جهاز مدينة العبور الجديدة يعلن بدء استقبال طلبات تراخيص البناء للأحياء 29 و32    إعلام عبري: إسرائيل تستعد الليلة لاحتمال تسلم جثث رهائن    روما يواصل مطاردة نابولي على صدارة الدوري الإيطالي بفوز صعب أمام بارما    كييزا يتحدث عن طموحاته مع ليفربول    الأرصاد تعلن درجات الحرارة المتوقعة غدا الخميس بالقاهرة والمحافظات    أمال ماهر تبكي على الهواء بسبب الحديث عن أصعب فترة في حياتها (فيديو)    فرنسا والمكسيك تصعدان لدور الثمانية بكأس العالم للناشئات تحت 17 سنة    وزير الخارجية يشارك في إطلاق الصالون الثقافي للمصريين بالخارج    النيابة الإدارية تُعاين موقع حريق مخبز بأسوان وتُشكل لجنة لفحص ملابساته    مصابة فلسطينية تهدي رسالة شكر وباقة ورد لمصر والرئيس السيسي    أكاديمية الفنون تقرر تأجيل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية إلى الاثنين المقبل    اتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتغيبين خلال حملة رقابية على منشآت صحية بالمنيا    الطاقة النووية الأمريكية ترتفع لتلبية الطلب المتزايد لشركات التكنولوجيا العملاقة    روسيا تعرب عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر بالسودان    رئيس جامعة القاهرة يهنئ أساتذتها بقرار رئيس الوزراء باللجنة العليا للمسئولية الطبية    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير خارجية الصين: مستعدون لتعزيز التعاون مع الجزائر    مبادرة "تمكين".. لقاء تفاعلي يجمع طلاب مدرسة النور للمكفوفين وذوي الهمم بجامعة أسيوط    كيف أتخلص من التفكير الزائد قبل النوم؟.. أستاذ طب نفسي يُجيب    «الصحة» تعلن تحقيق إنجازات نوعية في تنفيذ توصية «تمكين المرأة» قبل انطلاق مؤتمر PHDC'25    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    باسل عادل: المتحف المصرى الكبير نقطة تحول حضارية فى مسار الوعى الوطنى    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    عبد الحفيظ: تعاقد الأهلي مع محمد صلاح؟ فكرة بعيدة غير واقعية    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    بنك مصر يقدم مزايا وعروض مجانية خلال فعالية «اليوم العالمي للادخار»    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    ريال مدريد: رفض الطعون المقدمة بشأن دوري السوبر.. وسنطلب تعويضات من يويفا    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    كونسيساو يُكرّس «عقدة» الإقصائيات أمام جيسوس    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرط السطحى!
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 07 - 2014

أريد أن أستشيرك فى أفكار غريبة وتصرفات عايشتها، ولم أجد لها تفسيرا، لكنى أستطيع أن أصفها بأنها «انفلات فكري»، فأنا مستشار علمى بإحدى الهيئات ولى شقيقة تكبرنى بعدة سنوات، وكانت تشغل وظيفة حكومية مرموقة، وتزوجت من قاض يعمل مستشارا بوزارة العدل،، ورزقهما الله بولد وبنت، تخرجا فى الجامعة وشق كل منهما طريقه فى الحياة،
حيث حصل الولد على عقد عمل فى دولة أوروبية، وحرص على قضاء الاجازة السنوية مع أسرته، وتتراوح مدتها بين شهر وشهرين كل عام، وساعد تفوق البنت على التحاقها بشركة كبري، وهى تتسم بقدر عال من الجمال والجاذبية، وينطبق عليها المثل الشعبى «تقول للقمر قوم، وأنا أقعد مكانك»، ثم جاءها عقد عمل فى عاصمة دولة خليجية بمميزات كبيرة، وهى الدولة التى كنت أعمل بها فى ذلك الوقت مستشارا علميا لشركة معروفة بالمدينة نفسها، فكانت فرصة طيبة أن تقيم معى وأسرتي، وسعدت بتوفيق الله لها، ووفقت إجازاتى معها، لنزور مصر معا، ونلتقى بالأهل والأحباب، وبعد ست سنوات رشحتها الدولة الخليجية مع مجموعة من زميلاتها الخليجيات اللاتى يعملن فى نفس مجالها، لبعثة دراسية الى أمريكا لمدة أربع سنوات متواصلة، ولم نقف ضد طموحها، فسافرت، وبدأت دراستها هناك، ثم رحل أبوها عن الحياة، بعد خروجه الى المعاش بشهور، وخلا البيت على شقيقتي، وأحسسنا جميعا بالغربة الشديدة لعدم وجودها بيننا، كما ان شقيقها الأصغر استقر فى الخارج، ولم تفلح وسائل الاتصال الحديثة فى تخليص أمهما من الإحساس بالوحدة.. وكنت أنا أيضا ملهوفا عليها لارتباطى بها، فما بالك بأمها القابعة فى البيت بمفردها ليلا ونهارا، وهى فى هذه السن المتقدمة من العمر.
وحرصت على زيارة شقيقتي، ومتابعة أحوالها قدر استطاعتي، وذات مرة حدثتنى عن رغبتها فى عودة ابنها وابنتها الى مصر ليكونا بالقرب منها، وكفاهما غربة، فلقد بلغ عمر الابن أربعا وثلاثين عاما، والابنة اثنين وثلاثين عاما، وانتهيت معها الى أن أعرض عليهما الأمر، وأترك لهما حرية الاختيار، والحقيقة أننى لم أتوقع استجابتهما السريعة، فلقد أنهى الابن عمله بالدولة الأوروبية، واستخرج الأوراق والمستندات التى تساعده وتسمح له بالعودة إليها فى أى وقت يشاء، وكذلك فعلت الابنة التى لم تزد فترة وجودها بأمريكا على سبعة أشهر، وسوف تخسر الدراسة عندما تنقطع عنها، كما ستخسر عملها بالدولة الخليجية، فلم يثنها شيء عن تلبية رغبة أمها، وفضلت أن تكون الى جانبها.

وهكذا التأم شمل الأم وابنها وابنتها من جديد، ثم طرأ موضوع جديد على حياتنا، وهو أن كثيرين من الشباب يطرقون باب ابنة اختى للارتباط بها، وجميعهم يشغلون وظائف مرموقة، ومن عائلات معروفة فى محافظتنا الصعيدية، وهنا ظهرت المشكلة التى أكتب إليك بشأنها، وهى أن ابنة اختى لا ترتدى الحجاب، أى لا تغطى شعرها، وإننى استغرب أن يكون ذلك مثار خلاف ومحل تحفظ!، صحيح ان العروس جميلة لدرجة تجعل من ينظر إليها يتمتم فى نفسه «تبارك الله فيما خلق».. لكن ملابسها راقية، وهى فتاة أنيقة، محتشمة، مثل كثيرات ممن هن فى مثل سنها واللاتى يرتدين الأزياء الوقورة، ولا يعرفن الموديلات الصارخة، وللأسف فإن ذلك لا يمثل شيئا للشباب فالمهم لديهم تغطية الشعر، وأصبح هذا هو الشغل الشاغل لمن يطلب يدها، فعندما تأتينا سيدة مع ابنها الشاب لخطبتها يكون أول طلب لها هو أن تغطى شعرها، وذات مرة كنت فى زيارة أختى عندما جاءتها والدة عريس يرغب فى الزواج من ابنتها، وعندما اشترطت عليها أن ترتدى غطاء الرأس سألتها: وما الضرر أو الحرج فى أن يظل شعرها مكشوفا، مادامت ترتدى الملابس الأكثر احتشاما ممن يطلق عليهن محجبات، فأقرت والدة العريس بالفعل أن ملابسها ممتازة، ولا ملاحظة عليها، ولكن تظل مسألة تغطية الشعر مهمة، لان مجتمعنا كله تغطى فيه السيدات والفتيات شعرهن، ويجب أن تكون بناتنا مثلهن.

وكررت أنا أيضا السؤال نفسه على الشاب ابن هذه السيدة فى زيارة أخرى فرد علىّ بقوله، ليست لدى مشكلة فى هذه المسألة، ولكنى أطلب منها أن ترتدى الحجاب الى أن يتم الزفاف ثم تخلعه بعد الزواج، لأنى بصراحة أشعر بالحرج من اخواتى وقريباتي، وكلهن محجبات، فتعجبت أن يكون هذا هو تفكير كثيرين من الشباب، فالشرط الوحيد لإتمام الزيجة من وجهة نظر الشاب هو تغطية شعر من سيرتبط بها!! ولا يلقى بالا لأى مطالب أو شروط أخرى كالاحتشام والثقافة والأسرة الطيبة، والاخلاق الحميدة، والمعاملة الحسنة.

لقد تربينا فى الزمن الماضي، ولم يكن الحجاب بمفهومه الحالى قائما وقتها، وكانت أسرنا وبناتنا يكشفن رءوسهن، وكلهن احترام وثقة بالنفس، ولم يجرؤ أحد على مجرد النظر إليهن، فلقد سألتنى اختى عن رأيى فى هذا الشرط فرددت عليها بأننى لا أوافق أن يبدأ الشاب حياته مع زوجته بمثل هذا «الشرط السطحي»، فمن يتمسك بقشور الأمور لا يأمن أحد تصرفاته بعد الزواج، فهل ترانى قد أخطأت فيما أشرت عليها به؟
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
استوقفتنى إشارتك السريعة إلى استجابة ابن وابنة أختك لرغبة أمهما بالعودة من الخارج، وترك أعمالهما ودراستهما ليكونا بجوارها، وليؤنسا وحدتها بعد إحالتها إلى المعاش، وهو موقف يدل على معدنهما الأصيل، وتربيتهما السليمة، ويؤكد فى الوقت نفسه تماسك عائلتكم، وحرصكم على صلة الرحم، وهذه فضيلة كبرى تحسب لكم جميعا، فهنيئا لأختك بهما، وهنيئا لهما بأم أحسنت تربيتهما.

أما مسألة الحجاب واشتراط من يتقدم للارتباط بابنة شقيقتك تغطية شعرها، فإن أبلغ تعبير والذى أؤيدك فيه تماما هو ما وصفته بأنه «شرط سطحى».. وإنى أتساءل: ماذا يجدى غطاء الرأس والبنت أو السيدة ترتدى ملابس مجسمة ومثيرة، وتضع كل ألوان الماكياج الصارخة؟..أليست الملابس المحتشمة التى تغطى الجسم كله، ولا تبين مفاتنه هى الأفضل؟.. فكشف الشعر وحده لايمثل أى نوع من الإثارة، وهناك كثيرات يرتدين الحجاب من باب العادة، أو مسايرة لأسرهن، أو بفرض من أزواجهن، دون أن يكون داخلهن الاقتناع الكافى به.

والأمر برمته يرتبط بالثقافة السائدة فى المجتمع، وإنى أوافقك تماما فى هذه المسألة فالوضوح والصراحة هما عنوان حياة ابنة اختك التى أراها من وصفك لها ولمشوارها فى الحياة فتاة ناضجة عاقلة متزنة ومتسقة مع نفسها ولديها قناعة داخلية بذاتها وكيانها، وتنظر إلى الأمور بمقياس العقل وتتعامل مع الآخرين بشفافية، وهى صفات تؤهلها لأن تكون زوجة وأما ناجحة، وتكرر تجربة والدتها التى ربتها هى وشقيقها وقدمتهما كنموذجين مثاليين فى الحياة، فلا تقلق ياسيدى على ابنة شقيقتك. وسوف يطرق بابها الرجل المناسب لها من كل الوجوه.. رجل يقدرها ويعرف قيمتها الحقيقية بعيدا عن «الشرط السطحى» !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.