تفاصيل لقاء رئيس مجلس الشيوخ ومحافظ القاهرة    الاقتصاد الرقمي: 34 شركة مصرية تشارك في «ويب ساميت 2025» بالبرتغال    سياسي سوداني: ما يجري في «الفاشر» جريمة مروعة ترتكبها ميليشيا الدعم السريع.. فيديو    ساعر: حزب الله يواصل جهوده لإعادة البناء وهذا خطر على أمن إسرائيل    إيكونوميست: الاتفاق الأمريكي الصيني في قمة بوسان هش ومؤقت    روبيو: مستعدون لتقديم مساعدات للشعب الكوبي بعد الدمار الذي أحدثه إعصار ميليسا    تعادل سلبي بين أهلي جدة والرياض في الشوط الأول    ضبط قائد دراجة نارية بتهمة أداء حركات استعراضية بالقاهرة    زينة ومحمد فراج يتصدران التريند بسبب ورد وشوكولاتة    مهرجان الجونة ينعي ماجد هلال وكيرلس صلاح    يوسف شاهين الأشهر.. 10 مخرجين ظهروا أمام الكاميرا قبل محمد سامي    عاجل رئيس الوزراء يتابع إجراءات وخطوات بدء تطبيق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل... ويوجه ببدء تطبيق المنظومة بالإسكندرية من العام المالي المقبل    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    القاهرة الإخبارية: الصليب الأحمر تسلم جثماني محتجزين إسرائيليين وسط قطاع غزة    الأهلي ينفي شائعات رحيل بيكهام ويوضح خطة الفريق قبل السفر للإمارات    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    سفير الهند: المتحف المصري الكبير منارة تُلهم العالم وجسر يربط التاريخ بالإنسانية    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    رئيس جهاز حماية المنافسة يجتمع مع رؤساء أجهزة المنافسة الأفريقية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    رئيس جامعة سوهاج يلتقي طلابه ذوي الإعاقة ويشاركهم وجبة الغذاء    بالتوقيت الشتوي.. مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف LRT    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الزراعى فى البحيرة    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    ياسر عبد العزيز يكتب: مصر الكروية كاملة الأوصاف ولكن!    رفع 141 ألف طن مخلفات من شوارع الإسكندرية واستقبال 1266 شكوى    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    اتحاد السلة يعلن جدول مباريات ربع نهائي دوري المرتبط «رجال»    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    سعر الليرة السورية مقابل الدولار بمنتصف تعاملات الخميس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    محافظ بني سويف: تخصيص 11 شاشة عرض لنقل افتتاح المتحف الكبير    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    مرموش يسجل هدف مانشستر سيتي الثاني أمام سوانزي سيتي في كأس كاراباو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور «تعذيب» الأيتام
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 07 - 2014

طفولة معذبة يجافيها الفرح إلا من ساعات قليلة يسرقونها من عمر الزمن . ليال طويلة مظلمة زادها الدموع والألم يلاحقهم فيها الخوف من المجهول.وخيال خصب يصحبهم بعيدا للحظات يلوح لهم فيها بصيص من أمل سرعان مايخبوا ليعودوا مرة أخري للواقع الأليم.
يهفون لذكريات ليست ببعيدة لأنامل سيدات تحنو عليهم يطلقون عليهم جميعا "ماما " يمسحون علي رؤوسهم ،يحتضنوهم يواسوهم ويخففون عنهم ودائما لا ينسون غرباء كثيرين يدللوهم بعض الأوقات في زيارات مقتضبة يمنحوهم كل شيء ولكن ليس دائما مايريدون
عبد الله ،عيد ، باسم ، بدر، محمد ، حسن ، وكريم وغيرهم الكثيرون .. أطفال في عمر الزهور ومراهقين علي أعتاب الشباب هذه بالطبع ليست أسماءهم الحقيقية التي اختارها لهم ذووهم ولكنها أسماء بديلة اختيرت لهم رغم تنافيها مع واقعهم المر الذي يحيوه لكن الحقيقة المؤكدة أنهم لا ذنب لهم فيما آل اليه حالهم فهم لم يختاروا أو يقرروا مصيرهم ولم يذهبوا لدور الأيتام طوعا ليتحملوا عواقب وجودهم وما يحيوه من معاناة تفوق ما يتحمله الرجال وبدلا من التخفيف عنهم والأخذ بيدهم ومحاولات تعويضهم ما فقدوه ويعانوه نتيجة حرمانهم ويتمهم فانهم يتعرضون طوال الوقت للضرب والإهانة والتعذيب بغرض التهذيب والتربية لا لشيء الا لأنهم ايتام فلا أحد لهم يسأل عنهم أو يهتم بهم
ولأن هذا كان واقع الحال داخل بعض دور الأيتام نتيجة غياب الرقابة فقد اتخذ عدد ا من قاطنيها من المراهقين قراره بالهرب ومغادرتها مفضلا البقاء في الشارع ليكون بمنأي عما يتعرض له من إيذاء بدني ونفسي ويحتفظ لنفسه ما تبقي له من انسانية يخشي فقدها هي الأخري
بعيدا عن الأسوار التي غادروها التقيناهم مجموعة من الهاربين الصغار استطعنا الوصول اليهم ولقاء بعضهم وسماع شكواهم
بنظرة للمجهول ويأس من قيمة الشكوي وربما الخوف من مردودها بدأ (ع )والذي خشي ذكر اسمه حتي لا يعيدوه للدار مرة أخري في سرد معاناته لا أعلم شيئا عن حياتي قبل الدار أو متي دخلته ولا أدري سبب دخولي كل ما علمته أنه ليس لي أب أو أم والدار هي بيتي الكبير اللي اتربيت فيه وكل اللي معايا إخواتي ويواصل واحنا صغيرين كانت الأيام بتجري بسرعة وكانت مشكلتنا صغيرة لأننا مش فاهمين حاجة وكنا بنصعب علي الناس وكتير كانوا بيطبطبوا علينا ويجيبولنا حاجات حلوة وكان لينا أمهات علي الاقل بتسمعنا لكن لما كبرنا اتنقلنا دار تانية وبدأ التعامل معانا بشكل مختلف والمشرفين كلهم رجالة لأننا كبرنا خلاص كله غلط وعيب وطول النهار زعيق وبهدلة وضرب وكأننا ارتكبنا جريمة لمجرد وجودنا ، واحد بس كان طيب معانا وفي فترة كنا بنستحمل ونواسي بعض لغاية ما خلاص ما بقيناش قادرين وعرفنا طريق الهرب
وداخل موقف للسيارات وبجوار إحدي العربات التي اتخذها كمأوي بعد هروبه بدأ الصغير 14 سنة يروي أنا هربت عشان قسوة المشرفين وشدتهم معانا وضربهم لينا عمال علي بطال ولأتفه الأسباب يعني مثلا لو صوتنا علي واحنا بنضحك أو اعترضت علي كلمة ضايقتني من مشرف أو إهانة كنت بالاقي الضرب من كل حته كل اللي في الدار ساب اللي وراه وجه عشان يضرب اللي بالحزام واللي بايديه أو بالخرطوم واللي بالجزمة المهم كان بيبقي يوم أسود ومهما يكلمونا عن حقوق الأطفال خلاص ما بقتش باصدق
في البداية كنت خايف من الهرب والخروج للشارع لكن مع الوقت لقيت الحكاية مش صعبة واديني باتصرف والأكل والشرب بيتوفر من يومية العمل في مسح العربيات "وإيه يعني ما احنا في الدار بنكنس ونمسح "وساعات باحوش كمان عشان المدرسة مهما شفت هاتحمل أهون من الرجوع تاني ،النوم علي الرصيف وتحت العربيات أرحم بكرامتي علي الأقل !
أما كريم بالصف الثاني الإعدادي فقال هربت من قبل 10 مرات وفي كل مرة لم أكن أجد من يبحث عني ومع ذلك كنت أعود بسبب توسط أهل الخير وبعض الناس الطيبين ومنهم مدرسين المدرسة والناس اللي تعرفنا وكانت بتزورنا في الدار وتعطف علينا لأنهم كانوا دايما شايفين إن الدار مهما كانت أحسن من الشارع وأهي حاميانا لكن ما كانوش يعرفوا إن إحنا جوه شايفين العذاب والويل صحيح بناكل ونشرب ونلبس ببلاش لكن أكل مخلوط بالذل والبهدلة ورغم كل الوعود إن احنا مش هنتهان تاني وانهم خلاص اتفاهموا مع المشرفين واقنعوهم كنا بنلاقي نفس المعاملة وأسوأ عشان اشتكينا وكنا بنشوف ليال سودة كانوا "بيحفلوا فيها علينا " يعني بيجتمعوا علي ضربنا ساعات كنا بنتمني فيها الموت وعلي فكرة في ناس جوه الدور بتفكر في الإنتحار من كتر اليأس لأنها مش لاقية ولا عارفة حل تاني
ويتذكر حسام 15 عاما يوم أن تلقي علقة ساخنة تبعها عقاب اشد قسوة وهو الوقوف لأكثر من ساعة في وضع الإنحناء " موتوسيكل " كما يطلقون عليه في الدار لمجرد أنه تفوه بالإستغفار بعد تطاول أحد المشرفين عليهم وسبهم الأمر الذي اعتبروه استخفافا وتطاولا عليهم واضاف كانت علقة مقدرش أنساها وكأنهم بيضربوا حمار أو عجل يمكن لو حرامي مش هيعملوا فيه كده الدار بقت زي السجن وخصوصا بعد ما منعونا من الخروج للعمل والبقاء طول الوقت في الصيف بالدار عشان كده ما بقناش قادرين نستحمل ورغم اعترافه بتوافر الطعام والشراب الي أنه ألمح الي ان أفضله غالبا ما يذهب للقائمين علي الدار الذي يسعون لتوفير ما يحتاجونه ويفيض أولا ثم يتركون لهم ما يتبقي
الغريب انه رغم كل هؤلاء الهاربين فإن بلاغا واحدا لم يقدم بغياب أيا منهم أو هروبه من جانب الدور وكأن الأمر بالطبيعي وللموضوعية حاولنا الإستماع لآراء المشرفين داخل أحد الدور الذين أكدوا أن الأطفال فور خروجهم للشارع واختلاطهم بآخرين سواء بالمدارس أو في المهن التي يخرجون للعمل بها وخاصة الحرفية منها يكتسبون صفات سيئة ما يجعلهم اكثر سوءا لذا يصبح التدخل ضرورة لاعادة تهذيبهم ولا توجد وسيلة سوي العقاب باعتبارهم المسئولين عنهم ولكن ليس بهذه الصورة الفجة التي يتحدثون عنها فدخولهم طور المراهقة يجعلهم رافضين لأي محاولة للتوجيه والإرشاد أو حتي الإعتراض علي سلوكياتهم الجديدة فيغالون في الرفض والاعتراض والتمادي في التباكي لكسب التعاطف .
فيما تؤكد سامية محمد إحدي المتخصصات في مجال رعاية الأيتام والأحداث بمديرية التضامن الإجتماعي بالشرقية أن الأطفال في هذه السن كما يحتاجون لشدة الاب وصرامته لضمان عدم الإعوجاج وتفادي الإنحراف يحتاجون أيضا للأم كمصدر للحنان والعطف والسلامة النفسية وهو ما تفتقده دور الرعاية للأيتام البنين في هذه المراحل العمرية حيث يفضل توفير أم بديلة لكل دار علي الأقل لتحقيق التوازن النفسي ولو لساعات النهار مع تحري اختيار من يتمتعن بقوة الشخصية لضمان التأثير الامثل وتحقيق مردود إيجابي وحتي لا يتحول وجودها لنقمة وليس العكس.
من جانبه أكد سلامة نصر وكيل وزارة التضامن بالشرقية أنه أصدر تعليماته بعمل زيارات دورية لجمعيات ودور الأيتام والدفاع الاجتماعي للوقوف علي أحوالها والتعرف علي احتياجاتها والتحقق من وجود شكاوي من عدمه للعمل علي إزالته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.