100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    ذات يوم مع زويل    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    «التخطيط» تبحث مع «التمويل الدولية» تمكين القطاع الخاص    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الانخفاض الكبير عالميًا    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    "عام الفضة " دلالة على انهيار المنظومة الاقتصادية ..تدهور الجنيه يدفع المصريين إلى "الملاذ الفضي"    التكنولوجيا المالية على مائدة المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة    منظمات حقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على «تل أبيب»    مجزرة جديدة للاحتلال.. غزة في «مفترق طرق»    مسؤول أممى: وضع غزة كارثي.. ونوعية المساعدات لا تقل أهمية عن كميتها    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    الدوري الإسباني، أتلتيكو مدريد يحقق فوزا مثيرا على أوساسونا في الجولة ال9    منتخب الكرة الطائرة جلوس يهزم البرازيل ويتوج بطلا لكأس العالم    اتحاد الكرة يهنئ بيراميدز بعد التتويج بكأس السوبر الأفريقي    التحفظ على سلع غذائية منتهية الصلاحية في حملات رقابية على الأسواق بالإسكندرية    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    حبس عاطلين سرقا هاتفًا وحقيبة في القاهرة    بحوزتهما هيروين وسلاح.. ضبط عاطل وفتاة يروجان المخدرات ببنها    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    تجنب الجدال الانفعالي.. حظ برج القوس اليوم 19 أكتوبر    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    اليوم، ختام زيارة قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير    منة شلبي: أنا هاوية بأجر محترف وورثت التسامح عن أمي    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    فوائد شرب القرفة باللبن في المساء    لا مزيد من الإحراج.. طرق فعالة للتخلص من رائحة القمامة في المطبخ    الطعام جزء واحد من المشكلة.. مهيجات القولون العصبي (انتبه لها)    ليبيا.. البرلمان يعلن انتهاء الاقتراع فى انتخابات المجالس البلدية دون خروقات    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس تسلم جثتين لرهينتين إلى إسرائيل وتؤكد: لا نرغب بالمشاركة فى أى ترتيبات تتعلق بإدارة قطاع غزة.. رحيل زعيم المعارضة الأرجنتينية أثناء بث مباشر لمناظرة سياسية    إبراهيم العامرى: والدى كان يعشق تراب الأهلى.. وأنا مشجع درجة ثالثة للأحمر    عادل عقل: بيراميدز يسطر تاريخا قاريا بعد الفوز بالسوبر الأفريقى.. فيديو    مهرجان الجونة السينمائى يمنح كيت بلانشيت جائزة بطلة الإنسانية    مصرع طفل دهسًا تحت أقدام جاموسة داخل منزله بمركز دار السلام فى سوهاج    مصرع شخص إثر انقلاب سيارته على طريق مصر - الإسماعيلية    أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    د.حماد عبدالله يكتب: "السرقة" تحت مسمى مقتنيات!!    كولومبيا تنتزع برونزية كأس العالم للشباب من فرنسا    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة الدولي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتسلم جثمانين لرهينتين من الصليب الأحمر    مباراة ب 6 ملايين دولار.. سينر يتوج ببطولة الملوك الستة في السعودية للمرة الثانية على التوالي    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    الوطنية للانتخابات: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة الكثافات الانتخابية    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدوان على غزة.. أسئلة حائرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 07 - 2014

عود على بدء قديم.. فقد كنت ممن نذروا جهدهم للقضية الفلسطينية لسببين، أولهما أن فلسطين وسائر بلاد الشام، كجغرافيا طبيعية وسياسية، تقع فى صميم
حزام الأمن الوطنى المصرى الذى حدده أسلافنا المصريون القدامي، بأنه يمتد شمالا إلى منابع المياه المعكوسة «دجلة والفرات» وجنوبا إلى قرن الأرض، أى القرن الإفريقي، وثانيهما أن الكيان الصهيونى أو الدولة العبرية يمثل ويجسد أعتى صور الاستعمار الاستيطانى العنصرى، ولابد من مقاومته وتصفيته طال الزمن أم قصر.
ولأننى كنت وبقيت للآن كذلك، فإن علاقتى وأظن عديدين مثلى بالقضية الفلسطينية تراوحت بين السعى للفعل المقاتل وبين الانخراط الذى لم يتوقف وإن أصابه الفتور أحيانا فى الفعل المقاوم.. إذ الفرق بين الفعلين واضح وهو اختلاف فى الدرجة، وإن كنت أعتقد أن الفعل المقاوم أكثر اتساعا وشمولا من المقاتل الذى قد يقتصر على حمل السلاح أو إطلاقه.
وقبل أن أستطرد أود أن ألمح إلى إجابة سؤال افتراضى أحسبه يراود البعض، وهو أليس فى القضية الفلسطينية بعد ثالث وهو البعد الدينى، لأن أرض فلسطين فيها أولى القبلتين وثانى الحرمين ومنها كان المعراج، وفيها مهد المسيح ومواطئ أقدامه وكنيسة القيامة، وأقول أن فيها أيضا مثوى النبى إبراهيم وبقية سلالته من إسحق؟! وأجيب أننى أعتقد أن البعد الدينى على هذا النحو هو الذى يجعل لكل طرف من أطراف الصراع حجته الدينية، أما البعدان الوطنى والتحررى فلا مجال للصهاينة أن يزعموا فيهما شيئا، والتفاصيل فى ذلك كثيرة ليس هذا مجالها. ثم إننى عدا تأديتى الخدمة العسكرية الإجبارية فى وطنى مصر خلال الفترة من 1973 إلى 1976، فقد سارعت إلى السعى لمواجهة الصهاينة قتاليا أثناء غزوهم لبنان 1982 وكنت من وراء تجهيز الطائرة التى حملت المتطوعين للقتال من الشارقة بالإمارات العربية إلى دمشق، وكنت على متن الطائرة وتقدمت إلى المسئولين السوريين فى معسكر «عدرا»، الذين كانوا مسئولين عن استقبال وتوجيه المتطوعين إلى جبهة القتال، وفى ذلك قصة مأساوية كبيرة كتبت بعض فصولها فى مرات سابقة.
ولقد بدأ جيلى وعيه بقضية فلسطين مع تفتح وعيه بقضية التحرر من الاستعمار وبمواقف ثورة يوليو وعبدالناصر، وكبرنا حتى صار معظم خطابنا السياسى والثورى فى الحركة الطلابية والشبابية المصرية منذ مطلع السبعينيات، يقوم على عمود فقرى هو قضية فلسطين وتحرير التراب المحتل.
ولقد شاء حظى أن التقى قادة منظمة التحرير، وعلى رأسهم ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وهايل عبد الحميد وفاروق قدومي، العديد من المرات وخاصة فى بيروت، ولم يخل الأمر من مناوشات جادة كنت بالطبع البادئ فيها، ومنها ذلك الموقف الذى جرى فى العاصمة الجزائرية عندما استقبل ياسر عرفات الضيوف المصريين الذين يشاركون فى الدورة ال 17 للمجلس الوطنى الفلسطيني، وكان الوفد المصرى حاشدا بما يزيد على مائة شخصية، ووقفت فى الطابور حيث سيمر أبو عمار للسلام، وكان مكانى بين السيدين أمين هويدى ومحمد فائق وسلم عرفات على الأول ثم تجاهلنى ليسلم على الثانى، فإذا بالسيد أمين هويدى، رحمة الله عليه، يستوقفه فورا ويسأله إذا لم يكن قد رآنى.. ورد عرفات بعصبية: أنا لا أسلم على من يريد تخريب المؤتمر، واستطرد بأن الدكتور عصمت سيف الدولة وفلان الذى هو أنا تعمدنا توزيع كراسة عنوانها «هذه الدعوة للاعتراف المستحيل» كتبها الدكتور عصمت وكتبت المقدمة، وطبعت الكراسة فى مطابع دار الخليج التى أعمل بها بالإمارات، وحملت معى خمسمائة نسخة إلى الجزائر!
غاية ما أود الإشارة إليه هو أن علاقة أجيال مصرية بقضية فلسطين قتالا ومقاومة منذ ما قبل 1948 وإلى الآن، هى علاقة عضوية لا يمكن ولن يمكن لأحد أو لظروف أن تفصمها! ولكن ما الذى جرى حتى يفصح شخص يعتبر قضية فلسطين نذر حياته، فيقول ويعترف بأن فتورا اعتراه تجاهها؟!
الإجابة مركبة وتبدأ من الآخر.. أى من النقطة التى نعيشها الآن ومنذ عدة أعوام، أى الوضع الراهن للسياق والذى فرض سؤالا مخيفا بل ومرعبا هو: فى مجال الأمن الوطنى المصرى هل يمكن إنكار أن الكيان الصهيونى يمثل خطرا قويا على مصر، وأن الجماعات التى تزعم اتخاذ الإسلام مرجعية لها وتحمل السلاح وتسيطر على الحدود المباشرة مع مصر ومعروف رؤيتها التى قد تصل إلى أن تحرير القاهرة بأسلمتها مقدم على تحرير القدس وفلسطين تمثل هى الأخري، وكما عشنا وعايشنا وعانينا، خطرا على مصر؟!
ثم هل تجوز المفاضلة بين خطرين أحدهما تمت فرملته ولو مؤقتا باتفاقيات كامب ديفيد المعيبة، وثانيهما لم يمكن فرملته حتى الآن؟
الإجابة عندى هى للسؤال الأول نعم إن الكيان الصهيونى وتلك الجماعات المتأسلمة تمثل خطرا على الأمن المصرى، أما السؤال الثانى فهو عندى أنه لا تجوز المفاضلة، لأن الكيان الصهيونى لا يستهدف فلسطين فقط وإنما مصر أيضا، ولا يريد لها أن تنهض بحال من الأحوال، ولا أكاد أشك لحظة واحدة فى أن الترتيب لمجيء التيارات المتأسلمة للحكم فى دول الطوق «مصر سوريا» وانتعاشها بقوة فى الأردن والعراق ولبنان، ناهيك عن ليبيا وتونس كان بمباركة صهيونية، لأن الصهاينة يعلمون أن مقتل النهوض العربى والتحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار، هو فى وصول تلك القوى إلى موقع اتخاذ القرار.
لقد جرت فى نهر الأحداث مياه وصخور وشوائب بغير حصر، وإذا فتحنا الباب لقراءة نقدية صارمة لوجدنا أن جميع الأطراف تحمل وزر تقطيع أوصال رحم العلاقة بين مصر وبين فلسطين، وأصبح معضلا أن نعيد إنتاج الحقيقة الجيوسياسية واستراتيجية مرة أخرى بالأسلوب نفسه، وإن كانت المعطيات لم تتغير.. وأعنى بها حقيقة أن قضية فلسطين هى جوهر الأمن الوطنى المصرى، وبذا فهى قضية مصرية بالأساس.. ورحم الله أياما أقام فيها الفلسطينيون سرادقا لتقبل العزاء فى وفاة سعد باشا زغلول عام 1927، ورحم الله أياما بكى فيها الفلسطينيون وذرفوا الدمع والدم على جمال عبد الناصر مثل المصريين، وربما أكثر من بعض المصريين!
نعم.. فلسطين عربية.. ونعم الصهاينة محتلون استعماريون استيطانيون ولابد من مواجهتهم آجلا أو عاجلا.. ونعم .. كذلك لأن حماس ومن على شاكلتها تمثل خطرا بدرجة أو أخرى ومن نوع مختلف على مصر، ومن ثم كيف نستطيع إدارة التعامل مع تلك الأخطار تعاملا لا يضرب الأمن الوطنى المصرى والقومى العربى فى صميمه، ولا يسمح لأن تكون ممارسات المتأسلمين بوابة ينفذ منها كل ما ومن يريد ذبح القضية الفلسطينية، تقربا لنصيب فى شرق أوسط جديد توزع فيه كعكة المصالح بإشراف صهيو أمريكى مباشر؟ وكيف نستعيد خطابنا الوطنى والقومى التحررى المواجه للاستعمار الاستيطانى العنصرى والإمبريالى العالمي، ونصوغه مجددا وننعش به ذاكرة الجماهير؟!
لمزيد من مقالات أحمد الجمال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.