بعيدا عن تحليلات النخبة من السياسيين والمثقفين حول الثورة وأسبابها يأتي هذا الكتاب محاولا الاقتراب من ولاد البلد البسطاء الذين يعيشون بيننا وشخصيات عاشت ظروف ما قبل وبعد وأثناء الثورة سواء كانت علي هامشها أو علي الطريق المؤدي لها. ربما تكتشف أنهم سقطوا في الزحام إلا أن تجربتهم الإنسانية التي يكثفها ويرصدها المؤلف في لحظات قصيرة التقي بهم فيها تعيدهم مرة آخري إلي الأضواء لتدرك أنهم ابطال حقيقيون لكنهم منسيون في محاولة مختلفة لتوثيق الأحوال الاجتماعية للمصريين قبل وبعد الثورة. ستجد شخصيات مصرية عايشت ظروفا اقتصادية صعبة, فهذه ممرضة تشكو قسوة مجتمعها, وهذا عامل حاول التغلب علي راتبه الضعيف فوقف في مواجهة الحكومة المصرية واختصمها قضائيا كما ستقرأ شهادات البسطاء علي الثورة, وتستمع إليهم وهم يروون ذكرياتهم معها, وكيف أثرت فيهم وكيف يرون سير الأمور بعدها في مصر, فهذا عم كرم جنايني ميدان التحرير يتحدث عن أيامه وقت الثورة قائلا: ز أنت مثل والدنا, لا ترش مياها علينا, استجبت لهم, ورغم حزني أنهم في مكان عملي, فإنني كنت مبسوطا منهم, شعرت أنهم صادقون ومحترمون, وممكن يجيبوا لنا حقنا المهضوم عند الحكومة..كنت فرحان جدا من الثورة, لأني حسيت إن حالي وحال أولادي هيتغير وكيف أن لافتات المحتجين وهتافاتهم من حول العم كرم لم تختلف كثيرا عن أيام الثورة, هو ما جعله يتذكر: لم أكن أفهم كل الشعارات والهتافات, زي (تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية), لكن اللي كنت أفهمه أن الشباب بيحبوا البلد, وعايزين المصريين كلهم زي بعض, وأنهم مش حيقبلوا تاني ظلم حسني مبارك ولا رجالته. يكمل: زي ما تغير الميدان وبقي علامة في حياة المصريين, نفسي مصر كلها تتغير للأحسن, لحد دلوقتي مفيش أي جديد, أنا والغلابة اللي زيي مش حاسين بأي تغيير. ونفس الشيء مع الشيخ عبدالفتاح حارس مسجد عمر مكرم الذي يروي ذكرياته عن ايام الثورة وموقعة الجمل التي يصفها بأكثر الأيام صعوبة حيث كان المسجد الذي احتمي به الثواريستقبل عشرات المصابين كل دقيقة, وهذه هي بائعة الشايس من البسطاء الذين هم علي باب الله. كما يقترب الكاتب من شخصيات لا تتحدث عن الثورة, بل إن كلماتهم خرجت قبل الثورة, ولكنها تعكس واقعا اجتماعيا معيشا في مصر ما قبل الثورة, يتحدثون لنعرف ماذا كان لسان حالهم وطبيعة حياتهم وظروفه الحياتية المعيشة في مجالات ومهن مختلفة قد تكون إرثا بعد مرور 10 سنوات من القرن الحادي والعشرين. تأليف: محمد فاروق عجم- صدر عن دار دون