فى بعض حواراتى معه منذ أكثر من ربع قرن قال عادل إمام لي: «الضحك هو الضحك.. كما ان اللحمة هى اللحمة.. والفراخ هى الفراخ.. ولكن الضحك كعنصر يتأثر بالعوامل المحيطة به.. وما أضحكنا بالأمس ربما لا يضحكنا اليوم.. فرنانديل أو شابلن أو الريحانى لا يضحكوننا الآن.. زمان لم يكن الفوشيا لونا مطروحا فى حياتنا الاجتماعية واليوم أصبح معروفا.. كان الكوميديان فى الماضى إما عبيطا أو فيلسوفا.. أما الآن فأنا كوميديان وأنت كوميديان وكل من يمشى فى الشارع كوميديان». وبيقين فإن ذلك المفهوم المحدث للكوميديان هو الذى دفع عادل إمام إلى أن يقبع ويحصن نفسه منذ زمن ليس قصيرا فى مربع (اللايت كوميدى أو الكوميديا الخفيفة الإنسانية) التى لا يغالى فيها على نحو يجعله فى وقت من الأوقات مرتبطا بشكل من الضحك قابل للانقراض أو الاندثار.. وفى هذا الإطار يقدم الأستاذ عادل إمام هذا العام مسلسله الجميل (صاحب السعادة) وهو تقريبا المسلسل الوحيد ذو الطابع الاجتماعى والأسرى المناسب للعرض على شاشات التليفزيون بعيدا- ما تيسر- عن هيمنة منظومة الدعارة والهيروين والشتائم القذرة والقتل، والتعذيب الأكثر شيوعا فى كل الأعمال الدرامية التى تمثل محفزا ثقافيا ومزاجيا للمجتمع على الانحراف والعنف. فى (صاحب السعادة) يقدم عادل إمام- كعادته- جوقة كبيرة جدا من الممثلين بعضهم من المخضرمين وبعضهم من الشباب وبعضهم من العيال على نحو لا يضغط على اعصاب المشاهدين ويشعرهم أن بطل المسلسل هو صاحب الشاشة أو محتكر اهتمام الناس، وهذا أمر لا يسمح به إلا فنان ذو مقام كبير لا يجرح كبرياءه أن يظهر حوله عشرات النجوم. عادل- هنا- يطبق فكرته: «أنا كوميديان وانت كوميديان وكل واحد يمشى فى الشارع كوميديان».. ولذلك نشعر ان من يرافقوه من الفنانين يكتسبون خواص الضحك على نحو يغاير ما عرفناهم به. وفى ذلك المسلسل- ايضا- ندرك معنى الضحك الطيب اللذيذ الذى لا تبلغ فيه السخرية حد القسوة على من نسخر منهم.. ولعل ذلك هو سبب ما حدثنى به عادل إمام- كذلك- منذ عقود حين سألته عن ضحايا سخريته فقال: (لا تصورنى على انى سفاح كوميديا)!! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع