التنمية العمرانية فى كل ربوع الجمهورية والخروج من الوادى الضيق إلى رحابة صحراء مصر بدلا من مساحة ال 5% التى نعيش فيها حاليا، موضحًا أن هذا المشروع يأتى ضمن المخطط الإستراتيجى القومى للتنمية العمرانية. ولفت رئيس الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، إلى أن خبراء هيئة التخطيط العمرانى التابعة لوزارة الإسكان يعكفون حاليا على إعداد خريطة جديدة لمصر والتى تعمل على توسيع الحيز العمرانى للجمهورية وتوجد مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية واقتصادية متكاملة وتعمل على توزيع الثروات بين المحافظات بشكل يضمن جذب السكان للمحافظات المختلفة خاصة الجديدة بما يضمن التنوع الاقتصادى والاجتماعى، وبما يضمن زيادة المساحة المعمورة لمصر إلى 40٪ خلال ال 20 سنة القادمة. قبلة الحياة وأكد اللواء دكتور محمد نعيم، محافظ الغربية، أن الظهير الصحراوى للغربية يعتبر قبلة الحياة، خصوصاً بعد أن ضاقت أرض المحافظة على أبنائها وتفاقمت أزمة التعدى على الرقعة الزراعية والتهام آلاف الأفدنة من أجود الأراضى بالبناء عليها لحل مشاكل الإسكان فضلاً عن عدم وجود إمكانيات أو بدائل للتوسع الصناعى والاستثمارى وتوقف خطط الإحلال والتجديد والتطوير للمصانع الموجودة بالفعل بسبب ندرة الأرض الصالحة للبناء، وأشار المحافظ إلى أن لجنة إعادة ترسيم الحدود بين المحافظات تقف على حجم المشكلة التى تعانى منها المحافظة التى يقطنها نحو 5 ملايين نسمة وعلى مساحة من الأرض تقل عن باقى محافظات الدلتا التى لها جميعها ظهير صحراوى وساحلى باستثناء المنوفية التى ليس لها هى الأخرى ظهير ساحلى والقضية لا تحتمل مزيداً من التأخير، خصوصاً أن المحافظات قسمت إدارياً وفق ظروف معينة ولم تكن المشاكل التى تعانى منها الغربية مطروحة بهذه القوة لاسيما أن المحافظة تعتبر مزرعة كبيرة للشعب المصرى فى جميع المحافظات. وأشار اللواء نعيم إلى ضرورة تخصيص ظهير صحراوى للغربية من خلال امتداد كوم حمادة ووادى النطرون من «البحيرة» وحتى الطريق الصحراوى القاهرةالإسكندرية، وظهير ساحلى من خلال بيلا والحامول والبرلس من «كفر الشيخ». المشروع الحضاري ويتفق قدرى أبو حسين محافظ حلوان السابق إن ترسيم الحدود الجديدة لمحافظات مصر تعتبر خطوة أولى من خطوات المشروع الحضارى والتوجه الحقيقى للاستفادة المثلى من الثروات والموارد الطبيعية فى البلاد، داعياً الرئيس عبد الفتاح السيسى لسرعة البدء فى تنفيذ برنامجه خاصة فيما يخص إعادة التقسيم الإدارى والمسح الجغرافى لمصر وأضاف أبو حسين أن إعادة تقسيم المحافظات مطلب شعبى من فترة طويلة ، موضحاً أن كثير من المحافظات المصرية فى حاجة إلى إعادة تقسيم مثل محافظة الوادى الجديد التى تعد أكبر المحافظات المصرية بمساحة تتعدى ال 45% من مساحة الدولة ، وسيناء التى يمكن أن تضم محافظة ثالثة بين محافظتى جنوبسيناء وشمال سيناء. وأشار أبو حسين إلى أن تقسيم المحافظات وإنشاء محافظات جديدة يقلل العبء الإدارى على المدن الكبرى ، كما يقلل من الكثافة السكانية بشرط إعادة توزيع السكان والخدمات ، اذ أن هذا الحل سيكون الأمثل فى مواجهة الزيادة السكانية ، قائلا : لدينا «عقدة تاريخية» تميل لكبر مساحة المحافظة ، ولفت محافظ حلوان السابق إلى أن مد بعض المحافظات لتصل إلى البحر الأحمر أو النيل سينقل سكان مصر من العيش على 5% من أراضى مصر لينتشروا فى 45% مما يؤدى إلى زيادة فى فرص العمل وزيادة فى الإنتاج الزراعى والقضاء على أزمة السكن. الاتجاه الدولي ويرى سمير عبدالوهاب مدير مركز الدراسات واستشارات الإدارة العامة أن اتجاه مصر نحو إعادة تقسيم محافظاتها يتماشى مع الاتجاه الدولي، فدول العالم اتجهت فى العقود الأخيرة الى تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية ترتبت عليها ضرورة إعادة النظر فى تقسيماتها الإدارية للتكيف مع الديمقراطية ومواجهة ظروف المنافسة والعولمة التى صاحبت توجه هذه الدول الى اقتصاد السوق. وأكد عبدالوهاب أن مصر فى حاجة الى امتداد المدن المصرية وتقسيم المحافظات الى أكثر من محافظة مثل الوادى الجديد وهى محافظة كبيرة يمكن أن تنقسم الى محافظة الواحات ومحافظة الداخلية ومحافظة الخارجة كما أن هناك جزءا من سيناء يمكنه أن يكون محافظة ثالثة بجوار محافظتى جنوبسيناء وشمال سيناء، وهى منطقة الوسط ما بين المحافظتين ، مشيرا إلى أن إنشاء محافظات جديدة يقلل العبء الإدارى على المدن الكبرى كما يقلل من الكثافة السكانية بشرط أن يكون الامتداد عرضيا وليس طوليا. وأضاف أن الحكم المحلى أو الإدارة المحلية فى أى دولة تتطلب تقسيم إقليمها الى وحدات محلية ليتم فى إطارها ممارسة عملية الحكم والإدارة، ومشيرا الى أن أهم عناصر نظام الحكم المحلى أن يكون هناك وحدات محلية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية أو القانونية بما يترتب عليها من وجود موازنة مستقلة لهذه الوحدات وحقها فى رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة المركزية والوحدات المحلية، كما يتيح التقسيم الحق لهذه المحافظات أو المدن المطالبة بميزانية مستقلة ولائحة مالية وإدارية تنظم كيفية إدارة مواردها البشرية من حيث التعيين والتحفيز.