أنا سيدة فى سن الأربعين، وأعمل أستاذة بالجامعة ومن أسرة محافظة مستواها المادى فوق المتوسط، ومنذ المرحلة الجامعية تقدم شباب كثيرون للزواج مني، لكن أبى وأمى رفضاهم جميعا، حيث إننى البنت الوحيدة لهما، وإن كل من تقدموا لى لا يستحقوننى، كما غالى والدى فى رفضه الارتباط بأى شخص إلا بعد حصولى على الدكتوراه، وركزت كل همى فى الدراسة، وسافرت الى دولة أوروبية وحصلت منها على درجة الدكتوراه وأنا فى التاسعة والعشرين من عمري، وصار صعبا علىّ أن أختار عريسا مناسبا فظللت أرفض كل العروض حتى بلغت سن الخامسة والثلاثين، وقتها قررت أن أتزوج من أول طارق لبابى دون التدقيق فى شخصيته ولا ظروف من سيكون عليه الاختيار، فلقد كان كل أملى أن تكون لى ذرية، ولا تنتهي حياتى وأنا وحيدة بلا ابن ولا رفيق! وبالفعل تزوجت طبيبا مشهورا، برغم ما كان يساورنى من شكوك فى نجاح زيجتنا لما بيننا من اختلاف وتباين واضح فى العادات والتقاليد، وبالفعل حدث ما توقعته، ولم أستمر معه سوى أيام معدودة، فلقد أخفى عنى مرضه وغشنى فكان الفشل هو النتيجة الطبيعية لما بنى على الغش، ورجعت الى بيت أبى أجر أذيال الندم، وظللت عامين أجتر أحزانى ثم تقدم لى شاب شرحت له ما حدث، فوعدنى بأن يبذل ما فى وسعه لإسعادي، وأنه لا يريد من الدنيا سواي، وكان عيبه الوحيد كما قال إنه تزوج وله ابن معاق، وأنه لم يعش لحظة سعيدة مع زوجته، لكنه يحتفظ بها من أجل الحفاظ على الأسرة، وأكد لى أننى لن أشعر بأى مشكلة، خصوصا أنه يعيش خارج مصر منذ عدة سنوات، وسوف أكون برفقته، فاعترض أهلى بشدة عليه، لكننى وافقت على الارتباط به أملا فى أن تكون لى ذرية وأسرة. ومرت الشهور الأولى وأنا فى قمة السعادة، ثم بدأت زوجته الأولى تكيد لى بالإضافة الى حصار أسرتي، فأهلى لم يوافقوا عليه، ومازالت نفوسهم محتقنة منه، والأدهى من ذلك أنه عايرنى بزواجى الأول الفاشل، وأجبرنى على تناول أقراص منع الحمل، حتى هلكت أعصابى وساءت صحتي، ولم أجد بدا من الطلاق مع إبرائه الكامل من جميع مستحقاتي. وتجددت عروض الزواج، لكنى أدرك جيدا أن من يتقدمون لى وهم فى مناصب جيدة يطمعون فى مستواى المادى ومنصبى الأدبى وبعض الجمال الذى حبانى به المولى عز وجل، وأخشى الزواج مرة ثالثة خوفا من الفشل، والمعايرة بعدم استمرارى فى زيجتين سابقتين مع أننى لم أكن السبب فى فشلهما، وقد فكرت فى أن يكون خير الحلول فى كفالة فتاة يتيمة تكون لى قرة عيني، وأعرف الشروط الصعبة لذلك بضرورة وجودى مع زوجي، وأن أحضر شهادة بأننى لا استطيع الانجاب.. فهل تساعدنى فى تحقيق أملى فتكمل معى أى فتاة تراها حياتي، وندخل الجنة معا بمشيئة الله؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول: الأفضل لك يا سيدتى هو أن تنتظرى من يقدرك ويعرف قيمتك ويجمعه بك حلم الذرية الصالحة، وأمامك متسع من العمر لتحقيق أمنيتك لكى تكونى أما، وزوجة ناجحة، فما تعرضت له فى حياتك خارج تماما عن إرادتك، وربما يكون والداك قد ساهما فيه بشكل أو بآخر حينما حرماك من الزواج بحجة الحصول على الدكتوراه أولا، أو أن العرسان الذين يتقدمون إليك غير مناسبين، فالحق أنهما قد أخطآ فى حقك خطأ كبيرا، وقد اتخذا هذا الموقف الغريب من أنانية شديدة، تماما مثلما تفعل كثيرات من الأمهات اللاتى يرفضن زواج الولد الوحيد أو يتدخلن فى اختياره فتكون النتيجة فشله فى اقامة أسرة مستقرة. عموما فإن قصتك عبرة وعظة لكل الآباء والأمهات، وأرجو أن يراجعا موقفهما منك، وأن يفسحا المجال أمامك لمناقشة الأمر معهما، واختيار من يصلح لك زوجا يكمل معك مسيرة الحياة، وليكن اللجوء الى كفالة طفلة يتيمة فى بيتك هو الحل الأخير.. ووقتها سوف يكون لكل حادث حديث.