ثار الشعب المصرى فى 25 يناير مطالبا بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، حيث بلغت معدلات البطالة خاصة بين الشباب أرقاما غير مسبوقة، وتبذل مصر الجديدة جهودا كبيرة للعمل على إيجاد فرص عمل تصون كرامة المواطن وتكفل حقه فى مستقبل أفضل. ولا أعلم إن كانت لدينا أرقام دقيقة عن عدد الأجانب الذين يعملون فى مصر، إلا أن الشواهد تشير إلى أن سوق العمل يغص بمئات الآلاف وربما الملايين من غير المصريين الذين يزاحمون مواطنينا فرص العمل المحدودة. ويتيح قانون العمل لأصحاب الأعمال بالاستعانة بنسبة لا تتجاوز 10 بالمائة من العمالة الأجنبية، لكن المؤكد أنه لا يوجد التزام بهذه النسبة بدرجة كبيرة ، بل يتم التحايل عليها بصور مختلفة، لأن المخالفة فى الغالب لا يترتب عليها أى عواقب على العامل الأجنبى أومستقدم العمالة الأجنبية. وأشير إلى أن عدد الأجانب العاملين فى الصين مثلا لا يتجاوز ستمائة ألف أجنبى وهم من اصحاب الخبرات النادرة، ولقد أتاحت لى ظروف عملى سفيرا لمصر فى بكين زيارة العديد من المنشآت الصناعية والتجارية الأجنبية، ولم أجد عاملا أجنبيا واحدا، ويقتصر تواجد الأجانب على مجال الإدارة فقط وتحت رقابة وقيود صارمة من السلطات المختصة، وتحتضرنى واقعة تجاوز والدة أحد كبارالدبلوماسيين العاملين بالسفارة فى بكين فترة الإقامة المدونة بتأشيرتها بأيام، فإذا بسلطات المطار لا تسمح لها بالمغادرة وتعيدها لمد التأشيرة، الأمر الذى تطلب عدة أيام، ودفع الزميل الدبلوماسى مبلغا كبيرا حوالى خمسمائة يوان ( حوالى ستمائة جنيه مصرى ) عن كل يوم تجاوز للتأشيرة شاملا الأيام التى استغرقتها إجراءات مد صلاحية التأشيرة، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على حرص الدولة الصينية كغيرها من الدول على ضبط تواجد الأجانب على أراضيها. من هذا المنظور يتحدث الأشقاء فى السعودية عى سعودة الوظائف ويحفزون القطاع الخاص بجملة من الحوافز للعمل على تحقيق ذلك، وفى الأردن يتحدثون عن أردنة الوظائف، وفى البحرين عن البحرنة، وهكذا، وذلك رغم اختلاف الظروف، أما يجدر بنا أن نعمل على تمصير الوظائف، وقد يشكك البعض فى كفاءة بعض الفئات من العمالة المصرية، ولكن ماذا بعد، وهل يمكن السكوت على استمرار هذا الوضع، إنها مسئولية تشاركية بين مجتمع رجال الأعمال والدولة لبلورة رؤية للخروج من هذا الموقف لما لذلك من تأثير كبير على مستقبل مصر التى نريد لها جميعا أن تتبوأ مكانتها المستحقة بين الأمم الصاعدة. ما أحوجنا فى مصر ونحن نتحدث ليل نهار عن ضرورة العمل على إتاحة فرص عمل لمواطنينا لكبح جماح غول البطالة المتوحش أن نولى هذا الملف أهميته المستحقة باعتباره بلا جدال أحد القضايا التى تمس الأمن القومى للبلاد ، خاصة وقد بدأت بعض الكوميونات الأجنبية تتكون فى القاهرة وغيرها من أرجاء الوطن ومعظمهم مقيمون بصورة غير شرعية. لا أتحدث هنا عن السائح الزائر لمصر الذى نحرص جميعا على تواجده وتكرار زياراته, وإنما أتحدث عن الأجانب الذين يقيمون أويعملون بصورة غير شرعية ،فى بلد يئن من وطأة البطالة ويواجه تحديات توفير فرص عمل لمواطنيه. إن الأمر يتطلب دراسة جادة تسمح لمجتمع الأعمال بفترة زمنية لتوفيق أوضاعه لتمصير الوظائف التى يمكن للمصريين شغلها، ويتيح للدولة دخلا مهما للترخيص للأجنبى بالعمل فى التخصصات غير التقليدية، والعناية بهذا الملف سوف يكون له إسهامه الواضح فى تجاوز بعض من الصعوبات التى يجتازها الوطن فى المرحلة الحالية. مساعد وزير الخارجية السابق لمزيد من مقالات السفير احمد رزق